"اتفاقيات أبراهام": المصلحة الأميركية أولا والإسرائيلية بالمكان الرابع

مصدر إسرائيلي مطلع: الاتفاق الأمني الأميركي – الإسرائيلي "يشمل قدرات عسكرية لم تكن بحوزة إسرائيل حتى اليوم، تسويات لإرجاء دفعات وتبكير تزويدها. وتوجد فيه أمور حساسة جدا وهامة جدا. وتم الحفاظ على التفوق النوعي الإسرائيلي"

ترامب خلال مهرجان انتخابي، أمس (أ.ب.)

منحت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، جميع أطراف "اتفاقيات أبراهام" تعويضا للتوقيع على هذه الاتفاقيات، لكن يبدو أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من هذه التعويضات، ومقابل صفقة بيع طائرات F35 للإمارات، حصل إسرائيل على اتفاقيات تطبيع علاقات، جعلت الدول العربية الموقعة عليها، الإمارات والبحرين والسودان، حليفة لإسرائيل، ومن الجهة الثانية، حصلت إسرائيل على أسلحة نوعية فائقة التطور و"سرية" أيضا، في محاولة من جانب ترامب لإسكات معارضة من داخل الحكومة وجهاز الأمن في إسرائيل لصفقات الأسلحة، والتي تبرز في انتقاداتهم لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.

وكتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الأحد، أن "تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين البنتاغون وموفدي جهاز الأمن سرية. ويقول مصدر ضالع فيه إنه اتفاق معقد. ويشمل قدرات عسكرية لم تكن بحوزة إسرائيل حتى اليوم، تسويات لإرجاء دفعات وتبكير تزويدها. وتوجد فيه أمور حساسة جدا وهامة جدا. وسأنام بهدوء بوجود هذا الاتفاق، فقد تم الحفاظ على التفوق النوعي الإسرائيلي". وأضاف أن وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، وقع على الاتفاق في واشنطن، يوم الخميس الماضي.

ورغم وجود إجماع بين جميع الأحزاب الصهيونية على الترحيب بـ"اتفاقيات أبراهام"، إلا أن هذه الاتفاقيات جاءت في وقت تسود فيه أزمة سياسية متواصلة في إسرائيل، وفيما ثقة قطبي الحكومة - الليكود برئاسة نتنياهو و"كاحول لافان" برئاسة غانتس – ببعضهما في حضيض لم تشهده المؤسسة الإسرائيلية من قبل. وقد انعكس انعدام الثقة هذا في "اتفاقيات أبراهام".

غانتس ونظيره الأميركي، الشهر الماضي (أ.ب.)

ووفقا لبرنياع، فإن الإعلان الأولي عن اتفاق التحالف والتطبيع بين إسرائيل والإمارات، في 13 آب/أغسطس الماضي، "تلقاه جهاز الأمن بمفاجأة مطلقة"، وإثر ذلك تقرر خلال اجتماع عقده غانتس مع قيادة جهاز الأمن "استيضاح ما إذا كان الاتفاق يشمل صفقة أسلحة أميركية – إماراتية، وإذا كان هناك اتفاق كهذا، فماذا يشمل. ووجه غانتس أسئلة إلى وزارة الدفاع الأميركية (وليس إلى نتنياهو، بسبب انعدام الثقة). والإجابة كانت قاطعة: توجد صفقة أسلحة، وهي جزء من الاتفاق الثلاثي (الأميركي – الإسرائيلي – الإماراتي). ولا يشمل طائرات F35 فقط، وإنما عتادا متطورا للحرب الإلكترونية وغيرها". أي أن نتنياهو كذب عندما نفى، قبل شهرين تقريبا، تقرير برنياع عن وجود صفقة أسلحة إلى جانب الاتفاق مع الإمارات.

وأضاف برنياع أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين "علموا أن صفقة الأسلحة مع الإمارات هي البداية وحسب. والسعودية ستكون الزبون القادم، وربما مصر ودول أخرى". ونقل عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إنه "يحظر أن تزيل الصفقة بشكل كامل القيود على بيع أسلحة إلى دول في الشرق الأوسط، فهذا خطر على إسرائيل".

وتطرق برنياع إلى إعلان إسرائيل والسودان عن تطبيع علاقات بينهما، مشيرا إلى أن "البشرى السودانية وُلدت من مطالبة حاكم الإمارات، محمد بن زايد، بطرد الجهات الإرهابية الإسلامية من السودان يضمن الإبحار في مضيق باب المندب، وهو شريان حيوي للنفط الإماراتي. وهذا يشكل ضربة لإيران. وإسرائيل تربح من ذلك، وهذه بُشرى ممتاز".

أربع غايات أساسية لـ"اتفاقيات إبراهيم"

رأى المحلل العسكري في موقع "واينت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أن "إسرائيل مستفيدة من ثمار المبادرة الدبلوماسية (اتفاقيات أبراهام)، لكن ينبغي أن نعلم أن غايتها الأولى هي خدمة المكانة والغايات الإستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، ولا يقل عن ذلك خدمة حملة ترامب الانتخابية. ومصالح إسرائيل موجودة في المكان الرابع في سلم الأولويات الأميركي".

وأضاف بن يشاي أنه تبين من محادثات أجراها مع مصادر مطلعة، أنه يفترض بـ"اتفاقيات أبراهام" أن تحقق "أربعة غايات أساسية":

أولا، "إعادة تشكيل معسكر موال لأميركا ومناهض لإيران في الشرق الأوسط وتعزيزه بحيث يشمل الدول العربية السنية وإسرائيل. ويوجد لهذا المعسكر، وفيما إسرائيل القوية عسكريا عضو علني فيه، قدرة أفضل على مواجهة التهديدات الإيرانية، حتى في الفترة التي تقلص فيها الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط".

ثانيا، "زيادة مبيعات الأسلحة الأميركية للشرق الأوسط من أجل إنشاء مصادر تشغيل ودخل للاقتصاد الأميركي".

ثالثا، "لجم التوغل الصيني والروسي إلى الشرق الأوسط كجزء من الصراع الإستراتيجي الذي يشمل الدول العظمى الثلاث. وتحاول الصين وروسيا حاليا استغلال انسحاب الولايات المتحدة من أجل توسيع تأثيرهما في المنطقة، ومن خلال ذلك تحقيق مكاسب اقتصادية. والولايات المتحدة ليست مستعدة للتنازل عن المكاسب الاقتصادية والسياسية النابعة من كونها السند الإستراتيجي ومزودة السلاح الأساسية لمنتجات النفط العربية وإسرائيل، ولذلك سعت إلى تشكيل كتلة ’اتفاقيات أبراهام’ التي تركن فيها حليفاتها وزبائنها في المنطقة".

البرهان وبومبيو، في آب/أغسطس الماضي (أ.ب.)

رابعا، "تحصين وتعزيز مكانة إسرائيل السياسية والعسكرية في المنطقة، ودفع القيادات الفلسطينية إلى الاعتراف بأنها غير قادرة على الاعتماد بعد الآن على دعم عربي أوتوماتيكي في أية مطالب من إسرائيل. ولذلك، على القيادات الفلسطينية أن تبلور مواقف واقعية أكثر وتفاوض على أساس مبادرة إدارة ترامب للسلام".

وأشار بن يشاي إلى أن إسرائيل ستخرج رابحة من اتفاق مع السودان، "فالسودان تنسب نفسها إلى المعسكر الشرق الأوسطي للدول السنية المعتدلة الموالية للغرب وتُخرج نفسها من دائرة التأثير والهيمنة الإيرانية. وهذا إنجاز كبير لإسرائيل على الورق، لأن الانفصال عن إيران سيمنع حرس الثورة من تهريب أسلحة وأموال عبر أراضيها إلى حماس والجهاد الإسلامي في غزة".

من جانبه، انتقد رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عاموس يدلين، نتنياهو بشكل غير مألوف، في تغريدة على "تويتر"، وكتب أن "الاتفاق هام وتاريخي. وهذه صفقة ثلاثية – تطبيع، إلغاء الضم ورغم نفي رئيس الحكومة، سلاح متطور ونوعي للإمارات. والقضية الخطيرة هنا ليس السلاح لدولة بعيدة، ومعتدلة وموجودة في معسكرنا ضد إيران – وإنما كنمط متكرر، نفي كاذب من جانب رئيس الحكومة، بعد أن أخفى مرة أخرى قرارا أمنيا هاما عن الوزراء رفيعي المستوى وجهاز الأمن" في إشارة إلى "قصية الغواصات".

التعليقات