"قانون القومية" يلامس هوية الدولة وبنيتها القانونية

يرتبط "قانون القومية"، المتوقع أن تقره الكنيست اليوم بالقراءتين الثانية والثالثة، بسياق سياسي ينطوي على جملة تطورات حصلت على مستوى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وأحدثت هزات ارتدادية داخل المجتمع الإسرائيلي

يرتبط "قانون القومية"، المتوقع أن تقره الكنيست اليوم بالقراءتين الثانية والثالثة، بسياق سياسي ينطوي على جملة تطورات حصلت على مستوى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وأحدثت هزات ارتدادية داخل المجتمع الإسرائيلي، نتج عنها تحولات عميقة في بنيته السياسية وعبرت عن ذاتها في العقد الأخير.

ومن الجدير أن نذكر أن مشروع القانون الذي وضع على جدول أعمال الكنيست منذ سبع سنوات، جاء في ظل رفض الجانب الفلسطيني الاستجابة لشرط الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهي الورقة التي بدأت حكومة اليمين الإسرائيلي، بقيادة نتنياهو، التلويح بها لوضع المزيد من العقبات في وجه العملية السياسية المتعثرة.

وبدون شك، فإن طرح شعار تحويل إسرائيل إلى "دولة كل مواطنيها"، الذي صاغه الدكتور عزمي بشارة وسوقه التجمع الوطني الديمقراطي وتحول إلى مطلب عام لفلسطينيي الداخل، وترافق مع العملية السياسية التي بدأت في أوسلو، هذا الشعار، كما العملية ذاتها، أثارا النزعات والاتجاهات الدينية الاستيطانية المتطرفة التي وجدت تعبيرها السياسي بتيار الصهيونية الدينية، مجسد بحزب "البيت اليهودي" بشكل خاص، في حين يطغى تأثيره السياسي والأيديولوجي على الساحة الإسرائيلية ويكاد يهيمن على سياسة حكومة نتنياهو.

لقد شعر هذا التيار الذي كان هامشيا على مدى المسيرة التاريخية الصهيونية، بأنه يسيطر للمرة الأولى على الفعل الاستيطاني الذي يشكل جوهر الفكرة الصهيونية، ما يجعله الوريث الشرعي للآباء المؤسسين، أو المستوطنين الأوائل، وأنه هو المؤهل لاستكمال ما بدأوه في الـ 48 وقبل ذلك وفرض السيطرة الإسرائيلية على كامل فلسطين التاريخية.

الصهيونية بحلة دينية، التي تستعمل أسلوب الضم الزاحف للمناطق المحتلة عام 67 ، مبتدئة بمناطق "جـ"، تدرك أن الظروف الدولية لن تساعدها في القيام بعملية تطهير عرقي كالتي قامت بها الصهيونية العلمانية عام 1948 لتغيير الواقع الديمغرافي في فلسطين، ولذلك تسعى إلى إنشاء بنية قانونية تحفظ التفوق اليهودي الذي كان محفوظا بحكم الأغلبية الديمغرافية، حتى لو اقتربت تلك البنية من نظام الأبرتهايد.

وتقود وزيرة القضاء المنتمية للبيت اليهودي، أييلت شكيد، بنجاح كبير هذا التغيير في بنية النظام القانوني الإسرائيلي، عبر تشريع جملة قوانين وإجراءات وتعيينات تهدف إلى لي عنق أهم معاقل اللبرالية الإسرائيلية، المتمثل بالجهاز القضائي والمحكمة العليا، وتطويعه وتوظيفه لصالح المشروع الاستيطاني الصهيوني الديني، الذي يقوده حزبها من خلال حكومة نتنياهو.

خلاصة القول أنه من الخطأ الوقوع في معادلات المفاضلة بين اليهودية والديمقراطية في تعريف دولة إسرائيل لذاتها، حيث لا يدور الحديث عن زيادة في اليهودية على حساب الديمقراطية ببضع كيلوغرامات، إن صح التعبير، وكما يجري تصوير ذلك في وسائل الاعلام العبرية، أو ما يجري النقاش حوله من بعض بنود القانون الشكلية، لأن "قانون القومية" بجوهره وديباجته وبنوده الأصلية والمعدلة يمس ماهية الدولة (إسرائيل) وهويتها السياسية والأيديولوجية، بل هو بتعبير أستاذ القانون الإسرائيلي بروفيسور مردخاي كرمنيتسر، انقلاب كامل، يقتلع بضربة واحدة القاعدة القيمية الأساسية التي تقوم عليها الدولة، ويضع حدا لإسرائيل "كدولة يهودية ديمقراطية" تلتزم بمبادئ "وثيقة الاستقلال" وبالقيم اللبرالية العامة، ويخلق بالمقابل دولة يهودية، قومجية، دينية مناهضة للقيم الإنسانية واللبرالية. ويضيف أنه في حال ضم المناطق المحتلة فان تعريف إسرائيل كـ "دولة الشعب اليهودي" سيكون أحد إصدارات مدرسة الأبرتهايد في طريقها للاستيلاء على الكنيست.

وفي ما يلي النص النهائي لـ"قانون القومية" (قانون أساس: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي):

1) المبادئ الأساسية

(أ‌) أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل.

(ب‌) دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير.

(ج‌) ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي.

2) رموز الدولة

(أ‌) اسم الدولة "دولة إسرائيل".

(ب‌) علم الدولة أبيض وعليه خطان باللون الأزرق وفي وسطه نجمة داوود زرقاء.

(ت‌) شعار الدولة هو الشمعدان السباعي، وعلى جنبيه غصنا زيتون، وكلمة إسرائيل تحته.

(ث‌) النشيد الوطني للدولة هو نشيد "هتكفا".

(ج‌) تفاصيل رموز الدولة تحدد في القانون.

3) عاصمة الدولة

القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل.

4) اللغة

(أ‌) اللغة العبرية هي لغة الدولة.

(ب‌) اللغة العربية لها مكانة خاصة في الدولة؛ تنظيم استعمال اللغة العربية في المؤسسات الرسمية أو في التوجه إليها يكون بموجب القانون.

(ت‌) لا يمس المذكور في هذا البند بالمكانة الممنوحة فعليًا للغة العربية.

5) لمّ الشتات

تكون الدولة مفتوحة أمام قدوم اليهود ولمّ الشتات.

6) العلاقة مع الشعب اليهودي

(أ‌) تهتم الدولة بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها، الذين تواجههم مشاكل بسبب كونهم يهودًا أو مواطنين في الدولة.

(ب‌) تعمل الدولة في الشتات للمحافظة على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.

(ت‌) تعمل الدولة على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي لدى يهود الشتات.

7) الاستيطان اليهودي

تعتبر الدولة تطوير استيطان يهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته.

8) التقويم الرسمي

التقويم العبري هو التقويم الرسمي للدولة، وإلى جانبه يكون التقويم الميلادي تقويمًا رسميًا.

9) يوم الاستقلال ويوم الذكرى

(أ‌) يوم الاستقلال هو العيد القومي الرسمي للدولة.

(ب‌) يوم ذكرى الجنود الذين سقطوا في معارك إسرائيل ويوم ذكرى الكارثة والبطولة هما يوما الذكرى الرسميين للدولة.

10) أيام الراحة والعطل

يوم السبت وأعياد الشعب اليهودي هي أيام العطلة الثابتة في الدولة. لدى غير اليهود الحق في أيام عطلة في أعيادهم، وتفاصيل ذلك تحدد في القانون.

11) نفاذ القانون

أي تغيير في هذا القانون يستلزم أغلبية مطلقة من أعضاء الكنيست.

 

التعليقات