إسرائيل تمتنع عن التصعيد: هل وجدت حماس ثغرة في "القبة الحديدية"؟

الكابينيت الإسرائيلي رفض خطة ليبرمان بتصعيد عسكري كبير ضد قطاع غزة، ووافق على خطة مناقضة طرحها الجيش وتقضي باستمرار مواجهة الوضع في القطاع من خلال العمل العسكري ضد المتظاهرين عند السياج الأمني، خاصة أيام الجمعة

إسرائيل تمتنع عن التصعيد: هل وجدت حماس ثغرة في

متظاهرون عند شاطئ القطاع قرب السياج الأمني (أ.ب.)

لم يُصدر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) أي بيان حول نتائج اجتماعه مساء أمس، الأربعاء، والذي جرى خلاله التداول في تصعيد الوضع بعد إطلاق قذيفتين صاروخيتين من قطاع غزة، سقطت إحداهما على بيت في بئر السبع والأخرى في البحر قبالة وسط البلاد. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على عشرين هدفا في القطاع. من جهة ثانية، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي في أعقاب مداولات لتقييم الوضع، صباح اليوم الخميس، عن عودة الحياة إلى طبيعتها في منطقة "غلاف غزة" وجنوب البلاد.

ويأتي ذلك فيما كان يوم أمس مشحونا بالتوتر وينذر بتصعيد كبير، وفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية وتهديدات وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي دعا إلى "إنزال ضربة شديدة جدا على حماس" في القطاع. لكن هدوءا شديدا ساد المنطقة منذ صباح أمس وحتى الآن.

ويبدو أن لا أحد بين المشاركين في اجتماع الكابينيت يأبه بتهديدات ليبرمان، أو على الأقل بتنفيذ هذه التهديدات حاليا. فقد تم إرجاء انعقاد الكابينيت من السابعة إلى التاسعة مساء، وخلال ذلك اجتمع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على انفراد مع رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، الذي عاد إلى إسرائيل للتو بعدما قطع زيارة للولايات المتحدة. ودام اجتماع الكابينيت خمس ساعات ونصف الساعة، وصدرت تعليمات للمشاركين فيه بعدم التحدث إلى الإعلام.

لكن الوزير يوءاف غالانت، عضو الكابينيت، قال خلال مؤتمر لمقاولي البناء في إيلات، ظهر اليوم، إنه "لن أتطرق إلى مضمون مداولات الكابينيت، لكن بإمكاني قول أمر واحد بصورة واضحة جدا، وهو أن قواعد اللعبة سوف تتغير. ونحن لن نقبل بإرهاب النار وإرهاب السياج بعد الآن". وتعني أقوال غالانت أن الكابينيت قرر عدم شن عدوان جديد ضد قطاع غزة، مثلما يطالب ليبرمان، وإنما سيعمل الجيش الإسرائيلي ضد المتظاهرين عند السياج الأمني المحيط بالقطاع، خاصة أيام الجمعة.

وفي هذا السياق، ذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية باللغة العبرية "كان"، اليوم، أن مداولات الكابينيت بحثت في خطتين عسكريتين مختلفتين تجاه غزة. الأولى طرحها ليبرمان والثانية استعرضها آيزنكوت. ونقلت الإذاعة عن مصدرين قولهما إن خطة الجيش قضت بعمل عسكري محدود نسبيا ويتلاءم مع التطورات الميدانية، بينما الخطة التي طرحها ليبرمان كانت هجومية ودعت لشن عمليات عسكرية شديدة القوة ضد حماس "بكل ما يعني ذلك". وقال أحد المصدرين أن القيادة السياسية قررت خلال اجتماع الكابينيت أن الاختبار سيكون يوم غد، الجمعة، وأن التعليمات الصادرة للجيش تقضي "بالتعامل بشدة زائدة مع العنف عند السياج".

وتقضي الخطة التي طرحها الجيش في اجتماع الكابينيت، وتم إقرارها، بأن تطلق القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين الفلسطينيين فيما هم بعيدون عن السياج الأمني، ما يعني توسيع "المنطقة العازلة" بين السياج الأمني ومواقع المظاهرات الفلسطينية. كذلك تقضي الخطة بتصعيد استهداف الشبان الذين يطلقون البالونات والطائرات الورقية الحارقة.

وحول رفض خطة ليبرمان، قال رئيس الدائرة السياسية – الأمنية السابق في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس غلعاد، لـ"كان" إنه "يجب استنفاذ كافة الطرق كي لا نصل إلى مواجهة في غزة، ومن خلال الحفاظ على الأمن. ليس مهما من أطلق القذيفة باتجاه بئر السبع، فحماس تسيطر في غزة وكل ما ينبغي أن تستخلصه من هذا الحدث هو أنه الأجدى لها أن تعود بسرعة إلى الهدوء لأن حكمها قد يكون في خطر".

رسائل حملتها القذائف الصاروخية أمس

فاجأ إطلاق القذيفتين الصاروخيتين من القطاع باتجاه بئر السبع، حيث دمرت بيتا، وباتجاه وسط إسرائيل، حيث سقطت في البحر، لأنه لم يكن لدى إسرائيل إنذارا استخباريا مسبقا. ويدور النقاش الآن حول ما إذا كانت قيادة حماس أو الجهاد الإسلامي على علم مسبق بإطلاق القذيفتين أم أن مطلقيهما عملوا وحدهم أو أنهم ينتمون إلى تنظيم لا ينصاع لسلطة حماس.

لكن الأهم من ذلك كانت الأسئلة التي طرحها المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم. "لماذا لم ترد (تعترض) القبة الحديدية على إطلاق القذيفة؟ وواضح الآن أنه لم يكن هناك إنذارا مسبقا وعلى ما يبدو أنه لا يوجد دفاع كامل في القبة الحديدية. وينضم إلى ذلك سؤال مثير للقلق آخر وطُرح قبل عدة أيام، عندما أطلقت القبة الحديدية صواريخ من دون وجود أهداف. وتطرح هذه الأحداث العفوية اشتباها: ربما توجد بحوزة حماس قدرة ما، أو ربما وجد أحد ما ثغرة تمس بقدرة القبة الحديدية؟".

من جانبه، رجح الصحافي المختص بالشؤون الفلسطينية، يوني بن مناحيم، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" اليوم، أن إطلاق القذيفتين، من دون أن يتبنى أي فصيل في القطاع المسؤولية عنهما، ولكن خططت لإطلاقهما حماس والجهاد الإسلامي. والهدف هو نقل رسالة مزدوجة إلى مصر وإسرائيل. "الرسالة إلى مصر هي أن حماس والجهاد الإسلامي ليستا راضيتين من وايرة الوساطة، التي لم تحقق نتائج بكل ما يتعلق برفع الحصار عن القطاع".

وأضاف أن "الرسالة إلى إسرائيل كانت موجهة على ما يبدو إلى الكابينيت الذي انعقد أمس، الذي كان يتوقع أن يبحث في اقتراح ليبرمان بإنزال ضربة عسكرية شديدة" على الفصائل في القطاع. وسعت الفصائل من خلال إطلاق القذيفتين إلى تحذير الحكومة الإسرائيلية بأن عليها الامتناع عن خطوة كهذه وأن تظهر لها أن بمقدورها إنزال ضربات مؤلمة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية".

التعليقات