إسرائيل تراهن على السعودية للتطبيع مع العالم العربي

استعرضت محللة الشؤون العربية في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، سمدار بيري، في مقالة لها توجهات السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، معتمدة على قراءة لوجهة النظر التي يبديها الدكتور أنور عشقي، اللواء السابق في القوات المسلحة السعودية.

إسرائيل تراهن على السعودية للتطبيع مع العالم العربي

استعرضت محللة الشؤون العربية في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، سمدار بيري، في مقالة لها توجهات السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، معتمدة على قراءة لوجهة النظر التي يبديها الدكتور أنور عشقي، اللواء السابق في القوات المسلحة السعودية ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، والمختص بالشأن الإسرائيلي.

واعتمدت بيري في طرحها على معرفتها الشخصية بالدكتور عشقي والمقابلة التي أجرتها معه لصحيفة 'يديعوت أحرونوت' قبل نحو عام، وترى بنموذج عشقي ومواقفه وتصريحاته بمثابة 'بالون تجارب' أطلقته السعودية من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتحديد إستراتيجياتها المستقبلية بكل ما يتعلق بعلاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، من خلال ردود الأفعال في العالمين العربي والإسلامي، وكيف سيتم امتصاص لهيب سياسات الرياض بهذا المجال.

وترى بيري باللواء السابق في القوات المسلحة السعودية، بأنه شخصية صاحب تجربة ولديها فضول، وليس لديه أي تطلعات لتجميد وعرقلة أي مساعي للحوار مع إسرائيل، وتجزم أن السعودية التي تصفها بالمنغلقة على ذاتها ما كانت لتسمح له باعتماد هذا النهج والتصريح بمثل هذه المواقف المتناغمة مع إسرائيل دون أن تمنحه الضوء الأخضر من الجهات العليا في الرياض للإدلاء بمثل هذه التصريحات التي تشير إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.

واستعرضت بيري في مقالها محور المقابلة التي أجرتها مع الدكتور عشقي الذي قال: 'يجب علينا أن وضع التحركات السياسية على المسار السريع'، محذرا من مغبة عدم التوصل إلى سلام في عهد الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

ولفتت إلى أن مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، والمختص بالشأن الإسرائيلي، كان في حينه بأوج الاتصالات مع الدكتور غوري غولد، مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة أنه اجتمع به عدة مرات وزار إسرائيل على الأقل مرتين ضمن ما وصفته بـ 'مارثون من المباحثات بعيدة المدى لتطبيع العلاقات ما بين إسرائيل والسعودية'.

وعندما كشف النقاب عن جوهر هذه المباحثات تقول بيري، 'أثيرت عدة تساؤلات من طرف العديد من أجهزة الاستخبارات الغربية حيال هذه المباحثات'، بيد أن إسرائيل لم تغتنم هذه الفرصة التي تبدت عندما ترك جولد منصبه والدكتور عشقي خفض من التوقعات، على حد تعبير بيري.

ونقلت بيري أبرز ما صرح به الدكتور أنور عشقي الذي قال إن 'تطبيع العلاقات مع إسرائيل رهين بموافقة الثانية على المبادرة العربية، التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، والقاضية بإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل، وطرحت في عام 2002.

وقال عشقي إن 'السعودية بعد تسلمها جزيرتي تيران وصنافير عقب إقرار البرلمان المصري لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية ستتعامل مع اتفاقية كامب ديفيد التي لم تعد اتفاقية مصرية-إسرائيلية'. 

وربطت بيري بين الأحداث التي شهدتها السعودية منذ توقف الاتصالات بين غولد وعشقي، وربطتها بالأحداث الأخيرة والتي شهدها الإقليم والرياض، وأبرزها قرار الملك سلمان بالإطاحة بولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز   واختيار الأمير محمد بن سلمان خلفا له، والضغوطات التي مارسها نظام عبد الفتاح السيسي على البرلمان المصري بالمصادقة على ضم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وزيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للسعودية وعقد قمة إسلامية أميركية بمشاركة 55 دولة.

وتعتقد بيري أن كل هذه الأحداث والظروف والقمة الإسلامية الأميركية كلها مؤشرات تشير لإمكانية موافقة العالمين العربي والإسلامي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل شريطة التقدم بمسار المفاوضات مع الفلسطينيين، إلا أنه الأزمة الخليجية والحصار على قطر،  قد يعيق ذلك، على الرغم من تتناقل المعلومات عن مباحثات سرية بين الرياض وتل أبيب.

وسلطت بيري الضوء على أبرز محاور المقابلة التي أجرتها dw  دويتشه فيله، المؤسسة الإعلامية الألمانية، مع الدكتور أنور عشقي، الذي قال: 'لم يكن الهدف من استرداد الجزيرتين إقامة علاقة بين المملكة وإسرائيل وإنما كان الهدف ترسيم الحدود مع مصر، وعندما رسمت الحدود أصبحت الجزيرتان داخل حدود المملكة، وهذا سيفضي إلى التعامل مع معاهدة كامب ديفيد. أي أن المعاهدة لم تعد مصرية-إسرائيلية وإنما صارت دولية، فمصر والسعودية ستشتركان في السيطرة على الممر الذي تمر منه السفن الإسرائيلية والأردنية وغيرها من السفن التي تمر للبلدين. والمملكة ستنسج علاقة مع إسرائيل وشرط وجود هذه العلاقة هو موافقة إسرائيل على المبادرة العربية وتطبيقها'.

وأوضحت بيري في مقالها بأن الدكتور عشقي بات واضحا حينما قال إن 'إعادة الجزيرتين المصريتين للسعودية تم بعد قدمت ضمانات مفادها ضمان حرية الملاحقة للسفن الإسرائيلية في مضائق تيران، وعليه فإن اتفاقية الجزيرتين بين الرياض والقاهرة، يحول اتفاق السلام بين إسرائيل والقاهرة إلى اتفاق دولي يلزم السعودية أيضا ويشكل قاعدة لتطوير العلاقات والتعاون الإقليمي، لكنه يبدد الأوهام، فلن يكون هناك تطبيع للعلاقات دون أن تتجند إسرائيل وتوافق على إنهاء الصراع مع الفلسطينيين'.

أما بخصوص المساعي للتوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، وتوجه السعودية للتطبيع مع إسرائيل، قال عشقي: 'بحسب ما أعرف فإن المملكة ستتجه للتطبيع مع إسرائيل بعد تطبيق المبادرة العربية. طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو مبادرة أيضا. وهي مختلفة عن المبادرة العربية بشيء قليل. وتدرس الآن في الولايات المتحدة. بعد ذلك سينظر فيها، فإذا وافق عليها الأخوة الفلسطينيون فأنا على يقين بأن المملكة لن تعترض على ذلك'.

بيري وصفت طرح الدكتور عشقي بكل ما يتعلق بإنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بـ'القنبلة'، فهو يقترح بحسب بيري، بإن أي حل مستقبلي سيكون تحت رعاية أردنية على الضفة الغربية، بينما قطاع غزة سيكون تحت الرعاية المصرية، مبينة أنه دون الإعلان عن التوجه يطفو على السطح الشرخ والخلاف الفلسطيني ما بين غزة ورام الله.

وقال الدكتور عشقي: 'السعودية مستعدة للتنازل عن المبادرة العربية التي تلزم إسرائيل بإعادة ترسيم الحدود والتفاوض على قضية اللاجئين، كما أن الرياض مستعدة وللحيلولة دون تفجر المفاوضات، تأجيل التفاوض على تقسيم القدس على أن يكون هذا الملف القضية الأخيرة بالمفاوضات'.

ويعتقد أن أهم الأوراق التي تملكها المملكة هي التطبيع مع إسرائيل. قائلا: 'هذه أكبر ضمانة الآن لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم لأنه كما تبين لنا في مؤتمر القمة الإسلامي فإن موقف المملكة دليل للدول الإسلامية، فإذا طبعت المملكة مع إسرائيل سوف تطبع الدول الإسلامية كلها مع إسرائيل وستكون قد كسرت العزلة بين إسرائيل ودول المنطقة. لكن إسرائيل أبدت في هذه المبادرة التي طرحتها نوعا من المرونة في إعطاء الفلسطينيين حقوقهم'.

أما بخصوص إيران، وجهت الأسئلة على الدكتور عشقي، هل يُرد التقارب السعودي-الإسرائيلي الآن الى وجود عدو مشترك هو إيران؟ أم أن هناك أشياء أخرى تربط البلدين؟، فكان جوابه: " هذا ليس اتفاقاً وإنما ظرف. فالظروف هي التي حكمت بذلك. العداء لإيران له زاويتان: زاوية إسرائيلية وزاوية سعودية. والزاوية السعودية تختلف عن الزاوية الإسرائيلية، فعداء إسرائيل لإيران هو أن إيران تريد أن تنهي إسرائيل من الوجود. لكنها مع السعودية هي تريد إزعاجها والإخلال بأمنها. والمملكة لا أقول بأنها مستعدة أن تتحالف مع الشيطان لحماية نفسها، لكن طالما أن المملكة تستطيع أن تحمي نفسها فليس من الداعي أن تتحالف مع أي إنسان أو شيطان".

وبعد عملية السلام والتطبيع ستكون العلاقة بين السعودية وإسرائيل بحسب المصالح المشتركة وبحسب المعاملة بالمثل.

وأكد عشقي أن العلاقات ستكون بحسب المصالح بين البلدين، بحيث أن ذلك منوط ومتعلق بتقدم العملية السلمية والمفاوضات، مبينا أن الحلف الجديد مع الإدارة الأميركية أمر في غاية الأهمية وإسرائيل ما هي إلا لاعب ثانوي بهذا الحلف، بيد أنه يرحب باي تعاون ومبادرات إسرائيلية خاصة في المجال الاستخباراتي والتكنولوجي والقضايا التي ستضمن استقرار الحكم بالسعودية قبالة ما وصفه بـ"المؤامرات الإيرانية".

التعليقات