عدوان "الحزام الأسود": النشوة الإسرائيلية تقود لفهم خاطئ للفلسطينيين

تحليلات: "يبدو لنا دائما أن الحسم في معركة تكتيكية هو انتصار شامل. والآن أيضا، على سبيل المثال، نسينا أن هدوء الأسبوعين الأخيرين جاء بعد سنة ونصف السنة من المظاهرات المتواصلة، كل نهاية أسبوع، بمشاركة آلاف الفلسطينيين"

عدوان

سديروت خلال العدوان على غزة، قبل أسبوعين (أ.ب.)

قال مسؤولون أمنيون، صباح اليوم الأربعاء، إن جهاز الأمن لا يعرف هوية الذين أطلقوا قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل، مساء أمس. لكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أن الاعتقاد هو أن حماس والجهاد الإسلامي لم يطلقا هذه القذائف، وإنما تنظيمات متمردة، وأنه يوجد في القطاع العديد من هذه التنظيمات والتي بحوزتها أسلحة كثيرة.

رغم ذلك، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن القصف الإسرائيلي في القطاع، الليلة الماضية، جاء ردا على إطلاق القذيفتين، وحمّل حركة حماس المسؤولية عن إطلاق القذائف.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، صرح مساء أمس، بأنه "إذا كان أحد ما في غزة يعتقد أن بإمكانه أن يرفع رأسه بعد عملية ’الحزام الأسود’ (جولة القتال بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، قبل أسبوعين)، فإنه يرتكب خطأ شنيعا. وسنرد بحزم على أي هجوم ضدنا". واعتبر وزير الأمن، نفتالي بينيت، صباح اليوم، أن "الحكم على صاروخ لم يصب هدفه كالحكم على صاروخ أصاب هدفه. ومن يطلق الصواريخ سيُستهدف".

ويسود أمل في إسرائيل أن تقود ضغوط تمارسها إسرائيل ومصر على حماس إلى التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، وذلك بالاستناد إلى نتائج العدوان على غزة، قبل أسبوعين. وتدعي إسرائيل أنها تدفع حلولا لمشاكل إنسانية في القطاع، "كي تظهر لحماس وباقي الوسطاء، في الظاهر على الاقل، أنه في الجانب الإسرائيلي تجري دراسة قرارات بشأن انطلاقة في مجالات مختلفة"، حسبما ذكر موقع "واللا" الإلكتروني، اليوم.

إلا أنه تتعالى الآن انتقادات من جانب خبراء أمنيين ومحللين عسكريين تجاه إعلان قادة إسرائيل عن "إنجازات" العدوان الأخير على غزة مقابل الجهاد الإسلامي، لافتين إلى أن هذا العدوان لم يحقق الكثير.

ووفقا لورقة تقدير موقف صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، اليوم، فإن "النظر إلى هذه الجولة كنجاح إسرائيلي، دل على جهوزية الجبهة الداخلية، ليس صحيحا ويمكن أن يسبب اطمئنانا سيمس بالمحفز على تحسين الاستعدادات لمواجهة واسعة يتوقع أن تنتهي بنتائج وخيمة".

وأضاف المعهد أن "تعطيل الدراسة والمرافق الاقتصادية في وسط البلاد تثير أسئلة حول الاعتبارات التي أدت إلى هذا القرار، ولعلها تدل على وجود تخوف من جهوزية أدنى للمعركة".

من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، إلى أنه "عندنا يسارعون للاحتفال بإنجازات تكتيكية، لكن النشوة بعد عمليات عسكرية ناجحة تقودنا دائما إلى أخطاء سياسية في فهم المجتمع الفلسطيني. ويبدو لنا دائما أن الحسم في معركة تكتيكية هو انتصار شامل. والآن أيضا، على سبيل المثال، نسينا أن هدوء الأسبوعين الأخيرين جاء بعد سنة ونصف السنة من المظاهرات المتواصلة، كل نهاية أسبوع، وشارك فيها ما بين 5000 و50 ألف شخص (مسيرات العودة)".

وشدد فيشمان على أن "إسرائيل، الدولة العظمى الإقليمية، لم تنجح في لجم الهيجان الذي حول الحياة في غلاف غزة إلى غير محتملة. وعندما تم تسجيل أكثر من 300 قتيل وآلاف الجرحى في الجانب الآخر، فإنه من الجائز أن الحكم في غزة إنما يعيد حسابات طريقه وحسب"، وأن الاختبار القريب سيكون في نهاية الأسبوع، عندما يحيي الفلسطينيون ذكرى قرار التقسيم الجائر.       

وتابع فيشمان أن "الجيش لا يكتفي بالإنجاز العسكري، وهو يدفع المستوى السياسي إلى ترسيخ الإنجاز بخطوات مدنية داعمة أيضا، وترمي إلى تحسين الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، ولترسيخ حكم حماس في القطاع أيضا".

وبحسبه، فإنه "أن تكون راضيا من إنجاز عسكري هو شيء، ولكن أن تلعب بمادة متفجرة سياسية؟ فهذا لم يعد في ملعب الجيش. من قرر أن حماس غيرت سياستها فعلا؟ من قرر أن إسرائيل بحاجة إلى رعاية سيطرتها في قطاع غزة؟".

واعتبر فيشمان أن "هدف حماس، قبل أن يعالج أمر ’الكيان الصهيوني’، هو السيطرة أولا على السلطة الفلسطينية، والجمهور الفلسطيني كلّه، سواء بالانتخابات أو بالإرهاب. ولهذا الغرض هو بحاجة إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد كي يستقر. وهل تشتر إسرائيل هدوءا للأمد القصير، ويقود إلى نشوء عدو أقوى بكثير للأمد الطويل؟ وهل هذه توجيهات المستوى السياسي إلى الجيش؟ أم أنه بعدم وجود مستوى سياسي بدفع الجيش إلى اتخاذ قرارات ذات تبعات سياسية طويلة الأمد؟".

التعليقات