رادعة ومردوعة: إسرائيل تدرس "ضربة استباقية" ضد حزب الله

هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تدرس إمكانية شن هجوم واسع ضد ما تدعي أنها "مصانع أسلحة" أقامتها إيران وحزب الله في لبنان، وسيشمل هجوما كهذا آلاف الأهداف الأخرى بلبنان، والحكومة الأمنية المصغرة خصصت اجتماعا للتداول بذلك

رادعة ومردوعة: إسرائيل تدرس "ضربة استباقية" ضد حزب الله

آليات عسكرية إسرائيلية عند الحدود مع لبنان، نيسان/أبريل الماضي (أ.ف.ب.)

تبحث القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية في إمكانية شن هجوم كبير ضد لبنان بادعاء أن إيران وحزب الله أقاما مصانع أسلحة، من أجل صنع صواريخ خصوصا، في لبنان. ووصفت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' اليوم، الأحد، هجوما إسرائيليا كهذا بأنه سيشكل 'ضربة استباقية' قبل أن يتمكن حزب الله وإيران من صنع كمية كبيرة من الصواريخ، التي ستستهدف إسرائيل في حرب مقبلة بين إسرائيل والحزب.

يشار إلى أن صحيفة 'الجريدة' الكويتية كانت الأولى التي نشرت خبرا عن 'مصانع الأسلحة' هذه. وتعرف هذه الصحيفة الكويتية بأنها مسرب لأخبار ترغب إسرائيل بالترويج لها. وقبل نحو عشرة أيام، صرح رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي، خلال مداخلته في مؤتمر هرتسيليا السنوي، بأن 'إيران تعمل ي السنة الأخيرة على إقامة بنية تحتية لإنتاج ذاتي لأسلحة دقيقة في لبنان وفي اليمن أيضا'، محذرا من أنه 'ليس بإمكاننا البقاء غير مبالين حيال ذلك، ولن نبق غير مبالين'.

ووفقا لصحيفة 'يديعوت' فإن المعضلة المركزية التي تُشغل جهاز الأمن الإسرائيلي، في هذه الأيام، هي ماذا يتعين على إسرائيل أن تفعل إزاء مصنع الصواريخ الدقيقة التي تحاول إيران إقامته لصالح حزب الله في لبنان.  

وأضافت الصحيفة أن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تدرس ذلك، وأن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية عقد اجتماعا خصصه لهذا الموضوع.

ويذكر أن إسرائيل ادعت دائما، وإن بصورة غير رسمية في غالب الأحيان، أنها قصفت أهدافا في الأراضي السورية في السنوات الماضية، وهي عبارة عن مخازن أو قوافل أسلحة، كانت على وشك نقلها إلى حزب الله في لبنان. ووصفت إسرائيل هذه الأسلحة بأنها 'كاسرة للتوازن' لأنها تمنع استمرار التفوق العسكري، وخاصة الجوي، الإسرائيلي، وتمنع الطائرات الحربية الإسرائيلية من حرية التحليق في الأجواء اللبنانية.  

ولفتت 'يديعوت' إلى وجود نوع من الردع المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، يتمثل بتفاهمات غير مكتوبة، ومفادها أن إسرائيل لا تقصف شحنات أسلحة في الأراضي اللبنانية وإنما في الأراضي السورية فقط. وفي المرة الوحيدة التي قصفت فيها إسرائيل شحنة أسلحة في لبنان، قبل ثلاث سنوات، رد حزب الله بإطلاق نار على مزارع شبعا، ومنذئذ حرصت إسرائيل على عدم تكرار هجوم كهذا.  

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن حزب الله مرتدع من إسرائيل، في أعقاب الدمار الذي ألحقته بلبنان في حرب لبنان الثانية عام 2006، ولكن الحزب يردع في الوقت نفسه. إذ وفقا للتحليلات والتقديرات الإسرائيلية، فإن حزب الله اكتسب خبرة عسكرية كبيرة من مشاركته في الحرب السورية، على الرغم من الخسائر البشرية التي تكبدها. كذلك فإن الحزب يملك ترسانة صاروخية تردع إسرائيل، قوامها 150 ألف صاروخ، ما يجعل الحزب قادر على إطلاق 1200 صاروخ يوميا باتجاه إسرائيل في حرب مقبلة. ويؤكد مسؤولون وخبراء عسكريون إسرائيليون على أن أي منظومة دفاعية لا يمكنها صد هذا الكم من الصواريخ إذا ما أطلق باتجاه إسرائيل، ولذلك فإن الخسائر التي ستتكبدها إسرائيل بحرب مقبلة ستكون كبيرة. إضافة إلى ذلك، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن مقاتلين من حزب الله سيتمكنون من الوصول إلى بلدات إسرائيلية عن الحدود مع لبنان واحتلالها. وبحسب هذه التقديرات فإن مئات الإسرائيليين سيقتلون في حرب مقبلة.  

وأشارت 'يديعوت' إلى أن 'ضربة استباقية' ضد حزب الله لن تستهدف 'مصانع الأسلحة' فقط وإنما أهدافا أخرى لحزب الله في لبنان، بعد أن جمعت الاستخبارات الإسرائيلية معلومات كثيرة جدا حول آلاف أهداف الحزب. ونقلت الصحيفة عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، قوله إنه 'لو أن نصر الله يعلم بما نعرفه عنه لما فكّر بحرب'. ونقلت عن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، أمير إيشل، قوله إن 'بإمكان سلاح الجو اليوم أن ينفذ خلال 48 ساعة ما نفذه في كل حرب لبنان الثانية'.  

كل هذا يعني، وفقا للصحيفة، أن القصف المتبادل في حرب لبنان الثالثة، في حال نشوبها، سيكون هائلا، خاصة أن التخوف في إسرائيل هو من قصف 'مبان وأبراج سكنية في تل أبيب'، وهو ما دفع إيشل إلى أن 'ينصح' سكان جنوب لبنان بالنزوح بمجرد نشوب الحرب.    

ورغم أن إسرائيل لم تنتصر في أي حرب منذ خمسين عاما، إلا أن الصحيفة نقلت عن مسؤول في منظومة التقييمات الإسرائيلية قوله إن 'حرب لبنان الثالثة، إذا نشبت، ستكون حربا قاسية. سننتصر فيها، لكن الفرق سيكون بضربة البداية'. غير أن هذا المسؤول استدرك قائلا إن 'الأمر الأسهل هو عدم اتخاذ قرار (بشن هجوم ضد لبنان)، لأن من سيتخذ هذا القرار الآن يستدعي لنفسه لجنة تحقيق. لكن الاعتبارات لدى القيادة يجب أن تكون موضوعية'. ويذكر أن لجنة التحقيق الإسرائيلية التي تشكلت بعد حرب لبنان الثانية أطاحت برئيس أركان الجيش، دان حالوتس، ووزير الأمن، عمير بيرتس، بينما رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، امتنع عن الاستقالة التي قدمها لاحقا بسبب اتهامه بقضايا فساد.

 

التعليقات