أبحاث ومؤشرات عالمية: قوة وتأثير إسرائيل في تراجع

"إسرائيل أهدرت العقد الأخير ولم تحسّن مواطن الضعف التي كُشفت قبل عشر سنوات. وعدم التقدم في المجالات التي تحدد قوة الدولة – وهي ليست الجيش والأمن فقط – ستقود إسرائيل إلى تراجع دراماتيكي في مكانتها وقدراتها، حسبما يحذر قادة OECD"

أبحاث ومؤشرات عالمية: قوة وتأثير إسرائيل في تراجع

الدراسة تؤكد على أن تكلفة الاحتلال أضعفت إسرائيل بكافة المجالات (أ.ب.)

يتفاخر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بقوة وتأثير إسرائيل في العالم، ويقول إنها الدولة العظمى الثامنة عالميا، وأن جيشها يحتل المرتبة الثالثة، بعد الولايات المتحدة وروسيا. وهو ينسب هذه "الإنجازات" لنفسه. ورغم أن الحقائق، وتفاصيلها في السطور التالية، مخالفة تماما لادعاءات نتنياهو. إلا أن هذا الأخير لا يأبه بهذه الحقائق التي اطلع عليها، ويواصل تضليله ويقول إنه "يصعب استيعاب ذلك، وببساطة يصعب تصديق، وكل هذا بفضل سياسة حكومتنا".

لكن استطلاعا ضخما أجراه معهد "غالوب" بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا وتحت رعاية مجلة" US News and World Report"، أظهر أن إسرائيل ليست القوة العظمى الثامنة في العالم، وجيشها ليس ثالث أقوى جيش وغير ذلك. وشمل الاستطلاع 21 ألف شخص، من دول مختلفة، طولبوا بمنح علامات لثمانين دولة في تسعة مجالات تتعلق بمواضيع اقتصادية واجتماعية وسياسية. ولفت تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الجمعة، إلى أن معظم المشاركين في الاستطلاع لم يزوروا الدول الثمانين التي سُئلوا عنها، أو أنهم زاروا بعضها، كما أن معلوماتهم عنها محدودة. ولذلك، فإن الاستطلاع فحص صورة وسمعة هذه الدول لدى المستطلعين.

وتبين من هذا الاستطلاع أن إسرائيل تحتل المرتبة الثلاثين عالميا، وسبقت المكسيك، لكنها جاءت بمراتب بعد البرازيل. ولكن لدى إجابتهم على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل دولة مثيرة وينعم العيش فيها، وصلت إلى المكان السبعين، من أصل ثمانين دولة. بينما في مجال الانفتاحي التجاري، وصلت إلى المكان 64. وتبين أن المستطلعين ينظرون إلى إسرائيل على أنها دولة ذات علاقات دولية وتأثير سياسي عال في العالم، لكنها لا تعتبر "دولة قائدة". كذلك تبين أن المستطلعين ينظرون لإسرائيل على أنها دولة عدوانية وعسكرية، مثل الصين، ومجتمعها ليس وديا، وإنما هو محافظ ومتزهد.

مؤشر القوة العسكرية

ونشرت الصحيفة نتائج دراسة أجراها ثلاثة باحثين إسرائيليين، هم المسؤول الكبير السابق في الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي الأسبق، البروفيسور عوزي أراد، والدكتورة روت أراد وغبريئيل هرئيل، الذين أجروا مسحا لمعطيات جمعتها مؤسسات ومعاهد أبحاث، دققت في قوة دول مختلفة في العالم، وفق معايير موضوعية وقابلة للقياس. والتدريج الذي توصلوا إليه يعتبر موثوقا ويستخدمه صناع القرار في العالم في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، كأسا لعملهم ومن أجل وضع غايات.

وحصل المحلل العسكري في الصحيفة، أليكس فيشمان، على مسودة الدراسة التي أجراها الباحثون الثلاثة لصالح "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب. وتدل مسودة الدراسة على "اتجاه مقلق جدا. ويتضح أن إسرائيل كانت في أوج قوتها ونموها في نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. ومنذئذ، تسير في مكانها (أي لم تتقدم) أو تتراجع في معظم المقاييس التي تفحص قوة الدولة". ويذكر أن نتنياهو عاد إلى رئاسة الحكومة في نهاية العقد الماضي، عام 2009.

ويتعقب أحد المشاريع البحثية، منذ العام 2006، القوة العسكرية لـ136 دولة، استنادا إلى 50 مؤشرا مختلفا، بينها كمية الأسلحة ونوعيتها، القدرة النووية، العضوية في تحالفات عسكرية، القوى البشرية، الصناعات الأمنية، الكنوز الطبيعية، المواصلات وغيرها

نتنياهو والسفير الأميركي في إسرائيل في الجولان المحتل، الأسبوع الحالي (أ.ب.)

وتحتل إسرائيل المرتبة 16 في تدريج القوة العسكرية، ليس الثالثة كما يزعم نتنياهو. وتسبقها في هذا التدريج تركيا في المرتبة الثامنة، ومصر في المرتبة 12، وكذلك إيران التي كانت في المرتبة 21 وأصبحت الآن في المرتبة 13. وهذا المؤشر لا يتعامل مع قوة الجيش فقط وإنما مع مساحة الدول وعدد سكانها أيضا. ولفت فيشمان إلى أنه عندما شدد مفوض شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، على أن الجيش الإسرائيلي ليس جاهزا اليوم للحرب، فإنه كان يتطرق إلى مستوى الحِرفية ونوعية القيادة والشجاعة والمعنويات والمحفزات.

والمرتبة التي تحتلها إسرائيل في مؤشر القوة العسكرية، يعتمد إلى حجم الإنفاق المالي المرتفع للنواحي الأمنية. وتحتل إسرائيل المرتبة الثانية في الإنفاق على الأمن للفرد الواحد، بعد السعودية.

الترسانة النووية

وفقا لمعهد Arms control، وهو معهد أميركي مستقل يتابع انتشار الأسلحة، ومعهد  SIPRI السويدي لأبحاث السلام، فإن الترسانة النووية الإسرائيلية تشمل 80 رأسا حربيا نوويا. وهناك تسعة دول في العالم التي يوجد بحوزتها سلاح نووي – وهي: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين، الهند، باكستان وكوريا الشمالية، إضافة إلى إسرائيل. وتظهر معطيات المعهدين أن قوة إسرائيل النووية تراجعت مقابل باقي دول هذه المجموعة. وبحسب المعهدين، فإن الهند وباكستان استمرتا في التطوير النووي، وتجاوزتا إسرائيل من حيث كمية الرؤوس الحربية النووية، وأن إسرائيل تراجعت في هذا المؤشر، في العام 2010، من المرتبة السادسة إلى السابعة، وتراجعت مرة أخرى، في العام 2012، إلى المرتبة الثامنة.    

وأفادت أبحاث المنتدى الاقتصادي العالمي بأن إسرائيل والصين تتبادلان المرتبتين الثانية والرابعة في مجال السايبر الهجومي. وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى، وروسيا المرتبة الثالثة. واحتلت إسرائيل، في السنوات الأخيرة، الأماكن 11 – 20 في السايبر الدفاعي. ويتبين من هذه الأبحاث أيضا، أن إسرائيل تدفع ثمنا باهظا، بكافة المقاييس، كي تحتل هذه المراتب في المؤشرات الأمنية. 

سُمعة دولية متدهورة

وبحث مؤشر "بورتلاند" الأميركي للقوة "الناعمة" أي التأثير السياسي والثقافي ومن دون استخدام القوة، لثلاثين دولة رائدة. ووصلت إسرائيل إلى المرتبة 26 في العام 2015. لكن في العامين 2017 و2018 تراجعت إلى المرتبة 31. والدول الرائدة في هذا المجال هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة واليابان.  

وحلّت إسرائيل في المرتبة 34 بين 100 في مؤشر الحضور الدولي، وفقا لمعهد الأبحاث "إل كامو" الإسباني. ووصلت إلى المرتبة 34 من 42 دولة في مؤشر العلاقات الدبلوماسية، وفقا لمعد L0WY الأسترالي. ووصلت إسرائيل في مؤشر السُمعة الدولية لمعهد RepTrak، الذي يدمج ما بين جودة الحكم وجودة الحياة وجودة المؤسسات ومستوى التطوير، إلى المكان 40 بين خمسين دولة. وتوجد في رأس القائمة السويد وفنلندا وسويسرا والنرويج.  

ووصلت إسرائيل في مؤشر الدول التي تسهم للعالم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والثقافة والنظام العالمي والصحة وما إلى ذلك، إلى المرتبة 53 من بين 163 دولة. وعقب فيشمان أنه "لريش الطاووس الذي تتباهى فيه إسرائيل بإسهامها للأغيار، لا يوجد رصيد".   

وتحتل إسرائيل المرتبة 11 في مجال التجديد، وفقا لتدريج جامعة كورنل ومدرسة الأعمال instead بالتعاون مع الأمم المتحدة. لكن في مجالات الاستقرار السياسي والأمني وصلت إسرائيل إلى المرتبة 102 في العالم، وفي مجال تطبيق القانون إلى المرتبة 107. ومن بين 73 دولة، وصلت إسرائيل إلى المرتبة 43 في مجال التعليم، وإلى حضيض دول OECD. ووصلت إلى المرتبة 30 في مؤشر المناعة الاجتماعية من بين 138 دولة، وذلك بسبب انعدام المساواة في التعليم والفرص والدخل.

ومن حيث ثقة الجمهور بمنتخبيه، وفقا لتدريج المنتدى الاقتصادي العالمي، تراجعت إسرائيل في السنة الأخيرة من المرتبة 29 إلى المرتبة 50 بين 137 دولة.

وكتب الباحثون الثلاثة في تقريرهم أن "إسرائيل أهدرت العقد الأخير ولم تحسّن مواطن الضعف التي كُشفت قبل عشر سنوات. وعدم التقدم في المجالات التي تحدد قوة الدولة – وهي ليست الجيش والأمن فقط – ستقود إسرائيل إلى تراجع دراماتيكي في مكانتها وقدراتها، التي يحذر قادة OECD منها أثناء لقاءاتهم مع القيادة الإسرائيلية".

التعليقات