تحليلات إسرائيلية: نتنياهو فشل فشلا ذريعا بالموضوع الإيراني

"بايدن موجود في وضع مختلف عن أوباما. فالأغلبية في الكونغرس انتقلت إلى الديمقراطيين. وإمكانيات نتنياهو محدودة"* "بايدن سيستأنف بعض الضغوط على إسرائيل كي تعود للمفاوضات، ويرجح حدوث صدام كما في العام 2009"

تحليلات إسرائيلية: نتنياهو فشل فشلا ذريعا بالموضوع الإيراني

بايدن في البيت الأبيض حاملا كتاب الخطة الإستراتيجية لمكافحة فيروس كورونا، أمس (أ.ب.)

تفيد التقديرات في إسرائيل، والتخوفات أيضا، بأنها ستدخل في مواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي بدأ ولايته أول من أمس. وحسب التوقعات، فإن هذه المواجهة ستتمحور حول موضوعين. الأول والأساسي، بالنسبة للجانبين، هو الموضوع الإيراني، إذ صرح بايدن بعزمه على العودة إلى الاتفاق النووي فيما رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يعارض ذلك بشدة.

والموضوع الثاني هو الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهذا لا يتعلق بحل الصراع فقط وإنما الحد من التوسع الاستيطاني. فقد برزت خلال ولاية الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، ونائبه بايدن، ضغوطا مورست على إسرائيل وأظهرت معارضة أميركية لتوسيع المستوطنات، لكن الرئيس السابق، دونالد ترامب، أزال هذه المعارضة ومنح إسرائيل يدا طليقة في هذا السياق، إلى جانب معاداة الفلسطينيين واستهداف المؤسسات الدولية الداعمة لهم، مثل الأنروا.

وفي السياق الإيراني، رأى المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة، أن "بكل ما يتعلق بالنووي الإيراني، فشلت الدبلوماسية الإسرائيلية فشلا ذريعا".

وأضاف أن "أوباما حاول لجم البرنامج النووي بواسطة اتفاق دولي. ورد نتنياهو بظهور دراماتيكي في الكوتغرس من خلف ظهر الرئيس. وكان الخطاب مثيرا للإعجاب، وكذلك النتيجة. فالتخوف من عملية عسكرية إسرائيلية صعّد الضغوط على أوباما من أجل التوصل إلى الاتفاق مهما حصل. ولم يستجب الاتفاق إلى الكثير من المطالب الأمنية الإسرائيلية المبررة. ورغم ذلك، لجم (الاتفاق) استمرار التخصيب".

وتابع برنياع أن "ترامب انسحب من الاتفاق النووي، مثلما طالبت إسرائيل، وشدد العقوبات على إيران. واضعفت العقوبات إيران اقتصاديا، لكن، على الرغم من التفاؤل في إسرائيل، لم تؤد لانهيار النظام. (بل أن) الانسحاب الأميركي سمح للإيرانيين باستئناف العمل في البرنامج النووي".

نتنياهو يلقي خطابا بالكونغرس ضد الاتفاق النووي، عام 2015 (أ.ب.)

ويعتزم بايدن العودة إلى الاتفاق النووي، "وما يوجهه في ذلك هو القلق من تقدم إيران نحو القنبلة"، وفقا لبرنياع. ونقل عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله إن "الاتفاق الجيد هو اتفاق سيء".

وحسب برنياع، فإن "ثلاث مشاكل تقلق إسرائيل: الثقوب في الإشراف على البرنامج؛ تقدم الإيرانيين في استخدام أجهزة طرد مركز أكثر تطورا؛ والتقد في صنع الصواريخ والرؤوس الحربية".

وتعتبر إسرائيل أن لدى الإيرانيين مصلحة عليا بالعودة إلى الاتفاق. "فوضعهم أسوأ مما كان في العام 2015، عندما تم توقيع الاتفاق".

وأشار برنياع إلى أن طاقم الخارجية والأمن الذين عينهم بايدن "مليء بأشخاص كانوا ضالعين بالمفاوضات مع إيران. والتقديرات في إسرائيل هي أنهم مستَثمرون في الاتفاق مع إيران. وهم يريدون محو أي ذكر لخطوات ترامب. وسيسارعون جدا بالعودة للتوقيع. وقال المصدر إنه ’يحظر على هذا الاتفاق أن يكون الاتفاق 2" أي الاتفاق نفسه منن العام 2015.

ولفت برنياع إلى أن "أوباما اختار تجاهل حملة نتنياهو. وبايدن موجود في وضع آخر. فالأغلبية في مجلسي الكونغرس انتقلت من الجمهوريين إلى الديمقراطيين. وإمكانيات نتنياهو محدودة. وذاكرة بايدن طويلة. وقال لي مصدر أميركي إن ما حصل لن يتكرر" في إشارة إلى خطاب ننتنياهو في الكونغرس ضد الاتفاق النووي.

وأشار برنياع إلى أن "جهات في إسرائيل تحلم بصفقة رباعية: دول الخليج توافق على تمويل إعادة إعمار سورية؛ سورية، في المقابل،، تبعد إيران عن حدودها؛ يزيل الأميركيون العقوبات التي فرضوها على روسيا؛ روسيا، في المقابل، تنسحب من سورية".

ونقل برنياع عن مصدر أميركي قوله إن "هذا لن يحدث. لقد تم طرح هذه الفكرة ورُفضت. والإيرانيون لا يظهرون اهتماما بها؛ وكذلك السوريون. والعقوبات على روسيا فُرضت في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وهذه منطقة ذات سيادة أوكرانية. وبايدن لا يؤيد الاحتلال".

واعتبر برنياع أن "الموضوع الفلسطيني أقل إلحاحا، لكنه ليس أقل تعقيدا. وبموجب القرار الذي مرره جون كيري عندما كان وزير خارجية في إدارة أوباما، يتعين على مجلس الأمن الدولي إجراء مداولات شهرية حول الموضوع الفلسطيني. وترامب حيّد هذه المداولات، وحكومة إسرائيل فرحت بذلك. ولم تتعهد إدارة بايدن مسبقا بتأييد أي خطوة إسرائيلية في الضفة. وعندما تريد الحكومة شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية، البناء أو الضم،، ستضطر إلى إقناع البيت الأبيض أولا. وستولد حكومة الـ61 (عضو كنيست) اليمينية التي يتحدث نتنياهو عنها، بأيد مقيدة. ومثلما قلنا، الاحتفالات انتهت".

صدام محتمل

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "تحدي بايدن سيكون بالتوصل إلى اتفاق نووي جديد، ولكن بحيث يشمل شروطا محسنة تقيّد الإيرانيين. وبالأفضلية الثانية، ستكون هناك حاجة على ما يبدو للتعامل مع قضايا جرى إهمالها في الاتفاق الأصلي، بينها تقييد برنامج الصواريخ الإيراني وضلوع طهران في ممارسة الإرهاب والتآمر في أنحاء الشرق الأوسط".

وأضاف هرئيل أنه "على الأرجح أن يكون الالتفات إلى الشرق الأوسط متدنيا نسبيا، بسبب المشاكل الداخلية الهائلة التي تواجهها الولايات المتحدة، وفي مقدمتها انتشار فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية. وفي الحلبة الدولية،، صراعات التأثير مع الصين مهمة أكثر للأميركيين".

وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، أشار هرئيل إلى أن "صفقة القرن التي طرحها ترامب ماتت موتا طبيعيا. وبالإمكان التوقع أن يستأنف بايدين بعض الضغوط على إسرائيل من أجل أن تعود إلى المفاوضات، لكن على الأرجح أنه سيحدث هنا صداما مثلما حدث بين أوباما ونتنياهو في العام 2009، في الأشهر الأولى لولايتيهما، مع خطاب القاهرة، خطاب بار إيلان والإملاء الأميركي بتجميد البناء في المستوطنات".

الموقع الذي تريد إسرائيل إقامة مستوطنة "غفعات همتوس" بجنوب القدس (أ.ب.)

بدوره، اعتبر المحلل العسكري في القناة 13 التلفزيونية، ألون بن دافيد،، في مقاله الأسبوعي في صحيفة "معاريف"، أن تعيينات بايدن هي "نذير شؤم"، مشيرا إلى مستشار الأمن القومي ورئيس CIA ونائبة وزير الخارجية، "وعلى رأسهم جون كيري، الذي سيكون عضوا في حكومة بايدن".

وأضاف بن دافيد أن "جميع هؤلاء يثيرون قلقا في إسرائيل، وحتى أن الرسائل التي بعثها وزير الخارجية الجديد، طوني بلينكن، لا تسكّن هذا القلق".

وتابع أن نتنياهو ينتظر المحادثة الهاتفية الأولى مع بايدن كرئيس، "كي يفهم إذا كان يعتزم العودة إلى الاتفاق النووي السابق كنقطة بداية، أم أنه منفتح لصياغة اتفاق نووي جديد ومحسّن".

واعتبر بن دافيد أنه "فقط بعد هذه المحادثة سيقرر نتنياهو إذا كان سيعود إلى العمل ضد الإدارة، مثلما فعل خلال ولاية أوباما، أم أنه سيعمل مع الإدارة من أجل تحسين الاتفاق. ونتنياهو يميل إلى الاعتقاد أنه ليس بالإمكان التوصل إلى اتفاق محسّن".

التعليقات