"إسرائيل تلتجم في غزة مقابل توجه هجومي في الشمال"

"إسرائيل تبذل جهودا ملموسة في منع تصعيد عسكري في غزة، لأهداف واضحة تتلخص بعدم وجود بديل لحماس في السلطة، والرغبة في مواصلة بناء العقبات أمام الأنفاق، ولكن يندمج مع ذلك اعتبارات أخرى، أهمها ما يتصل بالجبهة الشمالية"

كتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الإثنين، تحت عنوان "إسرائيل تلتجم في غزة وتتبنى توجها هجوميا على الحدود في الشمال"، أن إسرائيل تبذل جهودا ملموسة في منع تصعيد عسكري في قطاع غزة، وذلك لأهداف واضحة تتلخص بعدم وجود بديل للسلطة عن حركة حماس، والرغبة في مواصلة بناء العقبات أمام الأنفاق، ولكن يندمج مع ذلك اعتبارات أخرى، أهمها ما يتصل بالجبهة الشمالية ونفوذ إيران هناك، وهي مسألة تقع الآن على رأس سلم الأولويات الإستراتيجي لإسرائيل.

ولفت هرئيل في هذا السياق إلى أن وزير الطاقة، يوفال شطاينتس، قرر، يوم أمس الأحد، إعادة تزويد قطاع غزة بالكهرباء، إلى الوضع الذي كان عليه قبل سبعة شهور. وفي الوقت نفسه عقدت جلسة مطولة للمجلس الوزاري المصغر، السياسي – الأمني، تركزت حول الأوضاع على الحدود مع لبنان وسورية.

وأضاف أنه على الرغم من عدم وجود رابط بين الحدثين، إلا أنه على خلفية عدم الاستقرار على الحدود، فإنه على إسرائيل أن تدير عدة أزمات طوال الوقت بشكل مواز، ودراسة مدى انعكاس التطورات في أي جبهة على الجبهة الثانية.

وأشار إلى أن الوضع الإنساني قد تدهور في قطاع غزة، كما تفاقمت أزمة البنى التحتية، وخاصة شبكتي المياه والصرف الصحي. وفي أعقاب إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيلن بدأ إطلاق الصواريخ باتجاه النقب.

وبحسبه، فإنه بسبب خشية مصر من الفقدان المطلق للسيطرة على الوضع، بدأت تمارس ضغوطا على حماس والسلطة الفلسطينية، ما دفع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى تغيير موقفه بشأن تزويد قطاع غزة بالكهرباء، وبهدف تحييد العوامل التي قد تدفع باتجاه المواجهة العسكرية.

كما أشار إلى أن إسرائيل تدرس القيام بتسهيلات معينة، وبضمنها زيادة كمية البضائع التي تدخل قطاع غزة، والمصادقة على مشاريع في مجال البنى التحتية وبتمويل من دول الخليج.

وفي المقابل، أشار أيضا إلى أن النظام السوري يواصل استعادة مناطق في أنحاء سورية، رغم الهجمات التي تشنها المعارضة، وخاصة في منطقة إدلب. وفي الوقت نفسه يستعد لإعادة بسط سيطرته على مناطق جنوبي سورية، قريبا من الحدود مع إسرائيل.

وبحسبه، فإن إيران، وتحت غطاء تقدم قوات النظام، بدأت تدخل البضائع بشاحناتها، "وربما وسائل قتالية أيضا"، في ممر بري يبدأ من طهران ويمر بالعراق وحتى دمشق، كما تجري اتصالات على إقامة قاعدة جوية وميناء بحري وقواعد عسكرية، وبضمنها قواعد قريبة من الحدود مع إسرائيل. ويخلص إلى أن المسألة المصيرية بالنسبة لإسرائيل تتصل بصناعة السلاح الإيرانية.

وأضاف أن كبار المسؤولين الإسرائيليين، بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، عبروا عن القلق من مسألتين: "إعادة بناء ترسانة الصواريخ للنظام بعد أن كادت تنفد خلال الحرب، وإقامة مصانع أسلحة إيرانية في سورية ولبنان، والتي يمكن بواسطتها تطوير مدى دقة الصواريخ الموجودة لدى حزب الله، والتي يمكن أن تهدد إيران بواسطتها "البطن الرخوة" لإسرائيل، من ثلاث جبهات هي سورية ولبنان، وأيضا غزة حيث تحصل حركة الجهاد الإسلامي والذراع العسكري لحماس على مساعدات اقتصادية من طهران. بحسبه.

وأشار إلى أن إسرائيل كانت تأمل أن تتمكن الاحتجاجات التي ثارت في إيران في نهاية كانون الأول/ديسمبر من دفع النقاش الداخلي للتركيز على المساعدات الاقتصادية الهائلة التي تقدمها الحكومة الإيرانية على حساب المواطنين، ولكن يبدو أن النظام الإيراني تمكن من وقف توسع الاحتجاجات.

إلى ذلك، أشار إلى أن الإدارة الأميركية بذلت في الشهور الأخيرة جهودا لإقناع إسرائيل بأنه لا أساس لمخاوفها من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط بعد هزيمة داعش، وإبقاء الساحة مفتوحة أمام روسيا وإيران. وعليه، فقد قرر البنتاغون إبقاء نحو ألفي جندي شرقي سورية، وذلك لفرض قيود على نشاط إيران في الممر البري.

وينهي هرئيل بالقول إن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، يقود خطا متشددا تجاه إيران، ولكن ذلك يلقى دعما من الرئيس على مستوى البيانات أكثر من الأفعال. ومن جهة أخرى، ففي عهد ترامب، وخلافا لسلفه باراك أوباما، من الصعب رؤية واشنطن تتدخل من أجل فرض قيود على عمليات إسرائيلية في الشمال في حال قرر نتنياهو أية عمليات مطلوبة.

التعليقات