تحليلات: إسرائيل متوجسة من نتائج الهجوم على سورية

رغم إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، السبت، عن دعم بلاده الكامل للضربات الأميركية والفرنسية والبريطانية على مواقع عسكرية للنظام السوري، إلا أن التحليلات الإسرائيلية تظهر تباينًا من انعكاسات تلك الضربات الثلاثية وتأثيرها على المصالح الإسرائيلية

تحليلات: إسرائيل متوجسة من نتائج الهجوم على سورية

(أ ب)

رغم إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، السبت، عن دعم بلاده الكامل للضربات الأميركية والفرنسية والبريطانية على مواقع عسكرية للنظام السوري، نفذت فجر السبت، إلا أن التحليلات في الصحف الإسرائيلية، اليوم الأحد، تظهر تباينًا من انعكاسات تلك الضربات الثلاثية وتأثيرها على المصالح الإسرائيلية في المنطقة، وعلى أبعادها السياسية، نظرا لما اعتبروه "عمليات عسكرية محدودة".

ويرى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أنه "بالنسبة لإسرائيل، ما حدث صباح أمس، لن يحسن وضعها الإستراتيجي. بقيت إسرائيل في نفس المواجهة المتصاعدة مع إيران. علاوة على ذلك، لم يضعف نظام الأسد بسبب الضربة الثلاثية. على العكس من ذلك، فإن الهجوم أدى فقط إلى تأكيد الالتزامات الروسية تجاه نظام الأسد، واليوم يتحدث الروس بالفعل عن بيعه أنظمة متقدمة مضادة للطائرات، على غرار طرازي S-300 وS-400، الأمر الذي قد يجعل من الصعب على القوات الجوية الإسرائيلية العمل في عمق سورية".

واعتبر فيشمان أن الضربة التي سارع الرئيس الأميركي بالإعلان عنها عقب تواتر الأنباء عن الهجوم الكيميائي في مدينة دوما، جاءت استجابة للردود الفعل الجماهيرية العاصفة، في كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وكذلك تماشيًا مع التهديدات التي أطلقتها تلك الدول بتدخل عسكري إذا ما استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سورية، ما لم يبق خيارًا للدول سوى تنفيذ ضربة عسكرية، وأن الحسابات والتوازنات، والتداخل الروسي فرض على الغرب التروي وإجراء حسابات دقيقة للأهداف، ما أدى إلى "ضربة متواضعة بالحجم والأبعاد والتبعات".

وأشار فيشمان إلى أنه "لم تكن هناك رغبة حقيقية لتغيير الوضع في سورية، أو حتى لإسقاط الأسد، أو على الأقل إضعاف النظام السوري. لم يطمح الغرب، خصوصًا بارتفاع حدة التوتر مع سورية، سوى بعقوبة رمزية، تختار بعناية، من دون أخذ أية مخاطرة قد تؤدي إلى مواجهة مع الروس".

ويخشى مسؤولو الأجهزة الأمنية في إسرائيل من أن "يدفع الهجوم الثلاثي روسيا للإسراع ببيع منظومة دفاعية متطورة لنظام بشار الأسد في سورية؛ الأمر الذي سيجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي العمل في المنطقة"، وأشارت القناة الإسرائيلية الثانية إلى أن المسؤولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين يرون أن موسكو ستتجاهل مطالب تل أبيب، وتُعجل بتزويد نظام الأسد بمنظومة S-300 الدفاعية الصاروخية، معتبرين أن ذلك سيترك "إسرائيل لوحدها في مواجهة إيران".

وتعد منظومة S-300 أكثر تطورا مقارنة بكل الأنظمة الصاروخية المضادة للطائرات الموجودة لدى النظام السوري، حسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وبإمكان المنظومة ليس فقط إسقاط طائرات بل أيضا صواريخ باليستية على مدى يزيد عن 150 كم.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن النظام السوري طلب منذ سنوات من الروس تزويده بمنظومة S-300، وكان الإيرانيون على استعداد لتمويل الصفقة، إلا أنه -تحت ضغط أميركي إسرائيلي- امتنعت موسكو عن تزويد النظام السوري بتلك المنظومة الصاروخية. وفي وقت سابق، قال رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية، الفريق أول سيرغي رودسكوي، إن روسيا ستعيد النظر في قضية تزويد النظام السوري بمنظومة S-300، على خلفية الضربة الثلاثية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على مواقع لهذا النظام.

وأكد فيشمان أن التصعيد في خطاب الرئيس الأميركي، لا يتناسب وحجم الضربة، معتبرا أن ثقلها لم يتجاوز المستوى السياسي، نظرًا لكونها أميركية فرنسية بريطانية مشتركة.

ودلل فيشمان على اعتراف قوات الدفاع الفرنسية علنًا بأن الروس تلقوا إشعارًا مسبقًا بالهجوم. وتم إخطار كل من إسرائيل وتركيا، وكل الأطراف المعنية، بشكل مباشر أو غير مباشر. وأكد أنه لا عجب أن الإعلان الأول لوزارة الدفاع الروسية، بعد الهجوم مباشرة، هو أن روسيا لم تستخدم أنظمة دفاعها الجوي، كما هددت، لأن صواريخ كروز الأميركية لم تدخل مجالها ولم تقترب منه.

وأعتبر أن الأميركيين كانوا حريصين للغاية على عدم التعرض لمنشأة إنتاج وتخزين المواد الكيميائية في اللاذقية، حيث تعتبر منطقة نفوذ عسكري روسية. والنتيجة: الحد الأدنى من الإجراءات العقابية المحدودة التي يمكن تخيلها.

كما أشار إلى رضى روسي من تنفيذ ضربة عسكرية غربية في سورية في أعقاب هجوم دوما، ما يتيح للروس التتنصل وإخلاء مسؤوليتها من أي هجوم كيماوي تقدم عليه قوات النظام، خلافًا للتصريحات العلنية للمسؤولين الروس.

وقال محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، إنه إذا حاولت روسيا منع القوات الجوية الإسرائيلية من التحليق بحرية في الأجواء السورية، فإنها بذلك ترسل رسالة مزدوجة، الأولى إلى واشنطن بصفتها راعيًا لإسرائيل، والأخرى لإسرائيل كمعتدية للاحتكار والسيطرة العسكرية الروسية في سورية.

هذا ويرى المحللون الإسرائيليون أن إدارة ترامب قد تكتفي بهذه الضربات قبل بدء سحب القوات الأميركية من الأراضي السورية، ما يثير مخاوف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مباشرة ومنفردة مع الإيرانيين، الذين يسعون إلى تواجد عسكري وتمركز موّسع في سورية، علاوة على دعم حزب الله بالأسلحة والخبرات.

وبحسب بارئيل، فإن إسراع وزير الدفاع الأميركي، بالإعلان أن الضربة على أهداف في سورية جاءت "لمرة واحدة فقط"، وهدفها إرسال رسالة قوية إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإعلان البنتاغون "السريع"، كذلك، أن الضربة العسكرية في سورية انتهت، يشيان بأن الدول الغربية اضطرت إلى أن تبعث رسالة لنظام الأسد كجزء من التزامها في منع انتشار استخدام الأسلحة غير التقليدية، الكيماوية في هذه الحالة، على الرغم من أن معظم الضحايا المدنيين في سورية سقطوا بأسلحة تقليدية.

واعتبر بارئيل أن الضربة لا تمثل تغيرًا بالإستراتيجية الأميركية بالشأن السوري، إذ أن الإدارة ماضية بما عبّر عنه ترامب مؤخرًا، بسحب القوات العسكرية الأميركية من المناطق السورية، ذلك بالإضافة لعدم الرغبة الأميركية في الدخول بدهاليز "الحل السياسي" والمفاوضات التي ترعاها كل من روسيا وإيران وتركيا بين المعارضة وممثلي النظام.

بدوره، وعلى نحو مغاير، يرى المحاضر في جامعة حيفا والخبير في الشؤون الأميركية، بروفيسور أبراهام بن تسفي، أن الضربة تحمل رسائل سياسية تتجاوز الحدود السورية، لتصل إلى كل من طهران وبيونغ يانغ، وذلك قبل شهر من قرار ترامب النهائي حول الاتفاق النووي مع إيران، وقبل القمة المخطط لها مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون.

واعتبر بن تسفي أن ترامب، "حاول أن يوضح بذلك أن عهدًا جديدًا قد بدأ في السلوك الأميركي، فالهجمات الصاروخية الأميركية والبريطانية والفرنسية في سورية تشكل جبهة غربية أكثر تصميما ضد التحديات المقبلة"، وأنه، حتى لو أشار ترامب، تصريحًا أو تلميحًا، إلى أنه معني بالشأن الداخلي الأميركي، وأنه سينسب من الساحات التي تربك الاقتصاد والشعب الأميركي، إلا أن سياسته الخارجية أكثر حدة ووضوحًا وأقل ترددًا من سياسة، سلفه، أوباما.

وأشار إلى أن اتخاذ إجراءات عقابية ضد من يتجاوز "الخط الأحمر الأميركي"، هو عنوان المرحلة، معتبرًا أن "هذه إذن بطاقة حمراء لبشار الأسد، وبطاقة صفراء لموسكو وطهران وبيونغ يانغ (إنذار)، وإشارة إلى أن عهد المصالحة والجبن الذي عنون مرحلة إدارة باراك أوباما، قد انتهت".

إلا أن محلل الشؤون الأميركية بصحيفة "هآرتس"، حيمي شاليف، رأى أن كل ما يحصل خارج نطاق وحدود البيت الأبيض، ليس على سلم أولويات الرئيس الأميركي، المنشغل بدوامة التحقيقات بشأن التدخل الروسي المحتمل بانتخابات 2016 لصالح حملة ترامب، وشبهة التواطؤ مع روسيا، والذي يقوده المحقق الخاص، روبرت مولر، بالإضافة إلى تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) مع محامي ترامب الخاص، وموجة استقالات المسؤولين وتبدل الوجوه في إدارة الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية.

 

التعليقات