نزع شرعية لاهاي: "قضية أزاريا جسدت قيم الجيش الإسرائيلي"

خبير إسرائيلي: "إثر التحدي الذي تضعه لاهاي، سيدعم الجيش النيابة العسكرية بكل ما يتعلق بالتحقيق في شكاوى ومحاكمة جنود، مثلما ستتعزز أهمية توصياتها بالنسبة لسياسة إطلاق النار. وستكون النتيجة، تعاظم التوترات الثقافية داخل الجيش"

نزع شرعية لاهاي:

مظاهرة في لندن، في 11 أيار/مايو 2019، ضد العدوان الإسرائيلي المتكرر على الفلسطينيين (الأناضول)

تسعى إسرائيل إلى نزع الشرعية عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وتصاعد هذا المسعى في أعقاب قرار قضاة المحكمة بصلاحية المدعية فيها، فاتو بنسودا، بالتحقيق في جرائم حرب متهمة إسرائيل بارتكابها بحق الفلسطينيين. ورأى خبير إسرائيلي أن هذا القرار سيزيد التوترات الثقافية داخل الجيش الإسرائيلي.

وفي إطار محاولات نزع الشرعية عن المحكمة الدولية، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأحد، أن المدعي الجديد في المحكمة، كريم خان، الذي انتخب خلفا لبنسودا، أول من أمس، كان محامي الدفاع عن أمام محكمة لاهاي عن سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي المخلوع، معمر القذافي. واتهم القذافي الابن بالتحريض على إثارة الحرب الأهلية والإبادة الجماعية وإساءة استخدام السلطة وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين والإضرار بالمال العام وجلب مرتزقة لقمع ثورة 17 شباط/فبراير، التي أطاحت بحكم معمر القذافي ومقتله.

خان (أرشيفية - رويترز)

وبحسب الصحيفة، فإن خان طالب بالإفراج عن سيف الإسلام القذافي لأن الحكومة الليبية الانتقالية ألغت التهم عنه. وكان محامو القذافي قد أعلنوا أنه تم الإفراج عنه إثر عفو عام، صدر في 6 تموز/يوليو العام 2016. وأضافت الصحيفة أن "المحكمة الدولية ما زالت تطالب بمحاكمة القذافي الابن، وسيكون مثيرا الآن رؤية كيف سيتصرف خان، في منصب المدعي العام للمحكمة، في ملف زبونه السابق".

كذلك دافع خان أمام المحكمة الجنائية الدولية عن نائب الرئيس الكيني، وليام روتو، الذي اتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في أعقاب انتخابات في العام 2007. واتهم روتو بقتل 1200 شخص وتحويل مئات الآلاف إلى نازحين. كما اتهم روتو بالفساد، باستغلال منصبه كوزير للزراعة لسرقة أراض. وألغت المحكمة الدولية التهم ضده، في العام 2016، بسبب "التدخل المنهجي في الأدلة والتدخل السياسي الفاضح".

وأصدر خان بيانا، الأسبوع الفائت، قال فيه إنه "طوال 30 عاما تقريبا كنت خلالها عضو في نقابة المحامين، لم تُطرح أبدا أي شكوك أو انتقادات تجاه عملي المهني من جانب أي قاض أو محكمة، وبأي مستوى من المحاكم".

"توترات داخل الجيش"

من جانبه، لفت الخبير الإسرائيلي في مثلث العلاثات بين الجيش والمستوى السياسي والمجتمع والمحاضر في الجامعة المفتوحة، بروفيسور يَغيل ليفي، في صحيفة "هآرتس"، اليوم، إلى أنه رغم الخلافات في إسرائيل حيال قرار قضاة المحكمة في لاهاي بصلاحية تحقيق المدعي فيها بجرائم حرب منسوبة لإسرائيل، "لكن بالإمكان التوقع بشكل مؤكد، أن القرار سيزيد توترات ثقافية في الجيش".

وكان الخبير القانوني الإسرائيلي، بروفيسور أيال غروس، قد أشار في مقال في الصحيفة نفسها، الأسبوع الماضي، إلى أنه بإمكان إسرائيل صد اتهامات ضدها إذا أجرت تحقيقات بنجاعة حول استهداف جنود لمواطنين فلسطينيين. وفي العام 2013، قدمت لجنة شكلتها الحكومة الإسرائيلية، برئاسة القاضي يعقوب تيركل، توصيات تقضي بملاءمة نظام التحقيق في شكاوى حول انتهاك قوانين الحرب للقانون الدولي.

لكن في العام 2018، كشف مراقب الدولة الإسرائيلي عن فجوات بين التوصيات وبين تطبيقها، فيما منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية أكدت، في العام 2019، أن التغييرات في هذه التحقيقات كانت "تجميلية وخارجية وحسب".

وتوقع ليفي أنه "إثر التحدي الذي تضعه لاهاي، سيدعم الجيش النيابة العسكرية بكل ما يتعلق بالتحقيق في شكاوى ومحاكمة جنود، مثلما ستتعزز أهمية توصياتها بالنسبة لسياسة إطلاق النار. وستكون النتيجة، تعاظم التوترات الثقافية داخل الجيش. والحديث يدور عن توتر بين مقاتلي الياقات الزرقاء، وهم بالأساس الجنود من الطبقة الوسطى الدنيا، ومن مجموعات متدينة والمهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق وأثيوبيا، وبين النيابة العسكرية".

دعم واسع للجندي القاتل أزاريا (أرشيفية - أ.ف.ب.)

وأضاف ليفي أن "الجنود، الفئات الاجتماعية التي جاؤوا منها والسياسيين الذين يمثلونهم، يرون بالنيابة والقانون الدولي أنهما يمثلان ثقافة غريبة، تقيّد حرية عمل الجنود في إطلاق النار وبذلك تشكلان خطرا على حياتهم".

وتابع ليفي أن الخطاب العام حول قضية الجندي القاتل، إليئور أزاريا، الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف، في الخليل فيما كان مصابا ولا يقوى على الحركة، "كشف الهوة بين الجانبين. وتم التعبير عنها بأقوال من جانب حاخامات المستوطنين، مفادها أن النيابة العسكرية تدافع عن الفلسطينيين وبذلك تشكل خطرا على الجنود. ومنح (رئيس حزب "يمينا") نفتالي بينيت هذه الانتقادات ختما رسميا، عندما ادعى في العام 2018 أن "جنودنا يخافون من النيابة العسكرية أكثر مما يخافون من يحيى السنوار".

وشدد ليفي على أن "الذين يدافعون عن النيابة العسكرية يتبنون فرضيات اليمين. فبدلا من قول الحقيقة البسيطة، أن الالتزام بالقانون يستوجب أحيانا تشكيل خطر على الجنود، يتباهى قادة الجيش بحرية العمل التي تمنحها النيابة لهم. والآن، في أعقاب قرار لاهاي، يتوقع أن يحاذر قادة الجيش الإسرائيليمن خطاب كهذا، وحتى أنهم سيشددون على كيفية عمل النيابة من أجل ضمان أن يتم إطلاق النار بموجب قواعد القانون الدولي".

وتوقع ليفي أن "تزداد شدة اتهامات اليمين لـ’المبالغة بالتمسك بالقانون’ الذي يكبل أيدي القانون. وهذه التوترات ستشتد في الأحداث التي سيُستهدف فيها جنود أو يُحاكموا. وثمة شك في مدى الإدراك الذي سيبديه الجنود، الذين يحتاج كثيرون منهم إلى مساعدات اقتصادية، لتهديد اعتقال محتمل لضباط في خارج البلاد. وصراع السيطرة على قيم الجيش، التي شكلت قضية أزاريا تجسيدا له، هو في بدايته وحسب".

التعليقات