"بلاك كيوب" تجسست في رومانيا بمصادقة رئيس الموساد الأسبق

بعد اعتقال اثنين من عملاء شركة التجسس الإسرائيلية "بلاك كيوب" في بوخارست، قال مديرها العام إن رئيس الموساد الأسبق والرئيس الفخري للشركة، مئير داغان، صادق على عملية التجسس على مسؤولة مكافحة الفساد: "عملية هامة"

رئيس الموساد الأسبق، مئير داغان (أ ف ب)

قال مدير عام شركة التجسس الإسرائيلية الخاصة "بلاك كيوب"، دان زورلا، خلال تحقيق أجرته الشرطة الإسرائيلية معه، في حزيران/يونيو عام 2016، إن رئيس الموساد الأسبق و"الرئيس الفخري" للشركة، مئير داغان، شجعه على تنفيذ عملية تجسس، جرى خلالها اختراق حواسيب مقربين من رئيسة سلطة محاربة الفساد في رومانيا، لاورا كوبتشي، التي كانت تجري تحقيقات ضد مجموعة من المسؤولين وبينهم مسؤولون مقربون من الرئيس الروماني. وطولبت "بلاك كيوب" بتنفيذ عمليات التجسس هذه بهدف إحباط تمديد ولاية كوبتشي لولاية ثانية في منصبها.

وجاءت إفادة زورلا في الشرطة الإسرائيلية، وفقا لصحيفة "ذي ماركر" اليوم الثلاثاء، بعد اعتقال اثنين من العاملين في "بلاك كيوب" في فندق في العاصمة الرومانية بوخارست، في نيسان/أبريل 2016. واعتقل الاثنان، ديفيد غكلوفيتش ورون فينر، بعد ساعات قليلة بعد اختراقهما لعدد من حواسيب مقربين من كوبتشي.

وحسب إفادة زورلا أمام محققي الشرطة الإسرائيلية، فإن اعتقد أنه تم استئجار خدمات شركته من قبل المخابرات الرومانية (SRI) وبموافقة رئيسها، إدوارد هلفيغ، ورئيس الدولة، يوهناس كلاوس. ويشار إلى أن كلاهما كانا هدفا في تحقيقات كوبتشي. وأضاف زورلا أنه حصل على مصادقة داغان لأن عملية التجسس التي ستقوم بها شركته ستتم تحت رعاية المخابرات الرومانية وأن هذه "مهمة هامة".

وقال زورلا في إفادته إن مسؤولا سابقا في المخابرات الرومانية، يدعى دانيال دراغومير، كان حلقة الوصل بين المخابرات الرومانية و"بلاك كيوب" وأنه بإمكان الشركة العمل كخلية تابعة للمخابرات الرومانية، وبذلك ستُمنح صلاحية قانونية لاختراق الحواسيب.

رئيسة مكافحة الفساد في رومانيا، لاورا كورتشي

وأضاف زورلا أن "دراغمير ذكر أنه يريد البدء بالمشروع، وأشار إلى أنه تبقى ثلاثة أسابيع فقط (لتمديد ولاية كوبتشي)، وقال إنه نجح بالحصول على مصادقة المخابرات الرومانية بالعمل داخل رومانيا كخلية تابعة للمخابرات، لكي نتمكن من تنفيذ اختراق البريد الإلكتروني هناك".

ولم يستعرض زورلا أي وثيقة تثبت أقواله، لكنه قال للمحققة إنه "تذكرت أنه كانت لمئير داغان، الرئيس الفخري لبلاك كيوب، علاقات جيدة مع أجهزة المخابرات في رومانيا. وذهبت إلى بيته، بعد أيام قليلة من المحادثة مع دراغومير. وأوضحت له حساسية الأمر، وسألته إذا بإمكانه استيضاح الأمر بواسطة علاقاته في رومانيا، وإذا كان هذا مشروعا حكوميا فعلا".

وأضاف زورلا أن "داغان هاتفني بعد يوم أو اثنين. وقال إنه أجرى اتصالات في رومانيا، وأن هذا مشروع هام وحساس جدا بالنسبة للدولة في رومانيا. وعلينا أن ننفذ العملية، مثلما طلب دراغومير، ومن داخل رومانيا فقط بحيث نكون محميين بواسطة المخابرات، ونعمل كخلية تابعة للمخابرات الرومانية، وبالنجاح، فهذه مهمة هامة".

لكن لم يكن بإمكان المحققين الإسرائيليين التحقق من هذه الرواية، لأن داغان توفي قبل ثلاثة أشهر من التحقيق مع زورلا. كما أن عميلا "بلاك كيوب" اللذين اعتقلا في رومانيا أدينا بصفقة ادعاء وحكم عليهما بخدمة الجمهور والسجن مع وقف التنفيذ، وسُمح لهما بمغادرة رومانيا.

بعد هذه القضية، ادعت "بلاك كيوب" أنها توقفت عن تقديم خدمات تجسس لحكومات أو العمل في المجال السياسي. لكن صحيفة "نيويوركر" كشفت في العام 2018، أن هذه الشركة جمعت معلومات عن بِن رودس وكولين كال، وهما مستشارات للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.

وقبل تورطها في رومانيا، ترددت تقارير في وسائل الإعلام، أن "بلاك كيوب" نفذت عمليات لصالح وزارة الأمن الإسرائيلية. كذلك كشف برنامج "عوفدا" التلفزيوني الإسرائيلي عن أن "بلاك كيوب" اقترحت على شركة الكيماويات الإسرائيلية، بملكية رجل الأعمال عيدان عوفر، في العام 2013 – 2014، التجسس على وزير المالية الإسرائيلي الأسبق، يائير لبيد، والمحاسبة العامة السابقة للوزارة، ميخال عبادو – بويانجو، ونائب المستشار القضائي للحكومة الأسبق، المحامي آفي ليخت، وذلك في أعقاب ننزاع بين شركة الكيماويات والدولة حول الضرائب التي يتعين على الشركة أن تدفعها لقاء الكنوز الطبيعية التي تنقب عنها.

ورفعت "بلاك كيوب" دعوى قضائية ضد برنامج "عوفدا" بعد نشره معلومات، جاء فيها أن الشركة تجسست على معارضين نظام رئيس الكونغو، جوزيف كابيلا، واعتبرت الشركة أن التقرير كان "مسيئا" لها.

وعقبت "بلاك كيوب" بالقول إن قضية رومانيا "مؤسفة" وأن الشركة تعاونت بشكل كامل مع السلطات الرومانية، وأنه لم يجر التحقيق مع الشركة والعاملين فيها في إسرائيل أبدا باستثناء المساعدة الدولية للسلطات الرومانية، وفي أعقاب ذلك تعمل الشركة بموجب القانون في أي دولة تنشط فيها.

التعليقات