تحليلات: العلاقات مع أميركا أعمق من خلاف بين بايدن ونتنياهو

حسب تحليلات إسرائيلية، فإن بايدن سيبادر سريعا إلى مفاوضات مع إيران من خلال مرحلتين وقناتين منفصلات، بهدف التوصل لاتفاق نووي جديد، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ليس في مرتبة مرتفعة في أجندته ولن يغلق السفارة في القدس

تحليلات: العلاقات مع أميركا أعمق من خلاف بين بايدن ونتنياهو

بايدن وزوجته، أمس (أ.ب.)

رغم أن إسرائيل هي أهم حليف للولايات المتحدة، إلا أن رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، تأخر بتهنئة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الذي هزم الرئيس دونالد ترامب، وصدرت تهنئة كهذه عنه اليوم، الأحد، بعدما هنأه العشرات من الزعماء في العالم منذ أمس، ومن دون أن يذكر أن بايدن هو "الرئيس المنتخب". ويلمح تأخر نتنياهو إلى تحسبه من السياسة التي سيتبعها بايدن، خصوصا تجاه إيران وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، حسبما أشار محللون إسرائيليون، اليوم.

ورأى المحلل السياسي في موقع "واللا" الإلكتروني، باراك رافيد، اليوم، أن تأخر نتنياهو في تهنئة بايدن ينبع من أن "نتنياهو ما زال يخشى عقاب الرئيس (ترامب) غير المتوقع"، وأن نتنياهو "يحلم على ما يبدو بهدية وداع كهذه أو تلك" من ترامب، "لكن هذه ليست بداية جيدة لعلاقات مع بايدن. وأداء نتنياهو يدل أكثر من أي شيء آخر على أنه يعاني من أعراض فطام".

أشار رافيد إلى الدعم الذي حصل عليه نتنياهو من ترامب، وبضمن ذلك "خطوات في الحلبة الداخلية استهدفت حكم القانون والديمقراطية. وعلى سبيل المثال، فإنه ثمة شك إذا كان قانون القومية سيولد لو أن هيلاري كلينتون كانت في البيت الأبيض مكان ترامب. ولكن أكثر من أي شيء آخر، كان الرئيس الأميركي السند السياسي المركزي لنتنياهو في المعارك الانتخابية الثلاثة الأخيرة" في إشارة إلى لافتات الانتخابات التي انتشرت في المدن الإسرائيلية وفيها صور نتنياهو وترامب.

ووفقا لرافيد، فإن بايدن ومستشاريه "شهدوا إدمان نتنياهو على ترامب". ونقل رافيد عن أحد مستشاري بايدن قوله إن "نتنياهو يستيقظ من الثمالة الآن، وأحد الأعراض هو الصداع".

وأضاف رافيد أن معظم مستشاري الرئيس الجديد هملوا في إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، "وهم يعرفون جيدا نتنياهو ومزاجه وشكوكهم نحوه بالغة. وتأخر نتنياهو في نشر بيان التهنئة لبايدن سيزيد هذه الشكوك وحسب".

واعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أنه "بالإمكان تفهم نتنياهو. فهو يعرف ترامب ومشاعره. وهو يعرف أيضا الجمهور الإسرائيلي، الذي يقر بالعرفان لترامب. وبايدن ليس ترامب، ولن يشعر بالإهانة من الاتصال الهاتفي المتأخر. والعلاقات بين الرئيس المنتخب وإسرائيل عميقة ومتواصلة أكثر من التعلق باتصال هاتفي واحد".

ولفت برنياع إلى أن "بايدن ينتمي إلى المجموعة الأكثر تأييدا لإسرائيل في الحزب الديمقراطي. وقد قال مرة إنه صهيوني. وقصد بذلك أنه معجب بالفكرة التي أقامت دولة إسرائيل".

وتابع أن "إيران ستصل سريعا جدا إلى الأجندة. وسيسعى إلى استئناف الاتصالات مع إيران والتوصل إلى اتفاق. وربما هذا يتناقض مع موقف نتنياهو، لكن لا يتناقض بالضرورة مع المصلحة الإسرائيلية. والموضوع الفلسطيني ملح أقل بالنسبة للأميركيين، لكنه ملح بالنسبة للفلسطينيين. وصفقة القرن ماتت ليلة الانتخابات. وحل الدولتين عائد إلى طاولة المداولات، بقوة ضئيلة".

وأفاد المحلل العسكري في الصحيفة نفسها، أليكس فيشمان، بأنه "اتضح من اتصالات غير رسمية جرت مؤخرا بين أعضاء في الفريق الذي يبلور السياسة الخارجية والأمنية لبايدن وبين مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في إسرائيل، أن الإدارة المستقبلية تتبلور معادلة لاستئناف المفاوضات مع إيران، وهذا موجود بأفضلية عليا".

وحسب فيشمان، فإن "الإستراتيجية التي بلورها فريق بايدن هي مفاوضات مع الإيرانيين من خلال مرحلتين وقناتين منفصلتين. والمرحلة الأولى هي منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض (في كانون الثاني/يناير المقبل) وحتى انتخاب رئيس جديد في إيران، في حزيران/يونيو المقبل. والتقييم الأميركي للوضع في هذه المرحلة هو التوصل إلى تفاهمات مع الإيرانيين حول تجميد الوضع، في مجال نشر السلاح البالستي والتدخل الإيراني الإقليمي. وفي محور مداولات منفصل، تجميد الأنشطة النووية العسكرية. وفي المقابل، سيكون الأميركيون مستعدون للتنازل عن العقوبات الأخيرة التي فرضها ترامب".

وأضاف فيشمان أنه "بعد انتخاب رئيس جديد في إيران، يعتزم الأميركيون إجراء مفاوضات حول اتفاق دائم ثان في كلا المجالين، النووي والإقليمي. ويستعدون في الولايات المتحدة لسد ’ثقوب’ في الاتفاق الأصلي، من العام 2015. والمرحلة الثانية قد تستمر لفترة طويلة، ويتم خلالها الحفاظ على العقوبات".

متظاهرون ضد نتنياهو في القدس، أمس (أ.ب.)

وتنطوي هذه الخطة الأميركية على احتمال لنشوء خلاف بين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، وفقا لفيشمان. "بالنسبة لنتنياهو، لا يوجد بديل عن العقوبات إلى حين تتنازل إيران عن البنية التحتية النووية. ووفقا لمفهوم غانتس، لا ينبغي رفض المحاولة الأميركية، لكن أي معادلة يجب أن تشمل، ليس فقط وقف تطوير السلاح النووي، وإنما نشر السلاح البالستي في المنطقة، وبضمن ذلك مصانع تحسين دقة الصواريخ في لبنان ووقف التدخل الإيراني في الإرهاب ضد إسرائيل".

وتابع فيشمان أن "تقديرات مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي تشير إلى أن اتفاقا مع إيران، يشمل المُركبات التي تطالب بها إسرائيل، سيشكل عاملا للجم توجه المنطقة المتسارع نحو حرب في لبنان. ووتيرة التطورات، حتى الآن، في مجال إنتاج المقذوفات الدقيقة في مصانع في لبنان قد يلزم إسرائيل بمهاجمة هذه المنظومة قبل نهاية السنة الحالية. وأوعز وزير الأمن للجيش بالاستعداد لتدهور نحو مواجهة شاملة في جبهة لبنان. والتدريب العسكري الكبير الذي أجراه الجيش الإسرائيلي في الشمال حاكى مواجهة كهذه".

ونقل فيشمان عن مصادر أمنية إسرائيلية، قولهم إن "اتفاقا جيدا مع إيران ويضمن وقف السلاح النووي في إيران ولجم صنع السلاح الدقيق في لبنان لمدة 15 عاما، أفضل من مواجهة مسلحة تؤجل المشكلة لسنوات معدودة فقط".

بايدن سيعيد السياسة الأميركية التقليدية

أشار المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بِن كسبيت، إلى أنه باستثناء ترامب، فإن "جميع الإدارات الأميركية، الديمقراطية والجمهورية، اتبعت السياسة الواضحة نفسها: مساعدات سخية لإسرائيل، مظلة سياسية لإسرائيل، حلف أمني عسكري واقتصادي مع إسرائيل. لكن كانت هناك ملاحظة تحذير لإسرائيل أيضا: التزام مطلق بحل الدولتين، عدم الاعتراف بالمستوطنات، الخط الأخضر كأساس للمفاوضات وعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بسبب حقيقة أن شرقي المدينة بضمنها. ويبدو أن هذا ما كان، وهكذا سيكون".

وأضاف كسبيت أن "بايدن ليس أوباما. وهو ليس ليبراليا مثل أوباما. وتربطه صداقة مع نتنياهو منذ سنوات طويلة. وهو يعرف إسرائيل جيدا، ويحبها وينبغي مساعدتها كي يساعد إسرائيل، بدلا من الخصام معه".

من جانبها، اعتبرت المراسلة السياسية لصحيفة "هآرتس"، نوعا لانداو، أن "بايدن لن يفاجئ بتصريحات عملاقة كالتي أطلقها ترامب، مثل الاعتراف بالمستوطنات وتقليصات للفلسطينيين، وهي خطوات غايتها إرضاء القاعدة الأنغليكانية أكثر من دفع مصلحة إسرائيل، ولكنه لن ينفذ خطوات معاكسة أيضا. فبايدن هو تلميذ لوبي أيباك كلاسيكي، لا يتوقف عن تكرار قصة لقائه مع غولدا مئير، كما أن نائبته كامالا هاريس مثله وأكثر".

قرب نابلس: الاحتلال مستمر تحت جميع الرؤساء الأميركيين (أ.ب.)

وأضافت لانداو أنه "باستثناء حقيقة أن الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني لن يكون في مرتبة عليا في قائمة مهماتهما، فإنه لا يوجد أي سبب لوضع العصي في عجلات الاتفاقيات مع دول الخليج، على سبيل المثال. وهي اتفاقيات امتدحها بايدن. وصحيح أن بايدن وهاريس لن يمنحوا الدعم لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية والاعتراف بها. لكن طوال السنوات التي تولى خلالها رؤساء أميركيون، ليسوا ترامب، لم يتوقف المشروع الاستيطاني للحظة. واستمر هذا المشروع تحت جميع رؤساء الولايات المتحدة. وبوتيرة كهذه أو تلك، مشروع الاحتلال استمر".

وتابعت أن "بايدن وهاريس سيؤيدان حل الدولتين تماما مثلما أدركت إدارة ترامب في نهاية الأمر أن لا حل آخر. وكان السؤال الوحيد، كم سيأخذ كل طرف. ويصعب التصديق أن هذه الإدارة بالذات سترغم الجانبين على الحسم. ومن الجهة الأخرى، سيحظى الفلسطينيون بهواء للتنفس، الذي يسمح منذ الآن باستئناف التعاون الأمني مع إسرائيل. كذلك فإن السفارة في القدس لن تُغلق، مثلما أعلن بايدن، ولكن ستُفتح مجددا القنصلية لصالح الفلسطينيين وممثلية فلسطينية في واشنطن. وهذه خطوة أخرى من شأنها تقليص التوتر المتراكم".

وسيتمحور الخلاف بين الإدارة الأميركية الجديدة ونتنياهو حول إيران لكن لا يتوقع أن يتجاهل بايدن مطالب إسرائيل بهذا الخصوص، حسب لانداو، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن "العلاقة المميزة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لن تتضرر بسبب بايدن أو هاريس. وبالمقابل، على الأرجح أن الصراع مع الفلسطينيين لن يُحل. ولا الستاتيكو الميداني. وإذا جرى التوقيع على اتفاق جديد مع إيران، فإن ادعاءات إسرائيل لن تسقط على آذان صماء. والأمر الوحيد الذي سيتضرر هي حملة نتنياهو حول ’صديقه الأفضل’ ترامب، وقدرته على استخدام موجة العداء للديمقراطية في واشنطن لاحتياجات حربه ضد جهاز القضاء والصحافة".

التعليقات