هل تنتهي قضية الغواصات في الملعب السياسي؟

تراكم المعلومات والتفاصيل الكثيرة بشأن صفقة الغواصات لا يعني استبعاد أن تنتهي القضية في الملعب السياسي بمزاعم أنها مجرد محاولة أخرى لإسقاط نتنياهو

هل تنتهي قضية الغواصات في الملعب السياسي؟

من شأن المعلومات المتراكمة حول صفقة الغواصات وتوابعها، مثل صفقة سفن حماية منصات التنقيب عن الغاز والتحقيقات الجنائية ضد المسؤول في المجلس للأمن القومي أفريئيل بار يوسيف، أن تضع علامات استفهام حول الادعاءات التي يعرضها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومحاميه دافيد شمرون، وفي الوقت نفسه فمن غير المستبعد أن تنتهي هذه القضية إلى اعتبارها مجرد محاولة سياسية لإسقاط نتنياهو، من خلال تحويلها إلى الملعب السياسي.

وفي تحليلات المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، يطرح جملة من التساؤلات والقضايا التي يعتبرها مقلقة، في حين لا يستبعد أن تنتهي القضية آخر الأسبوع في الملعب السياسي.

وفي هذا الإطار ينسب هرئيل للمحامي شمرون دورا أكبر بكثير مما كانت تبدو عليه الأمور، حيث أنه ضغط بداية على الهستدروت بهدف نقل عملية صيانة الغواصات إلى حوض بناء السفن الألماني، وهناك كان مهتما إلى جانب بار يوسيف بتخصيص منطقة في ميناء حيفا لغرض الصيانة، وفي حالة ثالثة فهو يهاتف المستشار القضائي لوزارة الأمن، بزعم مجرد الاستفسار عن قرار نشر مناقصة لشراء السفن.

ويتضح أن شمرون لعب دورين في كل هذه اللقاءات والمحادثات، فهو من جهة ممثل الوسيط الإسرائيلي لشركة بناء السفن الألمانية ميخائيل غنور، صديق بار يوسيف، ومن جهة ثانية فهو شريك في أحد أكبر مكاتب المحامين في البلاد، والحديث هنا عن مكتب شمرون – مولخو، حيث يلعب الأول دور تمثيل رئيس الحكومة في شؤونه الخاصة، في حين يلعب الثاني، يتسحاك مولخو، دور مبعوث رئيس الحكومة لمهمات سياسية حساسة في كافة أنحاء العالم.

ويشير هرئيل إلى أنه من غير الواضح  ماذا يعرف المشاركون في المحادثات واللقاءات عن دور شمرون كمحام للوسيط غنور، ولكن بدون شك فإنهم كانوا على علم بأنه محامي نتنياهو ومقرب جدا منه.

ويضيف أنه منذ تفجر قضية الغواصات تتكشف جوانب مقلقة بشأن أداء القيادة السياسية والأمنية، فهي أولا تكشف ميل نتنياهو للاعتماد بشكل ملحوظ على مبعوثين شخصيين يلتفون على الأجهزة السلطوية العادية، ويقللون من التعاون معها، وفي بعض الأحيان يحجبون عنها معلومات مهمة جدا؛ وثانيا يتضح مرة أخرى تورط ضباط كبار متقاعدين في صفقات ضخمة تحت غطاء مستشارين يعملون دور الوسطاء ويحصلون مقابل الوساطة على مبالغ طائلة، وهي ظاهرة تنطوي على احتمالات فساد.

وثالثا، بحسب هرئيل، يتضح مرة اخرى ضعف مبنى المجلس للأمن القومي، حيث يعاني من تآكل متواصل في مكانته، ويقوم بدور التابع لرئيس الحكومة في كل هذه الصفقات، ووظيفته هي شرعنة مواقفه بدلا من عرض بدائل وفحص مواقف أجهزة الأمن المختلفة بنظرة ناقدة.

ورابعا، يضيف، فإنه يتضح حتى الآن أن الجيش يتلمس في الظلمة بشأن بعض تفاصيل الصفقات، ما يعني أنه في قضايا مصيرية لأمن الدولة فإن الجيش يحصل على معلومات جزئية تصله بشكل متأخر.

إلى ذلك، يتابع المحلل العسكرية أنه يوجد تبعات بعيدة المدى لعملية شراء الغواصات، فهي تأتي على حساب مصاريف أخرى، كما أنها تلزم بمصاريف صيانة مكلفة بشكل خاص، وتتطلب عملية تأهيل مكلفة لقوى بشرية متميزة. وفي قضية الغواصات، يتضح أن فحص هذه القضايا قد أجري بشكل سطحي، وبدون مشاركة منظمة ومنهجية من قبل الجيش. ولذلك، تنضاف هناك عملية إخفاء معلومات مهمة بشأن جزء من هذه الاتصالات عن وزير الأمن السابق، موشي يعالون، الذي كان آخر من يعلم عن بعض تفاصيل التطورات في الاتصالات مع ألمانيا.

ويشير إلى أن التشعبات المختلفة لهذه القضية أدت إلى إجراء تحقيق جنائي ضد بار يوسيف، الذي كان نتنياهو على وشك أن يعينه رئيسا للمجلس للأمن القومي. ولكن ذلك ليس نهاية المطاف، حيث أن هناك شهادات لم يتم فحص بعدها بشأن تورط مسؤولين آخرين في إجراءات غير سوية. وإلى جانب الشبهات بوجود تناقض مصالح، والتي لا يزال يرفض المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، التحقيق بها، فإن هناك معلومات كثيرة تتراكم بحاجة إلى فحص مراقب الدولة.

ولفت هرئيل إلى محاولة رئيس الائتلاف دافيد بيتان، يوم أمس، إبعاد العاصفة عن نتنياهو بقوله إنه يجب توجيه الانتقادات في هذه القضية للمحامي وليس لموكله. كما يلفت إلى أن مكتب رئيس الحكومة يعمل على مدار الساعة في ممارسة ضغوط شديدة على صحافيين لوقف كرة الثلج التي دحرجها النشر الأول للصحافي رفيف دروكر، بيد أنه يشير إلى أن الخلافات بشأن الحقائق قد تم تحويلها إلى الملعب السياسي المريح لنتنياهو حيث يعرضها كمحاولة لإبعاده عن منصبه بدون إجراء انتخابات.

وبحسبه فإنه في هذه المرحلة من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه القضية ستؤدي إلى أية نتائج، على فرض أن المستشار القضائي سيقرر فتح تحقيق جنائي جديد، ولكن ليس من الصعب إدراك ماذا يختفي خلف ضخ البيانات المعلوماتية المكثفة من مكتب رئيس الحكومة. وكما حصل في قضايا سابقة، فإن كميات كبيرة من المعطيات من شأنها أن تخلق حالة من الإرباك. ومن الممكن أن يكون الحديث في نهاية الأسبوع عن قضية قديمة لا يوجد بها أي جديد، وأن الإعلام ينشغل بها بسبب الرغبة المستحوذة لإسقاط نتنياهو الذي حطم الرقم القياسي، يوم أمس، في إشغال منصبه بشكل متواصل لأطول فترة، والذي سبق وأن سجله دافيد بن غوريون. 

التعليقات