رسائل سوليفان: واشنطن تتمسك بالدبلوماسية لمواجهة إيران وتسعى لطمأنة تل أبيب

تناقضت التقارير الإسرائيلية حول التفاوت بين الرؤية الأميركية والموقف الإسرائيلي في ما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني والجدوى من المباحثات غير المباشرة التي تخوضها واشنطن مع طهران في فيينا، غير أن التناقض اقتصر على حيثيات المداولات التي جرت خلف الأبواب الموصدة

رسائل سوليفان: واشنطن تتمسك بالدبلوماسية لمواجهة إيران وتسعى لطمأنة تل أبيب

بينيت وسوليفان، اليوم (مكتب الصحافة الحكومي)

تناقضت التقارير الإسرائيلية حول التفاوت بين الرؤية الأميركية والموقف الإسرائيلي في ما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني والجدوى من المباحثات غير المباشرة التي تخوضها واشنطن مع طهران في فيينا، غير أن التناقض اقتصر على حيثيات المداولات التي جرت خلف الأبواب الموصدة خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لإسرائيل.

في المقابل، حملت التصريحات التي صدرت عن المسؤول الأميركي والمسؤولين الإسرائيليين، نفس الرسائل التي حرصت كل من تل أبيب وواشنطن على بثها خلال الفترة الماضية، ولعل جديد واشنطن، هو تأكد سوليفان، على أن الولايات المتحدة والدول الأخرى المشاركة في الاتفاق النووي حدّدت سقفا زمنيًا للمباحثات مع طهران ينتهي "خلال أسابيع".

وعرض مستشار الأمن القومي الأميركي، ثلاثة سيناريوهات تطرحها الإدارة الأميركية تتعلق بالنووي الإيران، وفق ما نقل موقع "إكسيوس" الأميركي عن أربعة مسؤولين إسرائيليين؛ الأول: اتفاق كامل يشمل الالتزام التام باتفاق العام 2015، وشكّك المسؤول الأميركي في إمكانية تحقيقه.

والسيناريو الثاني هو التوصل لـ"اتفاق مرحلي" من خلال "التجميد مقابل التجميد"، في إشارة إلى تلقيص العقوبات الشورع بإجراءات "خطوة بخطوة"، ترفع بموجبها واشنطن العقوبات تدريجيا، في حين تعود طهران (تدريجيا كذلك) إلى الالتزام باتفاق عام 2015؛ وأفاد الموقع الأميركي بأن كافة المسؤولين الإسرائيليين عارضوا هذه الإستراتيجية.

والسيناريو الثالث يتمثل بالتحذيرات التي أطلقتها واشنطن مؤخرا بـ"عدم التوصل إلى اتفاق وزيادة الضغط على إيران"، وكرر سوليفان هذا المعنى في لقائه مع صحيفة "هآرتس"، وقال: "لا زال هناك متسّع للجهود الدبلوماسية المدعّمة بضغوط وإصرار لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. أنا أعتقد أن بإمكاننا فعل ذلك وإعادة البرنامج النووي (الإيراني) إلى القمقم".

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك جدول زمني للمحادثات، أجاب قال سوليفان: "لم نحدد تاريخًا علنيًا محددا، ولكن خلف الأبواب المغلقة، الجدول الزمني ليس بعيدًا. في الأسابيع المقبلة سوف نفهم ما إذا كانت إيران مستعدة لحل دبلوماسي للقضية النووية"، مشددا على أن واشنطن تركز على العمل مع شركائها في فيينا "لتحقيق أفضل اتفاق ممكن".

وعندما سُئل عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران، قال المسؤول الأميركي الرفيع: "لن أتحدث عن تفاصيل المفاوضات. نعتزم ضمان عدم تمكن إيران من امتلاك أسلحة نووية. يجب أن تكون أي عقوبة نرفعها مصحوبة بقيود لضمان اتفاق جيد. أنا شخصيًا لا أحب عبارة ‘القليل مقابل الأقل‘ (كما يطلق على الاتفاقات المرحلية). نحن نعمل بجد للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الأصلي الموقع عام 2015)".

وحاول المسؤول الأميركي الذي يوصف إسرائيليا بأنه "صاحب التأثير الأكبر على الرئيس الأميركي، جو بايدن، في ما يتعلق بالشأن الإيراني"، التأكيد على أن أوساطا عسكرية ودبلوماسية في إسرائيل، تتوافق مع الرؤية الأميركية.

وقال سوليفان: "أعتقد أنني بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين في إدارة بايدن نتبنى مواقف مشابهة لتلك التي يتبناها كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين، الذين يقولون إن الانسحاب من الاتفاق النووي كان خطأ إستراتيجيًا كارثيًا لأنه سمح لإيران أن تتقدم سريعا في برنامجها النووي".

وفيما شدد على التنسيق المتواصل مع إسرائيل، وعمق العلاقة بين الجانبين، في التصريحات التي أدلى بها لـ"هآرتس"، وكذلك لهيئة البث الإسرائيلية ("كان 11")، رفض سوليفان التعليق على احتمال قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران؛ وشدد على أنه "ما زلنا نعتقد أن أفضل طريقة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية هي الدبلوماسية والضغط. لا يزال هذا هو المسار الذي نبحث عن المضي فيه. لن أتكهن بأفعال أبعد من ذلك".

من جانبه، أشار موقع "واللا" الإسرائيلي إلى أن زيارة سوليفان ساعدت بخفض التوتر الذي تصاعد مؤخرا بين إدارة بايدن وحكومة نفتالي بينيت، في ما يتعلق بالمخاوف الإسرائيلية من النهج الأميركي في التعامل مع النووي الإيراني.

ووصف سوليفان مباحثاته مع المسؤولين الإسرائيليين، في تغريدة على تويتر، بالبنّاءة. وتابع "عندما تقف إسرائيل والولايات المتحدة سوية، نقف أقوى، وهذه هي الروح التي أحملها معي هنا"؛ ووفقا لـ"واللا" فإن زيارة سوليفان أعطت المسؤولين في إسرائيل شعورا بأن واشنطن تراعي المخاوف التي أعربت عنها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، بشأن المسألة الإيرانية.

هل تؤثر زيارة سوليفان على السياسة الأميركية؟

ونقل موقع "إكسيوس" الأميركي عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى (لم يسمه) قوله إن "محادثات بينيت وسوليفان كانت مهمة للغاية ويمكن أن يكون لها تأثير عملي على السياسة الأميركية والإسرائيلية في ما يتعلق بالشأن الإيراني"؛ وأضاف المسؤول أن زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي ساعدت واشنطن وتل أبيب على فهم بعضهما البعض أكثر من قبل وقال: "حدث تقدم في التفاهم بين الجانبين بعد فترة نضج. نشعر بهدوء قليلا بعد محادثات اليوم (الأربعاء)".

وأكد مسؤول إسرائيلي آخر تحدث للمراسل الدبلوماسي لموقعي "واللا" الإسرائيلي و"إكسيوس" الأميركي، باراك رافيد، أنه أصبح من الواضح أن الإدارة الأميركية كانت "في موقف أفضل مما كنا نظن" في المفاوضات التي تخوضها مع إيران في فيينا، وأن الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة في هذا الشأن "اتضحت أنها أصغر مما كنا نظن".

وكشف مسؤولان إسرائيليان شاركا في المحادثات مع المسؤول الأميركي، أن سوليفان أوضح أن بالنسبة لإدارة بايدن، "نافذة الفرصة المتاحة للمفاوضات مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي ستغلق في نهاية كانون الثاني/ يناير أو أوائل شباط/ فبراير" المقبل. وأضاف أن سوليفان أعرب عن شكوكه بشأن القدرة على التوصل إلى تفاهمات مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي بحلول ذلك الوقت.

التعليقات