"بن سلمان المتهور حلم إسرائيلي يتحقق أعداؤه أعداء إسرائيل وواشنطن"

تهور محمد بن سلمان دفعه إلى القصف العشوائي على المدنيين في اليمن وإلى خوض معركة من أجل عزل قطر ما يثير مخاوف الولايات المتحدة من لجوئه إلى إعلان الحرب على إيران وتوريطها في حرب في توقيت لم تختره

"بن سلمان المتهور حلم إسرائيلي يتحقق أعداؤه أعداء إسرائيل وواشنطن"

محمد بن سلمان إلى جانب ولي العهد السابق محمد بن نايف (أ ف ب)

اعتبر دان شابيرو في مقالة، نشرتها صحيفة 'هآرتس'، أن تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية، والذي يتوقع أن يبقى في الحكم لعشرات السنوات بسبب صغر سنه (31 عاما)، وبسبب كبر سن والده (82 عاما)، على أنه بمثابة 'حلم إسرائيلي يتحقق'، وأنه ينطوي على ضمانات بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، رغم مخاطر معينة، بحيث يتوجب على الدولتين أن تبذلا جهودا دبلوماسية حكيمة، وأن تصرا على مصالحهما المهمة من أجل تحقيق أكبر فائدة ممكنة وتقليص المخاطر إلى الحد الأدنى.

كما يلفت الكاتب إلى أن سلوك بن سلمان المتهور، حيث أن تهوره دفعه إلى القصف العشوائي في اليمن الأمر الذي أوقع ضحايا وإصابات كثيرة في صفوف المدنيين، كما دفعه تهوره إلى شن معركة ضد قطر بهدف عزلها. وفي هذا السياق فإن الولايات المتحدة باتت تخشى أن يدفعها تهوره إلى خوض حرب مع إيران في توقيت لا تختاره.

يشار إلى أن شابيرو هو يهودي أميركي أشغل عضوية المجلس للأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، ومنصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل في عهد باراك أوباما، وهو باحث مشارك في المعهد لدراسات الأمن القومي في تل أبيب.

وبحسب شابيرو، فمن الناحية الإستراتيجية فإن بن سلمان يميل إلى تحالفات مع 'دول عربية سنية معتدلة'، حيث أقام علاقات مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، ويدعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث يجمعهم 'النفور من إيران، والمحور الشيعي الراديكالي والحركات الإسلامية السنية بدءا من الإخوان المسلمين وانتهاء بالقاعدة وداعش'.

ويضيف أن صعود زعماء مسلمين أقوياء يرون في أعداء الولايات المتحدة وإسرائيل أعداء لهم، بإمكانه أن يدفع بعملية بلورة كتلة تتألف من 'الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية سنية'  لها مصلحة إستراتيجية مشتركة في الشرق الأوسط، وجاهزية لمواجهة 'اللاعبين المتطرفين في المنطقة'، على حد تعبيره.

ويضيف أنه بالنسبة لإسرائيل، فإن قائدا سعوديا ديناميا يشاركها رؤيتها الإستراتيجية، ويعترف بأن ذلك يضعها في نفس المعسكر، هو بمثابة حلم يتحقق.

ويتابع أنه إلى جانب ذلك، فإن ولي العهد قد أظهر ميلا للمواجهة، خلافا لسابقيه، وليس دائما بالتنسيق مع الولايات المتحدة. فالمعركة العسكرية للسعودية في اليمن، التي تهدف إلى هزيمة الحوثيين، قد تمت إدارتها بشكل سيئ، حيث أن القصف العشوائي أدى إلى إصابات واسعة في صفوف المدنيين، وتسبب بانتشار المجاعة والأوبئة. وتجاهل بن سلمان نصائح الولايات المتحدة بتحسين مستوى الدقة، وإطلاق النار على أهداف عسكرية، في حين أنه طلب دعما أميركيا كاملا للسعودية.

وبحسب الكاتب، فإن المعركة الأخيرة التي شنتها السعودية من أجل عزل جارتها، قطر، هي نموذج للسلوك المتهور الذي ينطوي على أبعاد تضر بمصالح الولايات المتحدة. ورغم التغريدات الأولية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد اضطرت إلى محاولة التوسط في الخلاف الذي يصعب عليها إدارة نشاطها العسكري الجوي في المنطقة انطلاقا من قاعدتها في قطر.

ويكتب شابيرو، أنه إذا تبنى بن سلمان توجها مماثلا تجاه إيران، فمن الممكن أن يشعل مواجهة تتدهور بسرعة، وفي مثل هذه الظروف فسوف تستدعى الولايات المتحدة للتدخل، وربما تنجر إلى معركة عسكرية في توقيت لم تختره. وبالنتيجة فإن السعودية هي من يشعل المواجهة، في حين تتحمل الولايات المتحدة النتائج.

ويضيف، أنه لهذا السبب، وبشكل مواز لدعمها للسعودية، يجب على الولايات المتحدة أن تكون صارمة مع ولي العهد، وأن توضح له أنها تتوقع ألا يقوم بخطوات يمكن أن تضر بمصالح الولايات المتحدة، دون إجراء مشاورات مسبقة. ويشير في هذا السياق إلى أنه حتى إسرائيل التي تأمل باندلاع المواجهة مع إيران بقيادة الولايات المتحدة أو ضرب منشآتها النووية، تدرك أن مثل هذا القرار يجب أن يصدر من واشنطن، وليس من الرياض.

وفي ختام مقالته، يشير إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تأملان في أن يكون ولي العهد السعودي منفتحا على تحسين العلاقات مع إسرائيل، وحتى على عملية تطبيع معها. بيد أنه يشير إلى أن توجهه لن يكون بعيدا عن المبادرة العربية، التي تتضمن التطبيع الكامل مع إسرائيل، ولكن في إطار حل الدولتين الذي يضع حدا للصراع مع الفلسطينيين.

وبحسبه، فإن بن سلمان لن يخوض مخاطرة سياسية، وبالتالي سيلجأ إلى 'تدفئة العلاقات' بشكل علني مع إسرائيل فقط بعد تحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسيطنية.

وينهي مقالته بالإشارة إلى أنه يجب على جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، اللذين يواصلات حملتهما الدبلوماسية في المنطقة، أن يقولا بوضوح للعرب أن الولايات المتحدة تشجع عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولكنه عليهما أن يقولا لإسرائيل أيضا ما هو المطلوب من أجل تحقيق ذلك.

التعليقات