قلق إسرائيلي: قوة حماس تتزايد في المجال البحري خصوصا

رغم رصد المخابرات الإسرائيلية لخلايا قوة النخبة البحرية لحماس، قبل عشر سنوات، إلا أن عملية زيكيم "أضاءت مصابيح حمراء كثيرة"، وحسب المخابرات الإسرائيلية، فإن حماس تطور أدوات غطس محليا، كما أن دخول السلاح متواصل من البحر

قلق إسرائيلي: قوة حماس تتزايد في المجال البحري خصوصا

(تصوير: الإعلام العسكري - كتائب القسام)

نفت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة تقريرا نشرته قناة "العربية"، ووصفته بأنه "خبر مفبرك" حول اعتقال عدة أشخاص ينتمون لحركة حماس، بينهم قائد عسكري رفيع، بتهمة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وقالت إن "القناة تمارس التضليل، وتعمل على ترويج الشائعات والأكاذيب". وحذرت الوزارة من "نشر وترويج الشائعات التي تبثها قناة العربية، وندعو إلى تحري الدقة ونقل الأخبار عن مصادرها الرسمية".

وكان موقع "واللا" الإلكتروني الإسرائيلي نشر تقرير للمحلل العسكري أمير بوحبوط، حول تلقي جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) تقارير من جواسيس، على ما يبدو، داخل قطاع غزة حول تحركات مقاتلي كتائب القسام الذراع العسكري لحماس. وحسب التقرير، فإن قيادة سلاح البحرية الإسرائيلي، تلقت في 4 حزيران/يونيو العام 2010، بعد أيام معدودة من جريمة الاحتلال خلال السيطرة على السفينة "مافي مرمرة" التي كانت ضمن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، طلبا بالمساعدة في عملية جوية لمراقبة الشاطئ بين خان يونس ومدينة غزة.

وحسب بوحبوط، فإن هذا الطلب جاء في أعقاب وصول "معلومات استخبارية دقيقة" إلى الشاباك، حول خلية خرجت من القطاع، وأفرادها الخمسة مدربون على سباحة حرفية، بهدف تنفيذ عملية مسلحة داخل إسرائيل، وذلك "خلافا لخلية سابقة تدربت في إيران على الغوص القتالي". وقد تأخرت هذه العملية الإسرائيلية يوما واحدا، لأن طائرات حربية انطلقت لاستهداف السباحين الحرفيين، في اليوم السابق، لم تنفذ مهمتها لأن ظروف الهجوم "لم تنضج".

وتحدثت المعلومات الاستخبارية عن أن أفراد خلية السباحين، سينطلقون من منطقة في الشاطئ، بين خان يونس وغزة، باتجاه الشاطئ الإسرائيلي لتنفيذ عملية تشمل غزة على الشاطئ الإسرائيلي، وأن تواصل طريقها من هناك باتجاه موقع عسكري أو بلدة إسرائيلية.

وكتب بوحبوط أن "انضمام سلاح البحرية رافقه تخوف طبيعي من تهديدات تشكلها المنطقة، وخاصة (في حال) اكتشاف قوات المراقبة التابعة لحماس والصيادين للقوة البحرية، الأمر الذي سيقود إلى توجيه نيران يتم إطلاقها من الشاطئ نحو القوة... وفي تلك الدقائق، كانت غرفة قيادة العمليات الخاصة في الشاباك مليئة. وامتلأت الشاشات العملاقة على الجدار الأمامي وعلى طاولات الحواسيب بصور فيديو ميدانية وبمعلومات استخبارية. وفي شاشة جانبية برزت أسماء وصور المخربين. وقال مسؤولون أمنيون تواجدوا في غرفة قيادة العمليات إن الأحداث الميدانية مطابقة جدا للمعلومات التي كشفها الشاباك قبل العملية".

وأضاف بوحبوط أن "رئيس شعبة العمليات في الشاباك كان في تلك الدقائق يركز جيدا في الشاشات أمامه وبالمعلومات الاستخبارية التي تصل، وبعد تقييم للوضع أصدر أمرا لسلاح الجو باستهداف سيارة تواجد فيها المخربون". إلا أنه لم يتم إطلاق صاروخ باتجاه سيارة مقاتلي حماس.

أولاد غزة سباحون مهرة (أ.ب.)

في هذه الأثناء، وصلت سيارة أفراد الخلية إلى الشاطئ، "وأدركوا في غرفة قيادة العمليات أنه ليس بالإمكان مهاجمتهم بسبب وجود عدد كبير من المواطنين في الشاطئ، وفي الوقت نفسه أدرك جنود الكوماندوز البحري الإسرائيلي أنه حان وقت عملهم وأن المسؤولية انتقلت إليهم".

بعد ذلك رصدت طائرة إسرائيلية بدون طيار دخول أفراد خلية حماس يدخلون إلى البحر، فيما انطلق زورقان إسرائيليان نحو الشاطئ بسرعة كبيرة، في محاول لمفاجأة أفراد الخلية، وخلال ذلك أطلق أفراد الكوماندوز البحري الإسرائيلي النار باتجاه أفراد الخلية، ما أدى إلى استشهادهم.

غواصون عائدون من إيران

لم تكن هذه الخلية الأولى التي حاولت تنفيذ هجوم عبر البحر ضد أهداف إسرائيلية. وأشار بوحبوط إلى أنه في آذار/مارس 2020، وُضعت على طاولة رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، معلومات استخبارية تحدثت عن أربعة مقاتلين في حماس سيعودون من دورة غطس قتالي في إيران إلى غزة عن طريق سيناء.

وأضاف بوحبوط أن الشاباك أوصى باستهداف المقاتلين الأربعة بعد انتقالهم من سيناء إلى قطاع غزة. وبعث الشاباك برسالة إلى الجيش الإسرائيلي، قال فيه إنه "إذا لم تتم معالجة هذه المشكلة الخطيرة في البر، فإن سلاح البحرية سيلتقي معهم في البحر، وعندها ستكون هذه قصة مختلفة".

وبحسب بوحبوط، فإن اهتمام الجيش حينذاك كان منصبا على إيران وبرنامجها النووي، وأن التخوف في شعبة العمليات من أن استهداف الغواصين قد يشعل جبهة مقابل حماس، فيما كانت توجيهات الحكومة الإسرائيلية أن تكون الجبهة مع غزة هادئة وتجنب التصعيد.

لكن بعد ذلك بأربع سنوات، خلال العدوان على غزة في العام 2014، تمكنت قوات النخبة، أي الكوماندوز البحري التابع لحماس، من تنفيذ عملية، في شاطئ زيكيم في جنوب إسرائيل، تم خلالها استهداف دبابة إسرائيلية وقوات إسرائيلية أخرى، قبل أن يستشهدوا.

وأضاف بوحبوط أن نتائج تحقيق أجراه الجيش الإسرائيلي، وينشر الآن للمرة الأولى، أظهر أنه طوال 20 دقيقة لم تلحظ قوات المراقبة الإسرائيلية تسلسل مقاتليْ النخبة الأولين، وتم رصدهم فقط بعد تسلل مقاتلين آخرين إلى شاطئ زيكيم. وتبين من التحقيق أيضا أنه بعد رصد المقاتلين الأربعة "كانت هناك صعوبة في نقل المعلومات إلى قوات الجيش الإسرائيلي التي نُقلت إلى الموقع".

وتابع بوحبوط أن "غزوة شاطئ زيكيم أضاءت مصابيح حمراء كثيرة في جهاز الأمن وأوضحت لجميع الذين لم يستوعبوا حتى ذلك الحين، أن حماس وصفت قوتها البحرية بأنها الأهم ورصدت لها موارد كثيرة من أجل أن تتدرب في قطاع غزة وخارجه، من أجل أن تتمكن وقت الضرورة من إخراج عمليات أخطر بكثير إلى حيز التنفيذ. ورغم ذلك، ركزت قيادة الجيش الإسرائيلي جهدها على جمع معلومات استخبارية حول الأنفاق والمقذوفات حتى صيف العام 2016".

مقاتلان في قوة النخبة

وحسب بوحبوط، فإن رئيس شعبة العمليات، يتسحاق ترجمان، هو الذي لاحظ حجم المعلومات المتراكمة لدى سلاح البحرية والشاباك حول نشاط حماس الآخذ بالاتساع في المجال البحري، وبعدها دفع باتجاه هجمات ضد قواعد بحرية في القطاع.

وأشار بوحبوط إلى أنه خلال مداولات معمقة أجراها الجيش الإسرائيلي حول القدرات البحرية لحماس وحزب الله، "عاد ضباط سلاح البحرية إلى غزوة قوة النخبة في شاطئ زيكيم. وأظهر التحقيق أن الحديث عن مقاتلي كوماندوز لديهم قدرات جسدية عالية جدا، ولذلك لديهم قدرات غطس مع بالونات أكسجين وأجهزة تنفس مغلقة تسمح بتقليص إمكانيات رصدهم. وقالوا إن ’النشاط البحري يستوجب طاقة فائقة، وإذا توقفت عن التدرب قليلا فإنك تفقد الكفاءة البدنية".

على إثر ذلك، صادق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، على "معركة سرية كاملة في الجبهة البحرية وأخذت تتسع بمساعدة ترجمان. وهكذا عمليا تمت مهاجمة هدف بحري من الجو لأول مرة في العام 2016".

صناعة محلية لأجهزة غطس

عقد مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي، قبل عدة أسابيع، مداولات تركزت على تعاظم قوة الفصائل في قطاع غزة، وفي مقدمتها كتائب القسام، "التي استغلت الهدوء النسبي في السنتين الأخيرتين من أجل تسريع ستة اتجاهات أساسية"، وفقا لأجهزة الأمن. وهذه الاتجاهات هي: صناعة أسلحة وخاصة مقذوفات، قذائف هاون لأمدية مختلفة وألغام، تطوير أسلحة وقدرات جديدة، إدخال عتاد وسلاح إلى القطاع، إدخال مواد خام لصناعة أسلحة، وتحسين منظومات هجومية بحرية وجوية.

وأضاف بوحبوط أنه تم رصد تدريبات في البحر أيضا، وإنتاج محلي لمنظومات غطس، أدوات مستقلة تستخدم تحت سطح البحرية وطائرات بدون طيار، وزيادة القوة من خلال شراء درونات لغايات هجومية، "كما تم ضخ أموال من دول في العالم من أجل زيادة قوة الذراع العسكري". وقال مشاركون في المداولات قالوا إن رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، يتواجد خارج القطاع وينجح في تجنيد مال كثير.

ونقل بوحبوط عن مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي قولهم خلال المداولات إن التقديرات هي أن حجم ترسانة الأسلحة بحوزة حماس والجهاد الإسلامي عادت لتصبح بحجم ترسانتهما قبل العدوان على غزة عام 2014. كما أن إدخال أسلحة إلى القطاع عبر البحر يثير قلق إسرائيل، "ويبذل الشاباك مجهودا كبيرا من أجل رصد وإحباط مساعي الفصائل".

وطرح المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون خلال المداولات نفسها سؤالين أساسيين: "ماذا تفعل إسرائيل ضد عملية تعاظم قوة حماس، ليس بالإنتاج المحلي فقط وإنما في مجال تشويش التدريبات، من أجل المس بدالة التعلم تدريب قوات النخبة البحرية، وكيف يعتزم الجيش الإسرائيلي العمل إذا كان تهريب عتاد ومنظومات أسلحة مستمر، فيما يجري الحديث عن تسوية؟".

التعليقات