الجيش الإسرائيلي: كورونا تنشئ فرصا للتعامل مع الشرق الأوسط

شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقدر أن واقع كورونا في إيران وسورية ولبنان أصعب من المعطيات الرسمية، وأنه قد تحدث تحولات تجاه إسرائيل في كل من لبنان وقطاع غزة، وتعزيز الثقة مع السلطة الفلسطينية في الضفة

الجيش الإسرائيلي: كورونا تنشئ فرصا للتعامل مع الشرق الأوسط

مستشفى ميداني أقامه الجيش الإيراني قرب طهران، نهاية الشهر الماضي (أ.ب.)

قال الجيش الإسرائيلي في تقارير استعرضها أمام الحكومة الإسرائيلية، حول الوضع في الشرق الأوسط في ظل انتشار وباء كورونا، إن نصف سكان الشرق الأوسط دون سن 24 عاما، ما يعني أنه لا يتوقع إصابة هؤلاء بكورونا، ولكن من الجهة الأخرى تعاني الدول في هذه المنطقة من نقص واسع في البنى التحتية ونقص في أجهزتها الصحية وقدرتها على شراء أجهزة ومعدات طبية.

وتأتي هذه التقارير بعدما شكّل الجيش الإسرائيلي فريق عمل إستراتيجي، بهدف دراسة هذه الفترة واستشراف تغيرات إقليمية وعالمية "وفرص ومخاطر لإسرائيل"، في الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن تهدئة مع حماس في قطاع غزة ومراقبة البرنامج النووي الإيراني، حسبما ذكر موقع "واللا" الإلكتروني اليوم، الخميس.

وتشير تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إلى أن الشرق الأوسط سيواجه صعوبات كبيرة للانتعاش من كورونا وأن الوباء سيضرب المنطقة، من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وحتى إيران، لفترة طويلة.

وتعتبر "أمان" أن إيران كانت وما زالت الموضوع الإستراتيجي المركزي بالنسبة لإسرائيل. وفيما تتحدث المعطيات الرسمية عن حوالي 3700 وفاة بكورونا في إيران، إلا أن تقديرات "أمان" تقول إن عدد الوفيات خمسة أضعاف ذلك.

وحسب "أمان"، فإن التخوف هو من تخفيف العقوبات على إيران، الأميركية خصوصا، ما سيجعلها تنتعش اقتصاديا، ومن تقليص الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة المنشآت النووية الإيرانية، وذلك على خلفية انتشار وباء كورونا، وأن تسرع إيران تطوير برنامجها النووي في ظل ذلك. وتقول "أمان" إن الإيرانيين يخصبون 180 كيلوغرام من اليورانيوم شعريا بنسبة 4%، وأن هذه وتيرة "تستوجب زيادة جمع المعلومات الاستخبارية حول البرنامج".

وقال ضابط إسرائيلي كبير إن "الإيرانيين يضعون الآن منشآت تشمل أجهزة طرد مركزي متطورة. وعمليا، فإنهم سيعملون في الفترة القريبة، ليس على تخصيب كمية أكبر من 4%، وإنما سيجمعون خبرة في الأبحاث والتطوير بواسطة الأجهزة المتطورة. وكل هذا تحت غطاء الكورونا. والتحدي يزداد من الناحية الاستخبارية. ولا أعتقد أن الإيرانيين سيسارعون نحو القنبلة. وأعتقد أن أمامنا تحد لعرقلة تقدمهم".

ضباط عراقيون يؤدون تحية عسكرية لأطباء يواجهون كورونا في بغداد، أول من أمس (أ.ب.)

وفيما يتعلق بالعراق، أشارت "أمان" إلى أن المواجهة هناك في أعقاب اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، تدور بين القوات الأميركية ومليشيات موالية لإيران، لكن تأثير إيران في العراق تراجع ونشأ ما يشبه نظام جديد، إلى جانب ضغوط تمارسها جهات سياسية عراقية على الولايات المتحدة كي تنسحب من البلاد.

وتقول تقديرات "أمان" إن البيت الأبيض لا يبحث انسحابا من العراق، لكنها لا تستبعد مواجهة مسلحة أخرى بين الولايات المتحدة وإيران في العراق.

سورية ولبنان

وحسب تقديرات إيران، فإن المعلومات حول كورونا في سورية، التي تتحدث عن 19 إصابة بالفيروس ووفاة اثنين، لا تعكس الوضع هناك. لكن الموضوع الذي يهم "أمان" يتعلق بالوجود الإيراني في سورية، وما إذا كانت ستستمر إيران بتموضعها بالوتيرة والحج ذاتهما قبل انتشار الوباء، وما إذا سيستغل الروس الوضع في إيران كي تخرجها من سورية.

ووفقا لتقديرات "أمان"، فإن النظام السوري قلق من الوجود الإيراني، وذلك لأنه يُنظر إلى إيران على أنها "مصدرة كورونا"، وأيضا بسبب الغارات الإسرائيلية المتكررة في سورية، ويمكن أن يدفع هذا الأمر النظام إلى إعادة التفكير بالوجود الإيراني في سورية أو تقليصه.

وتشكك "أمان" بالمعطيات التي تنشرها لبنان، حول وفاة 19 وإصابة 570 بالفيروس، وتقول إنها لا تتناسب مع الواقع. ونقل "واللا" عن ضابط إسرائيلي قوله إنه "رأينا أن حزب الله يتخذ إجراءات صارمة، بتقليص وجوده في قسم من الأماكن ووقف جزء من التدريبات، وقد غيروا الوضع الاعتيادي". وتقدر "أمان" أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، "مرتدع وليس معنيا بالاحتكاك مع إسرائيل بشكل عنيف لأنه منشغل جدا بالشؤون الداخلية".

شرطي لبناني يحرر مخالفة لسائق في بيروت، أول من أمس (أ.ب.)

وأضاف "واللا" أن الجيش الإسرائيلي يواصل "المراقبة بتأهب" لمشروع حزب الله بتحسين دقة صواريخه، رغم الأزمة الاقتصادية في إيران، الأمر الذي يدفع الحزب إلى مراجعة خطواته.

وتعتبر "أمان" أن هذا الوضع يخلق "فرصا" لإسرائيل، "خاصة وأن حكومة لبنان تطوق لمساعدات طبية وتضييق خطوات حزب الله. ويأملون في إسرائيل أن تشترط الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية تقدمها للبنان بالتضييق على حزب الله".

الضفة الغربية وقطاع غزة

تعتبر تقديرات "أمان" أن الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين هي الحلبة "الداهمة والأكثر قابلية للاشتعال"، وأن الوضع ملح جدا في القطاع. وحسب "أمان"، فإن عدد مرضى كورونا في القطاع ليس مهما لأنه ينبغي دراسة قدرة انتشار واسع هناك. وقال ضابط كبير في "أمان" إن "هذا أمر قد يؤدي إلى تغيير الاتجاه. من مرضى يصلون إلى السياج، مرورا بتنظم متمرد وحتى تغير توجهات حماس". كذلك تقدر "أمان" أن وجهة زعيم حماس في القطاع، يحيى السنوار، رغم التصريحات التي هدد فيها بإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، نحو تسوية في ظل أزمة كورونا.

وفي الوقت نفسه، تتخوف "أمان" من فقدان حماس السيطرة على الوضع في القطاع وأن تحاول تغيير الواقع الأمني، من خلال شن هجمات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية من أجل الحصول على مساعدات طبية طارئة.

ووفقا لـ"واللا"، فإنه "توجد جهات في جهاز الأمن الإسرائيلي التي تعتقد أنه من الصوائب استغلال الفرص، ودفع نوع من نظام تسوية لا يشمل مسا للسلطة الفلسطينية، ومن دون إدخال بُعد سياسي بتاتا. وذلك مقابل مساعدات إنسانية إسرائيلية ودفع عملية تقود إلى هدوء طويل الأمد وبواسطة تدخل دولي".

شحنة مواد غذائية من "أونروا" في غزة، نهاية الشهر الفائت (أ.ب.)

وتشير تقديرات "أمان" إلى أن السلطة الفلسطينية تعمل في الضفة الغربية بصورة ناجعة وصحيحة ضد انتشار كورونا. "والهيئات الفلسطينية المختلفة تتلقى مساعدات متواصلة وتنسق مع مجلس الأمن القومي والإدارة المدنية الإسرائيلية".

وتدعو جهات في جهاز الأمن الإسرائيلي إلى "استغلال هذه الفترة من أجل تعزيز العلاقات بين الجانبين في المستقبل، ومع من يبدو حاليا كقائد في الضفة الغربية بهدف إنشاء ثقة".

وأضافت الجهات الإسرائيلية أنه "حتى لو بدأت إسرائيل بالحديث عن إستراتيجية خروج من أزمة كورونا واستئناف العمل في المرافق الاقتصادية، فإنه من دون العمال الفلسطينيين لن يكون بالإمكان تحريك خطوات، والعمال الأجانب، كالصينيين مثلا، لا يمكنهم أن يشكلوا بديلا. ولذلك ينبغي تعزيز علاقات الثقة بين الجانبين والنظر بعيدا إلى اليوم الذي يلي كورونا".

التعليقات