تقرير: العلاقات الإسرائيلية – التركية تحكمها خلافات الماضي وفرص المستقبل

تقرير إسرائيلي يعتبر أن عودة الدولتين إلى تطبيع علاقاتهما سيحسن علاقات تركيا مع واشنطن، لكنه يأتي ضمن تحسين تركيا علاقاتها مع دول في المنطقة، مثل السعودية والإمارات، لكن تدهورا في الأراضي الفلسطينية سيجعل التطبيع هشا

تقرير: العلاقات الإسرائيلية – التركية تحكمها خلافات الماضي وفرص المستقبل

تظاهرة مناهضة للاحتلال أمام سفارة إسرائيل في أنقرة، نيسان/أبريل الماضي (Getty Images)

حاول تقرير إسرائيلي استشراف مستقبل العلاقات بين إسرائيل وتركيا في أعقاب إعلان الجانبين عن العودة إلى تطبيع العلاقات بينهما، وبعدما أعلنتا، الأسبوع الماضي، إعادة سفيريهما إلى تل أبيب وأنقرة. ورأى التقرير، الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أن مستقبل هذه العلاقات تحكمها خلافات سابقة إلى جانب فرص محتملة.

ولفت التقرير إلى أن تركيا هي التي بادرت إلى إعادة تطبيع العلاقات، "بينما تصرفت إسرائيل بحذر". واعتبر التقرير أن "تحسن العلاقات الحالي بين الدولتين يستند إلى عدة تحولات، ووجود تحديات إلى جانب مصالح مشتركة محتملة".

وبحسب التقرير، فإن تركيا تعتبر أنه توجد فائدة في تحسين علاقاتها مع إسرائيل من أجل تحسين علاقتها مع الولايات المتحدة، رغم أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تساهم كثيرا في تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل، بالرغم من تأييد واشنطن لتحسن العلاقات بينهما.

وأضاف التقرير أن أنقرة قد تربط لاحقا بين تدهور محتمل لعلاقاتها مع واشنطن وبين علاقاتها مع إسرائيل. ففي تموز/يوليو الماضي، صادق الكونغرس على تحفظات حيال بين طائرات "إف-16" لتركيا. وانضمت اللجنة اليهودية الأميركية، وهي لوبي إسرائيلي في الولايات المتحدة، إلى منظمة مهاجرين يونانيين بعثوا رسالة إلى الكونغرس تؤيد التحفظات على بيع الطائرات المقاتلة لتركيا. ورغم أن واشنطن تعترف بدور إيجابي تركي في الوساطة في الحرب في أوكرانيا، لكن جرى التعبير عن غضب أميركي من شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي "أس-400" من روسيا، وكذلك من مساعدة تركيا لالتفاف روسيا على العقوبات.


هرتسوغ وإردوغان (Getty Images)

ووفقا للتقرير، فإن عودة تركيا إلى التطبيع مع إسرائيل يأتي في سياق تطبيع أنقرة علاقاتها مع دول أخرى في الشرقف الأوسط، بينها الإمارات والسعودية ومصر. ورغم أن تركيا عارضت "اتفاقيات أبراهام"، إلا أنها "تسعى إلى استغلال الفرص الماثلة في هذا الحراك الإقليمي. والمؤشرات الإيجابية التي أرسلتها أنقرة إلى بشار الأسد، مؤخرا، بعد سنوات من التوتر البالغ بين إردوغان والأسد، دراماتيكية أكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتعتبر كلتا الخطوتين كوجهين لعملة واحدة، وهي إعادة رسم السياسة الإقليمية التركية. وجهود التطبيع المختلفة تغذي بعضها وطالما تشعر تركيا بثمارها، وفي مقدمتها الاقتصادية، فإنها ستستمر بهذه الجهود. وفي موازاة ذلك، تشدد تركيا سياستها تجاه اليونان وقبرص".

القضية الفلسطينية

وفي ظل رفض إسرائيل إحياء عملية سياسية مع الفلسطينيين، توقع التقرير أن "يؤثر الموضوع الفلسطيني على استمرار التطبيع، وتحاول تركيا إجراء توازن بين علاقاتها مع إسرائيل وعلاقاتها مع الفلسطينيين". فقد كان تدهور الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية، منذ العدوان على غزة في نهاية العام 2008، والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، المستمر منذ العام 2007، سببا في توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل، والتي وصلت حد سحب السفراء.

إلا أن التقرير لفت إلى أنه خلال تصعيد إسرائيل الأمني والعسكري، خلال شهر رمضان الأخير في القدس المحتلة والضفة الغربية، ولاحقا أثناء العدوان على غزة قبل أسبوعين، "كان رد فعل تركيا الرسمي أقل سلبية تجاه إسرائيل من الماضي". واعتبر إردوغان إن التطبيع مع إسرائيل لا يشكل تنازلا عن الموقف التركي تجاه الموضوع الفلسطيني، وأن علاقات جيدة مع إسرائيل تسمح لتركيا بالتعبير عن موقفها مباشرة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وأن القدس والمسجد الأقصى هما "خط أحمر".

ورغم توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل في العقد الأخير، إلا أن العلاقات التجارية بينهما لم تتضرر، بل وصلت إلى ذروتها العام الماضي بازدياد الميزان التجاري مليار دولار قياسا بالعامين 2019 و2020، ليبلغ 6.6 مليارات دولار، بينها 4.7 مليار دولار صادرات من تركيا لإسرائيل و1.9 مليار دولار صادرات من إسرائيل لتركيا.

تشاووش أوغلو ولبيد خلال لقائهما بالقدس في أيار/مايو الماضي ( Getty Images)

وأشار التقرير إلى أن تركيا بين أكبر خمسة شركاء تجاريين لإسرائيل، وإسرائيل هي بين أكبر عشرة وجهات تصدير تركية. ووقعت تركيا وإسرائيل، الشهر الماضي، على اتفاق طيران يسمح بتوجه طائرات إسرائيلية إلى تركيا، وذلك بعد الاتفاق على الترتيبات الأمنية لشركات الطيران الإسرائيلية.

وأحد المجالات الذي تنظر إليه تركيا على أنه فرصة، هو تصدير الغاز من إسرائيل، عن طريقها وبواسطة أنبوب نقل الغاز بين الدولتين، خاصة على خلفية المصاعب التي يواجهها المشروع البديل، بتصدير الغاز من إسرائيل عبر قبرص واليونان. إلا أن التقرير لفت إلى أن تفضيل إسرائيل لتصدير الغاز عبر تركيا قد يثير توترا في العلاقات مع كل من اليونان وقبرص ومصر.

وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فإن التقرير تحدث عن سيناريوهين، أحدهما "إيجابي" ويسمح لهما بتركيز اهتماماتهما على "تحديات أو تهديدات" مركزية، وهي إيران وحزب الله وحماس بالنسبة لإسرائيل، والقضية الكردية بالنسبة لتركيا. "وينبغي دراسة إمكانية دمج أنقرة في هيئات إقليمية جديدة في حال تشكلت، بعد تنسيق إسرائيل مع شريكاتها". وادعى التقرير أن "بإمكان تركيا تأدية دور هام في سياسة بادرات النية الحسنة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين".

وفي السيناريو الثاني، بحسب التقرير، "التحسب من أن التطبيع الحالي هش، مثل التطبيع الذي ساد في السنوات 2016 – 2018". وعزا التقرير ذلك إلى عدة أسباب بينها عودة نتنياهو إلى الحكم، اعتبارات إردوغان بما يتعلق بالانتخابات في تركيا العام المقبل، تصعيد في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، تكرار اعتقال سائحين أتراك في إسرائيل بادعاء التعاون مع فصائل فلسطينية، مشاريع تركية في الأراضي المحتلة وتعتبر إسرائيل قسما منها أنها إشكالية.

التعليقات