"أمان": احتمالات الحرب أعلى من السابق

رئيس شعبة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يعرب عن تخوفه من وقف التنسيق الأمني، "وهذا سيجعلنا عرضة لعمليات أكثر"، ومن عدم التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، ويقول إن الأنظمة العربية غير مستقرة

مشاركون في مسيرة العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة (APA)

قال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، درور شالوم، إن الإستراتيجية التي وضعها رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، "تضع تحديا كبيرا" أمام إسرائيل، "فهو لم يقفز من نفق، وإنما ارتدى بدلة وجلب الحشود إلى الجدار، وها نحن ننقل حقائب (المنحة المالية القطرية) إلى غزة". وأضاف في مقابلة نشرتها صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم، الأحد، "نحن على برميل بارود في غزة".

وأشار شالوم إلى أن "المشكلة الأساسية هناك هي اقتصادية – مدنية – إنسانية. وحماس تدرك ذلك أيضا... ولذلك تبحث عن طرق أخرى (غير القتال). حماس تريد تسوية، دون أن تعترف بها، رغم أنه ليس واضحا لي كيف سيلجم ذلك تعاظم (قوة) حماس. ولذلك نحن نوصي بدفع التسوية، أي التسهيلات وتحسين الوضع المدني ودفع مشاريع طويلة الأمد، كي يرفع الغزيون رأسهم فوق مياه الصرف الصحي. وسيبقى السؤال حول الإستراتيجية الإسرائيلية في السياق الفلسطيني مفتوحا".

واستبعد شالوم أن يضع السنوار راية الجهاد جانبا، "لكن حماس مستعدة للتوصل، اليوم، لوقف إطلاق نار طويل الأمد. هدنة. ونحن كجهاز استخبارات، أشرنا إلى أنه يوجد هنا حيز تسوية. وأقول لأولئك الذين يعتقدون أن مهمتنا هو إنتاج أهداف، إنه ما هو الهدف، لأني لا أرى أننا سنكون أقوى بعد التصعيد والحرب، لأنه يوجد سيناريوهان. الأول هو أن نحقق إنجازا كبيرا، ولكنه سيشمل خسائر كثير لنا، وبعدها نصل إلى التسوية نفسها التي توافق حماس عليها الآن، لا أكثر ولا أقل. والخيار الثاني هو أن تنهار حماس خلال الحرب، وعندها سيكون الوضع في قطاع غزة مثل الصومال".  

وقدّر شالوم أن شن إسرائيل عدوانا على غزة لن يجر بالضرورة حربا في جبهتها الشمالية، مع سورية ولبنان، "وأعتقد أن الاحتمال الأكبر هو أن الشمال سيجر غزة".

وتطرق شالوم إلى الوضع في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الهدوء النسبي هناك هو نتيجة إحباط إسرائيل عمليات والتنسيق الأمني مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والجهود الرامية إلى الحفاظ على نسيج الحياة وتحسين الوضع الاقتصادي، رغم عدم تحويل إسرائيل لأموال الضرائب للسلطة منذ أشهر.

عباس في الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي (أ.ب.)

واعتبر شالوم أن "كل هذا يستند بشكل كبير على أبو مازن (رئيس السلطة محمود عباس). والكثيرون عندنا يرون به محرضا، لكن أبو مازن هو حجر العَقد الهام جدا للهدوء السائد منذ العام 2006. وهذا لا يعني أنه من محبي صهيون، لكن لديه مصالح".

من الجهة الأخرى، قال شالوم إن "الوضع ليس مستقرا وقد يتقوض. والإنذار الإستراتيجي ليس (اندلاع) انتفاضة فقط. فهذا الجزء السهل، وكدنا ندخل انتفاضة في العمليات الانفرادية. ولكن في السنة – السنتين الأخيرتين شهدنا عدة أحداث كان لديهم خلالها أفكارا حول المس بالتنسيق الأمني، وإلى جانب الجيل الشاب الذي يتذكر الانتفاضة السابق بشكل أقل والوضع غير المعروف بالنسبة لحماس، يمكن أن يقوض الاستقرار. ويصعب عليّ رؤية خلف يطرح مواقف معتدلة وبراغماتية مثل أبو مازن. وينبغي أخذ ذلك بالحسبان".  

النووي الإيراني

في سياق إيران وبرنامجها النووي، تحدث شالوم عن ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي جديد مع إيران ويكون مشابها أو مختلفا مع الاتفاق السابق، "وقد لا يستجيب لرغبات إسرائيل"؛ الثاني، أن يستمر التصعيد العسكري في الخليج ويصل إلى وضع تُصعّد فيه إيران عملياتها وتضطر الولايات المتحدة إلى الرد، ما قد يتبعه مطالبة حزب الله بالتدخل، ضد إسرائيل؛ والثالث هو خرق إيران للاتفاق النووي "تحت سقف الإسراع نحو القنبلة النووية".

واعتبر شالوم أن إيران يمكن أن تصنع قنبلة نووية خلال سنتين، لكنه اعترف بأنه قد تكون هناك منشآت نووية إيرانية لا تعرف الاستخبارات الإسرائيلية بوجودها، "ولذلك لدينا أنظمة منظمة جدا تعمل في الموضوع النووي، وليس في إيران فقط وإنما في المنطقة كلها، وتقلب أي حجر كي لا نكون متفاجئين. وكمن كان شريكا (في اكتشاف) المفاعل السوري، فإنني لست هادئا في السياق الإيراني، وهذا تغيير سيء طرأ عندنا بمفهوم التحدي، إلا في حال توصلنا إلى اتفاق جديد يخدمنا جميعا".    

الأنظمة العربية غير مستقرة

فيما يتعلق بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في سورية، قال شالوم إنه "رصدنا التوترات الموجودة في مثلث القوى بوتين – الأسد – إيران وتمكنا من المناورة بداخلها، وفيما أي عملية ننفذها تخاطب هذه الجهات الثلاث بشكل متوازي، والفكرة هي إبقاء التوتر تحت سقف الحرب طوال الوقت. وقد نجحنا في لجم أمور كثيرة ويوجد هنا إنجازات كبيرة فعلا".

سلييماني (أ.ب.)

وتابع أنه تم منع وصول أسلحة إلى سورية، "ولم تتم إقامة معسكرات لمليشيات شيعية أرادوا إقامتها، والاستثمار الإيراني انخفض (في سورية)". وحسب شالوم، فإن القيادة في طهران لا تعرف كل شيء يحصل في سورية، وأن قائد "قوة قدس" في الحرس الثوري، قاسم سليماني، "هو شخص جدي جدا... وبدأ الآن بنقل قدرات إلى سورية بهدف المس بنا في ’المعركة بين حربين’" في إشارة إلى العمليات العسكرية التي تنفذ إسرائيل بادعاء إبعاد احتمال الحرب.  

وادعى شالوم، وقد يكون هذا مجرد ادعاء لا أساس له، أنه "على عكس الرأس السائد في إسرائيل، بشار الأسد ليس راضيا تماما من النشاط الإيراني في بلاده. وسيضطر إلى أن يدرك أن سليماني يلعب بين رجليه. والمعسكرات التي تحاول إيران إقامتها في شرقي سورية تتم خلافا لرأيه، وهو قلقٌ من التشيّع الذي يحاولون تنفيذه، لكنه مُكبل في نهاية الأمر. والروس يدركون هذا الوضع المعقد أيضا".

وحول الوجود الروسي في سورية، قال شالوم "إننا نجري حوارا ناعما جدا مع الروس. ولا نريد أن ندخل في مواجهة معهم، لكنهم يدركون قدرتنا على إلحاق أضرار. لكننا حذرون جدا، وحسب فهمي للأمور فإنه لدينا حرية عمل" من الروس لتنفيذ عمليات عسكرية في سورية

وقال، حول لبنان وحزب الله، إن "فرضيتي الأساسية هي أنه في الحرب القادمة في لبنان سيتعين علينا منع نقل تعزيزات من سورية إلى لبنان، وأن نتوقع تحديات من الحيز السوري في عالم الصواريخ والقذائف الصاروخية وربما أكثر من ذلك. ولذلك فإن احتمال التصعيد اليوم أكبر من السابق".

واعتبر شالوم أن "الهزة في العالم العربي مستمرة، وتوجد علامة استفهام حول استقرار الأنظمة في الشرق الأوسط كله. وحتى في الأماكن التي تبدو كأنها عبرت الهزة، يتواصل عدم الاستقرار ولا توجد فيها مؤسسات متوازنة، لأن الاستبداد مستمر ولكن بأدوات أخرى والتطور الاقتصادي لم يحقق تغييرا كبيرا".

التعليقات