"أزمة عابرة مع روسيا ومخاوف من تسريع نقل الأسلحة الإيرانية"

على خلفية التوتر الحاصل بين إسرائيل ورسيا في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية، تتصاعد المخاوف في إسرائيل من "الثمن"، والذي قد يكون على شكل محاولة إيرانية لاستغلال "الأزمة" من أجل تسريع إرساليات الصواريخ المتطورة إلى حزب الله في الأيام القريبة

القاعدة الروسية حميميم في سورية (أب)

على خلفية التوتر الحاصل بين إسرائيل ورسيا في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية قبالة شواطئ اللاذقية، تتصاعد المخاوف في إسرائيل من "الثمن"، والذي قد يكون على شكل محاولة إيرانية لاستغلال "الأزمة" من أجل تسريع إرساليات الصواريخ المتطورة إلى حزب الله في الأيام القريبة.

ورغم ملامح الأزمة الواضحة بين الطرفين، إسرائيل وروسيا، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تلمح إلى أنها أزمة عابرة نظرا للعلاقات الوثيقة بين الطرفين، وهو ما أكده وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إضافة إلى تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والتي يمكن وصفها بالمتساهلة، وكذلك توصيف الخارجية الروسية للعلاقات مع إسرائيل على أنها "علاقات تاريخية"، علاوة على مشاركة الملحق العسكري الروسي في معرض عسكري إسرائيلي.

وبحسب مراسل الشؤون الأمنية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشوع، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الإيرانيين يعتقدون إن إسرائيل لن تهاجم سورية في الزمن المنظور لتجنب تصعيد الأزمة مع موسكو. وفي المقابل، فإن مصادر إسرائيلية أكدت للصحيفة أنه في حال نفذت إرساليات صواريخ فإن إسرائيل ستهاجم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه "لا يمكن لإسرائيل ألا تفعل شيئا إزاء مثل هذه التهديدات". ورغم التصريحات الإسرائيلية بأن "إسرائيل تحتفظ لنفسها بحرية العمل في سورية"، إلا أنه يجب التعامل مع هذه التصريحات بتحفظ، خاصة وأنه يصعب تنفيذ ذلك في الزمن المنظور، وفي ظل الرد الروسي "المعادي"، بحسبهم.

يذكر في هذا السياق أن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميكام نوركين، كان قد وصل إلى موسكو على رأس وفد أمني كي يعرض أمام نظرائه الروس نتائج التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي.

وخلال لقاءاته في موسكو، عرض نوركين "أدلة، وصور أقمار صناعية ومعلومات استخبارية أخرى تثبت أن إطلاق النيران المضادة للطائرات نفذها السوريون باتجاه الطائرة الروسية في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الإسرائيلية في إسرائيل، ما يعني أن السوريين يتحملون المسؤولية عن إسقاط الطائرة الروسية".

وكتبت الصحيفة أن نوركين يدرك جيدا العمل المشترك مع الروس بحكم إشغاله منصب رئيس شعبة التخطيط.

ويضيف مراسل الشؤون الأمنية للصحيفة أنه على ما يبدو لم تكن المعلومات التي قدمها نوركين "مرضية للكرملين"، حيث نشرت وزارة الخارجية الروسية بيانا حادا طالبت فيه إسرائيل بمواصلة التحقيق في الحادثة.

وجاء في بيان الخارجية الروسية أن "عملية عديمة المسؤولية وغير ودية من جانب سلاح الجو الإسرائيلي عرضت طاقم الطائرة الروسية للخطر، وتسببت بمقتل 15 جنديا من جنودنا".

وفي تغريدة على "تويتر"، هاجمت السفارة الروسية في إسرائيل عمليات الجيش الإسرائيلي، وقالت إن "روسيا ستتخذ كل الإجراءات المطلوبة من أجل إزالة التهديدات على حياة وأمن جنودها الذين يحاربون ضد الإرهاب".

وبعد عدة ساعات، تطرقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إلى الأزمة. وبعد أن أشارت إلى ما أسمته "العلاقات التاريخية المتينة مع إسرائيل"، فإنها تطالب بإجراء تحقيق إضافي. وقالت إنها تعتقد أنه نتيجة العمليات التي قام بها الطيارون الإسرائيليون نشأ تهديد على الطائرة الروسية وتسبب بإسقاطها، ولذلك فهم لم يعملوا بشكل مهني".

وأضافت أنه "من المخجل الاختباء وراء من يوفر لهم الأمن أيضا، ويقوم بواجبه، ولا يستطيعون التهرب من رصاصة وجهت لهم".

وإلى جانب هذه التصريحات، فإن روسيا صعدت من عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، وأعلنت بشكل مفاجئ، يوم أمس الخميس، عن مناورة بحرية واسعة النطاق تستمر لمدة أسبوع في منطقة قبرص وفي المنطقة القريبة من السواحل السورية.

وبالنتيجة، فإن هذه المناورة تفرض قيودا على التحليق في أجواء المنطقة المشار إليها لصالح النشاط العسكري الروسي، وأيضا لصالح الجهود في البحث عن حطام الطائرة الروسية التي أسقطت في البحر، وعلى متنها 15 شخصا، إضافة إلى عتاد استخباري سري.

ورغم التوتر الذي حصل بين إسرائيل وروسيا، فإن ذلك لم يمنع، بحسب الصحيفة، الملحق العسكري الروسي في إسرائيل، سيرجي سمينوفيتش كريبوشين، من زيارة المعرض العسكري الإسرائيلي الذي افتتح الخميس في "حولون".

في السياق ذاته، كان المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، قد كتب أن إسرائيل تأمل أن يكتفي الروس بإغلاق المنطقة لمدة أسبوع، وألا يحاولوا فرض قيود أخرى مثل منع التحليق قرب القواعد العسكرية الروسية في شمالي سورية، بما يمكن أن يقيد التواجد الإسرائيلي في أجواء سورية.

ويضيف أنه بحسب التقارير الأجنبية، فإن جزءا من الغارات الجوية الإسرائيلية نفذت من مسافة بعيدة عن سورية. ورغم ذلك، فإن هذه الخطوة الروسية قد تدفع إيران والنظام السوري وحزب الله إلى محاولة بناء حيز آمن من الغارات الإسرائيلية في شمالي سورية، بما يتيح، على المدى البعيد، مواصلة التمركز العسكري الإيراني في المنطقة، وتعزيز عمليات نقل الأسلحة إلى لبنان.

في المقابل، يشير المحلل العسكري إلى تصريحات وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، لـ"إذاعة الجيش"، والتي قال فيها إن "حقيقة أنه أجرى مع رئيس الحكومة محادثات مع كبار المسؤولين الروس، وإرسال قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى موسكو، تؤكد على العلاقات الجيدة بين روسيا وإسرائيل".

وكتب أيضا أن إسرائيل اعتادت على العمل في الجبهة الشمالية بدون أي "إزعاج" في السنوات الأخيرة. ولكن، بعد إسقاط طائرة "أف 16" بنيران المضادات السورية، في شباط/فبراير الماضي، تم استخلاص العبر العملانية، ولكن الغارات تواصلت رغم تصاعد عمليات إطلاق النار باتجاه الطائرات الإسرائيلية.

وبحسبه "من المحتمل أن أحداث الأسبوع الأخير تنبئ ببدء عملية واسعة جدا، تتضمن محاولات لفرض قيود على حرية العمل العسكري الإسرائيلي في سورية، خاصة وأن صورة الحرب في سورية تتغير بعد المكاسب التي حققها النظام السوري، وربما ستضطر إسرائيل إلى ملاءمة شكل عملياتها العسكرية مع ذلك".

التعليقات