تقرير: إسرائيل ليست قادرة على رصد مسبق لهزة مركزها البحر

تروّج إسرائيل لنظام "تروعاه" الذي يصدر تحذيرا مسبقا لهزات أرضية، لكن في حال هزة أرضية قوية، وإذا كان مركزيها في البحر، ليس بمقدوره النظام إرسال إنذار، والحكومة لم تتبنى مقترحات ونماذج بدول أخرى لتحسين الإنذارات

تقرير: إسرائيل ليست قادرة على رصد مسبق لهزة مركزها البحر

تضرر مبنى من جراء هزة أرضية (توضيحية - Pixabay)

تروّج حملة إعلامية إسرائيلية، تقوم بها سلطة الطوارئ القومية وقيادة الجبهة الداخلية والمعهد الجيولوجي، في الأسابيع الأخيرة، لنظام "تْروعاه"، التي تصدر نداء تحذير قصير جدا من هزة أرضية، وأن هذه المنظومة باتت عملياتية. ويأتي ذلك في أعقاب تكرار الهزات الأرضية في البلاد والدول المجاورة والبحر المتوسط في الآونة الأخيرة.

إلا أن قدرات هذا النظام ضئيلة جدا ومحدود للغاية، وفقا لتقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب اليوم، الخميس. وأشار التقرير إلى حقيقة أنه لا تتوفر لدى العلماء إمكانية التوقع مسبقا لهزة أرضية. ولذلك، لا توجد إمكانية للإعلان عن حدوثها قبل فترة كافية للوقاية منها، وتحذير الأشخاص الذين يمكن أن يتضرروا منها ومطالبتهم بمغادرة مبان ومناطق مفتوحة.

ولفت التقرير إلى أنه لا يمكن منع تلحق أضرار بالمباني والأملاك والبنية التحتية في حال حدوث هزة أرضية شديدة. لكن هناك إمكانية لإنقاذ الأرواح بمساعدة إنذار مسبق، يستند إلى حقيقة أنه منذ حدوث الهزة وحتى وصول الموجة الزلزالية إلى المناطق المأهولة يستغرق ثوان معدودة، ربما تكون كافية لتنفيذ عمليات إنقاذ فورية، مثل إخلاء قسم من السكان من مبان ستتضرر.

ووفقا للتقرير، فإنه عندما تحدث هزة ارضية، تنتج عنها موجات زلزالية من أنواع مختلفة، واثنتين منها مرتبطتين بالتحذير. الموجة الأسرع والأولى التي تصل إلى الموقع السكني لا تلحق ضررا. بينما الموجة الأبطأ التي تصل إلى المنطقة المأهولة هي التي تزلزل الارض ويمكن أن تلحق ضررا بالمباني. وتفصل ثواني معدودة بين الموجتين، وطول هذه الفترة تحدده المسافة عن مركز الهزة الأرضية، وكلما كان المركز أقرب يكون الفرق بين الموجتين أقصر، ويصبح الفرق أطول في حال كانت المسافة أطول لمركز الهزة.

تدريب إسرائيلي يحاكي هزة أرضية (الجيش الإسرائيلي)

وثمة إمكانية متاحة وبتكلفة قليلة نسبيا بوضع كاشف، قادر على رصد الموجة الأولى، ويسمح بتنفيذ عدة خطوات منقذة للحياة، الفرار من المكان بالأساس، قبل وصول الموجة الثانية للهزة. وتم وضع أنظمة كهذه، منذ عدة سنوات، في معظم المدارس ومؤسسات عامة وشركات خاصة في البلاد، وتمنح قدرا معينا من الإنذار.

وتوجد في العالم، منذ 15 عاما، أنظمة تستند إلى مجسات حساسة توضع بالقرب من مراكز يتوقع حدوث هظزات أرضية فيها، بهدف رصد الموجة الزلزالية الأولى وإرسال تحذير فوري. وميزات هذه الأنظمة هي ضقتها الفائقة، ومنع إنذارات كاذبة من اهتزاز الأرض ليس نتيجة زلزال، وبالأساس قدرتها على إرسال موجة إلكترومغناطيسية سريعة إلى التجمعات السكانية وبذلك تسمح بإضافة عدة ثوان أخرى إلى مدة الإنذار. وبمقدور هذا النظام رصد قوة الهزة الارضية، وبذلك الامتناع عن إطلاق إنذار في حال كانت الهزة ضعيفة ولا تلحق اضرارا.

وتم تقديم اقتراح كهذا إلى الحكومة الإسرائيلية منذ العام 2007. وبعد 15 عاما تم الإعلان عن أن نظام "تْروعاه" أصبح عملياتيا، قبل أسبوعين، ويشغله المعهد الجيولوجي لرصد الزلازل. ويتألف هذا النظام من 120 مجسا موزعا على طول منطقة البحر الميت ومناطق أخرى نشطة زلزاليا. ويوجد لهذا النظام قدرة على قياس قوة وخطورة الهزة الأرضية في غضون ثوان معدودة من خلال معالجة المعطيات، وإرسال إنذار. وفي حال حدوث الهزة في البحر الميت، ستتلقى القدس الإنذار قبل 3 دقائق، وتل أبيب قبل 18 ثانية وحيفا قبل 30 ثانية. وكلما كانت الهزة الأرضية أقوى، يرسل الإنذار إلى مناطق أوسع، وفي حال كانت الهزة بقوة 6 درجات أو أكثر، فإنه الإنذار سيرسل إلى جميع أنحاء البلاد.

وأشار التقرير إلى أنه بإمكان نظام "تروعاه"، الذي تنتشر مجساته في منطقة البحر الميت، أن يحذر من هزات تحدث في هذه المنطقة، لكنه ليس ناجعا في رصد هزات يكون مركزها في البحر المتوسط، طالما لا تتوفر هناك أنظمة مرتبطة بمركز رصد الزلازل الإسرائيلي.

ولا يزال نظام "تروعاه" محدودا من حيث قدراته ولا يستنفد القدرات التكنولوجية المتاحة في العالم. وهذا النظام قد يمكن من الخروج من مبنى للذين يسكنون في الطابق الأول، أو اللجوء إلى سلم داخلي. وبحسب التقرير، فإنه بالإمكان توسيع هذا النظام بواسطة ربطه بأنظمة قطرية ومحلية موجودة، وربطها بنظام "تروعاه".

ومن شأن ربط أنظمة موجودة بنظام "تروعاه" أن يتم إيقاف مصاعد ومطالبة السكان بداخلها بالخروج منها خلال وقت قصير جدا، منع هبوط طائرات في المطار، إغلاق أجهزة وأنابيب غاز ومواد خطيرة من أجل منع تسرب، منع صعود مركبات إلى جسور ستنهار، تشغيل مولدات كهربائية صغيرة في حال انقطاع التيار الكهربائي في منشآت حيوية.

وشدد التقرير على أن إسرائيل ما زالت بعيدة عن خطة هامة كهذه، "فيما العائق الأول هو في مجال المسؤولية الحكومية، بإلزام الهيئات المختلفة بالارتباط بنظام تروعاه".

وشدد التقرير على أنه لا يوجد نقاش حول ما إذا ستقع هزة أرضية قوية في البلاد أم لا، وإنما السؤال الوحيد هو متى سيحدث ذلك. "ودولة إسرائيل نفذت وتنفذ القليل جدا من أجل تقليص الضرر المتوقع من هزات أرضية متوقعة... ونظام ’تروعاه’ هو خطوة هامة، لكن هذه خطوة واحدة صغيرة".

التعليقات