أشكنازي دفن شبهات جنائية بقضية الغواصات

وصلت إلى أشكنازي رسائل من مجهولين تفيد بعلاقة مشبوهة بين قائد سلاح البحرية ورجل أعمال في مجال العقارات، تحول إلى وسيط في صفقة الغواصات، إلى جانب لقاءات بين الوسيط وشطاينيتس، وتمويل الوسيط حملات انتخابية داخل الليكود

أشكنازي دفن شبهات جنائية بقضية الغواصات

وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي (أ.ب.)

أشار تقرير صحافي إلى أنه كان بإمكان وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، منع خروج صفقة الغواصات، التي تعصف بإسرائيل منذ سنوات، إلى حيز التنفيذ عندما كان يتولى منصب رئيس أركان الجيش. وبدلا من ذلك دفن شبهات جنائية كانت قد بدأت تظهر في حينه. كذلك أظهر التقرير الاشتباه بأن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينيتس، كان ضالعا في الصفقة بشكل أو بآخر، عندما كان يتولى منصب وزير المالية، وذلك وفقا لتقرير للصحافي الاستقصائي، غيدي فايتس، ونشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.

فقد وصلت في العام 2009 رسائل من مجهولين إلى وحدة المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن الإسرائيلية، تُحذر من علاقة بين قائد سلاح البحرية، إليعزر ماروم، ورجل الأعمال الإسرائيلي في مجال العقارات في أوروبا، ميكي غانور، الذي أصبح حينذاك مندوب شركة بناء السفن والغواصات الألمانية "تيسنكروب" في إسرائيل.

ولم تكن هذه الرسالة الأولى من مجهول التي تصل إلى رئيس وحدة المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن، أمير كين، الذي عيّنه أشكنازي في هذا المنصب عندما كان يشغل منصب مدير عام وزارة الأمن، وكان كين مساعده.

وعندما وصلت الرسالة الأولى من مجهول، أبلغ كين الشرطة العسكرية. وطلب كين من المحقق في وحدته، نوح ندلر، التحقيق في ما إذا توجد شبهات حقيقية في الموضوع ضد قائد سلاح البحرية ماروم. وأطلق على هذا التحقيق تسمية "الغواصة الصفراء".

وفي هذه الأثناء وصلت الرسالة الثانية من مجهول إلى كين، وكانت تكرارا للرسالة الأولى: "يوجد شعور بأن هذه العلاقة مشبوهة بين السيد غانور، وهو رجل ثري يعمل في مجال العقارات، ويقضي وقتا طويلا مع قائد سلاح البحرية، وكلاهما يعرفان السبب. ويرد قائد سلاح البحرية بشكل فظ وبالتهديد على أي سؤال حول من هذا الرجل وماذا يجري. وسلاح البحرية عزيز علينا ويجدر فحص ما يختفي وراء هذه الحقائق".

وبدلا من تحويل الرسالة إلى الشرطة العسكرية والمحقق ندلر، سلم كين الرسالة إلى رئيس أركان الجيش أشكنازي. ووفقا للصحيفة، فإن أشكنازي هو الذي عين ماروم بمنصبه وكانت العلاقة بينهما جيدة، لدرجة أن أشكنازي رفض مطالب بإقالة ماروم بعد الكشف عن أنه يرتاد نوادي عري في تل أبيب وقدم إفادة غير صحيحة.

غواصة جديدة تدخل ميناء حيفا، عام 2016 (أ.ب.)

وأرفق كين بالرسالة التي نقلها إلى أشكنازي، ملاحظة جاء فيها "غابي، هذه نسخة لك. ولم أسلم هذه الرسالة إلى الشرطة العسكرية، وإنما الرسالة السابقة فقط. وحسب علمي، الشرطة العسكرية أطلعت المدعي العام العسكري (في حينه أفيحاي مندلبليت، المستشار القضائي الحالي للحكومة). واتفقت مع المحققين ألا ينقلوا أي شيء إلى الشرطة العسكرية من دون إبلاغي، وقبل أن أطلعك. احفظ الرسالة أو مزقها كيفما تشاء. أمير".

ورد أشكنازي على ذلك بخط يده: "أمير، برأي هذا لقاء علني... وترتيب لقاء مع وزير المالية لا ينطوي على إشكالية". لكن المشكلة هنا، حسبما أشارت الصحيفة، هي أن قائد سلاح البحرية، وهو الزبون في صفقة الغواصات، يمارس ضغوطا من أجل تعيين غانور وسيطا في الصفقة، كي يجني أرباحا بالملايين، "بينما لا يرى رئيس أركان الجيش أن ثمة مكانا لفحص الموضوع".

وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا للنيابة العامة، عُقد لقاءان بمشاركة بمشاركة ماروم وشطاينتس وغانور، أحدهما في مكتب وزير المالية والثاني في مكتب قائد سلاح البحرية. وسعى ماروم في حينه إلى استبدال وكيل "تيسنكورب" في إسرائيل، شايكيه برْكات، بغانور كي يكون الوسيط في صفقة الغواصات. ويشار إلى أن بركات وغانور هما ضابطان سابقان في سلاح البحرية. كذلك تبرع غانور بالمال لحملة شطاينيتس الانتخابية داخل حزب الليكود.

ووفقا للنيابة العامة، فإن ماروم كان متحمسا لتعيين غانور كوكيل لحوض بناء السفن الألماني في إسرائيل، لأن غانور سيدفع رشوة لماروم. كذلك سعى ضابط سابق آخر في البحرية لتعيين غانور، وهو مركز عمل لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أفريئيل بار يوسف، الذي أصبح لاحقا مسؤولا في مجلس الأمن القومي، في مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.

(أ.ب.)

وتوجه أفريئيل إلى ماروم طالبا تعيين غانور كوكيل لـ"تيسنكروب". ودعا ماروم مدير عام "تيسنكروب"، فولتير فرايتاغ، خلال زيارته لإسرائيل إلى مأدبة، وضم غانور إليها ثم عقد لقاء بين ثلاثتهم في مكتبه. كما انضم غانور إلى مندوب سلاح البحرية خلال لقاء فرايتاغ مع شطاينيتس. وكان الهدف إظهار التأييد أمام فرايتاغ لتعيين غانور وكيلا لحوض بناء السفن. وبعد عدة أسابيع عين الألمان غانور وكيلا.

وتبين لاحقا أن غانور جنى من عمله الجديد أكثر من 10 ملايين يورو، وحول أكثر من نصف مليون شيكل إلى ماروم. كما حول مبالغ أخرى إلى آخرين. وقد اعترف غانور بذلك وبتفاصيل أخرى كثيرة، عندما تحول إلى "شاهد ملك" في قضية الغواصات، لكنه تراجع عن الاتفاق مع الشرطة.

واكتشف المحقق ندلر أنه ليس بحوزة غانور ولا سلفه بركات تصريحا من وزارة الأمن ليكونا وسيطين بصفقة غواصات. كما أن غانور كان شخصا لا يُسمح له بالاطلاع على معلومات حساسة كتلك التي يمكن أن تظهر في صفقة غواصات. وطلب المحقق ندلر تحويل المعلومات التي جمعها إلى الشرطة العسكرية لتحقق فيها، لكن كين حول تقرير ندلر إلى أشكنازي فقط.

ولفتت الصحيفة إلى أن أشكنازي، خلال تحقيق الشرطة معه، تعمد الإجابة على الغالبية الساحقة من أسئلة المحققين بأنه "لا أذكر".

ونقلت الصحيفة عن رئيس دائرة التحقيقات في وحدة المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن، غادي وترمان، قوله إنه "إذا لم يوعز أشكنازي ومندلبليت للشرطة العسكرية بالتحقيق بكل قوتها في هذا الأمر، فإنه ينبغي تعليقهما على شجرة. وليس معقولا أن مندلبليت لم يعلم. وإذا لم يعلم فعلا فإن المصيبة أعظم".

التعليقات