تقرير: البعد الإقليمي غائب لدى إسرائيل ويصعد الأزمة مع الأردن

"عندما تتشكل حكومة مستقرة في إسرائيل، يجدر أن تبحث في العلاقات المتأزمة بين إسرائيل والاردن من خلال نظرة واسعة ثنائية، إقليمية، طويلة الأمد ومتعددة المجالات، وبذلك تمنع حلولا ترقيعية"

تقرير: البعد الإقليمي غائب لدى إسرائيل ويصعد الأزمة مع الأردن

جفاف في غور الأردن (أرشيفية - أ.ب.)

رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في نهاية آذار/مارس الماضي، طلبا أردنيا بالتزود بكمية إضافية من المياه، خارقا بذلك اتفاقية السلام بين الجانبين وصعّد الأزمة في العلاقات. وبعد نحو أسبوعين، تراجع نتنياهو ووافق على الطلب الأردني، في أعقاب ضغوط، بينها توصيات مسؤولين في سلطة المياه وجهاز الأمن في إسرائيل بالاستجابة للطلب.

ويعكس موقف نتنياهو "أحد الإخفاقات في العلاقات الثنائية مع الأردن غياب البعد الإقليمي من جانب إسرائيل"، وفقا لتقرير نشره السفير الإسرائيلي الأسبق في عمان والباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عوديد عيران، أمس الأربعاء.

وأشار عيران إلى أن "ضائقة المياه في الأردن هي أحد الأسباب المركزية لضعف الأردن الاقتصادي وتعلقها بجهات خارجية". وأضاف أن موضوع المياه مذكور في اتفاقية السلام بين الجانبين في البند السادس، وقبل البند التاسع الذي يتحدث عن مكانة الأردن في القدس، معتبرا ذلك أنه "أمر رمزي".

ومنذ توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن، في العام 1994، ساءت الأوضاع في الأخيرة بما يتعلق بأزمة المياه، في أعقاب هجرة أكثر من 300 ألف لاجئ عراقي بعد الغزو الأميركي في العام 2003، وهجرة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى الأردن.

ووفقا لعيران، فإن "التحولات الديمغرافية التي فُرضت على الأردن، إضافة إلى عدة سنوات من الجفاف، رسخت الحاجة إلى بلورة حل إستراتيجي لمشكلة المياه، يتجاوز حجمه التسويات المنصوص عليها في الملحق رقم 2 لاتفاقية السلام، وفي مركزها تزويد دائم للمياه من إسرائيل إلى الأردن وتقاسم مياه اليرموك، الذي يمر على طول القسم الشمالي من الحدود بين الدولتين. وهذه التسويات تتطرق إلى عدة عشرات ملايين الأمتار المكعبة سنويا، بينما عجز الأردن بالمياه يصل إلى نصف مليار متر مكعب سنويا".

وأضاف أن الأردن تفضل تحلية مياه البحر الميت، على تحلية مياه البحر المتوسط ونقلها من شواطئ إسرائيل إلى المدن في شمالها، لعدة أسباب بينها "انعدام الثقة المتبادل العميق بين القيادات السياسية الحالية للأردن وإسرائيل. ويعبر عن انعدام الثقة القطيعة المطلقة وغياب حوار حول قضايا مركزية، ويمس بقدرتهم على التوصل إلى حسم مدروس مشترك وإلى حلول لكلاهما، مع تبعات حيال الفلسطينيين أيضا".

وأشار عيران إلى أن "إسرائيل تشتري مياه لا تحتاج إليها في منطقة القبة – إيلات، فيما الأردن لديها منشأة لتحلية المياه ولا تستجيب لاحتياجاتها المائية في شمال الدولة، ويواصل الفلسطينيون والأردنيون خطأهم بأوهام الاستفادة من مذكرة التفاهم مع إسرائيل – بدفع قناة البحرين (الأحمر والميت) بالنسبة للأردن، وتعزيز الادعاء أن قناة البحرين تشكل حدودا بين الدولة الفلسطينية المستقبلية مع البحر الميت بالنسبة للفلسطينيين".

وشدد عيران على أنه "عندما تتشكل حكومة مستقرة في إسرائيل، يجدر أن تبحث في العلاقات المتأزمة بين إسرائيل والأردن من خلال نظرة واسعة ثنائية، إقليمية، طويلة الأمد ومتعددة المجالات، وبذلك تمنع حلولا ترقيعية".

واعتبر عيران أن "الأردن ليست بريئة من قرارات ألحقت ضررا بالتعاون الإقليمي، والتي من شأنها أن تعود بالفائدة على الأردن نفسها. ومثال على ذلك هو القرار بعدم تمديد التسوية مع إسرائيل بشأن جيبي الغمر والباقورة، الذي لا يزيد الثقة في إسرائيل باستعداد الأردن على التغلب على الأصوات المعارضة لتطبيع العلاقات بين الدولتين".

التعليقات