تحليلات: المستوطنون وحكومة بينيت – لبيد اتفقوا على إقامة مستوطنة جديدة

"الاتفاق بين الحكومة والمستوطنين في البؤرة الاستيطانية غير القانونية إفياتار لا يعكس تسوية، وإنما يبشر بانتصار جارف للأخيرين. وهرمية القوة في الميدان ستبقى على حالها، وفي نهاية الأمر تنفذ السلطات ما يريده المستوطنون"

تحليلات: المستوطنون وحكومة بينيت – لبيد اتفقوا على إقامة مستوطنة جديدة

البؤرة الاستيطانية "إفياتار"، أمس (أ.ب.)

أكد محللون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الثلاثاء، على أن ما يوصف بـ"تسوية" حول البؤرة الاستيطانية العشوائية "إفياتار"، المقامة في جبل صبيح قرب نابلس في عمق الضفة الغربية، هي فرض واقع على الأرض وإقامة مستوطنة جديدة، وأن هذا كان هدفها منذ البداية. وخلال فرض هذا الواقع، استشهد أربعة فلسطينيين على الأقل من قرية بيتا في محاولة الدفاع عن الأرض، خلال الشهر ونصف الشهر الأخير.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن رئيسة فريق متابعة المستوطنات في حركة "سلام الآن"، حاغيت عوفران، قولها إنه في هذه "التسوية" ثبت أن "المستوطنين يقررون سياسة إسرائيل في المناطق" المحتلة. فقد تم الاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين على إبقاء مبنى دائم وقاعدة عسكرية سيسكنه جنود سرية عسكرية، ومعهد ديني لتدريس التوراة (ييشيفاة)، وبعد ذلك إجراء مسح للأراضي بهدف إقامة المستوطنة.

ويحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي الظهور بأنه يعارض إقامة المستوطنة، لكن هذا يبدو كتضليل أكثر من أنه يعبر عن موقف. فجيش الاحتلال هو المسيطر في الضفة، وإقامة البؤرة الاستيطانية تمت تحت أنظاره، طوال الفترة الأخيرة. كما شددت الصحيفة على أنه "منذ بداية أيار/مايو الماضي اتسعت البؤرة الاستيطانية واستقرت، تحت رعاية حكومة نتنياهو والمصادقة التي منحتها لها بصمت".

وجاء في بيان صادر عن المستوطنين في هذه البؤرة الاستيطانية، أمس، أن "العائلات ستخلي نفسها طواعية، وخلال نصف سنة سيكون بالإمكان إقامة مستوطنة حقيقية". وحسب مراسل الشؤون الاستيطانية في الصحيفة، إليشاع بن كيمون، فإنه "لم نشهد أمرا كهذا منذ سنوات طويلة. وكنت هنا (في البؤرة الاستيطانية) في الليالي في البداية. وربما كان هنا مبنى واحد وعشرون شخصا. ونحن الآن بعد عدة أسابيع، وحصلوا عمليا على تعهد بنقطة دائمة".

وأشار المحلل السياسي في الصحيفة، ناداف أيال، إلى أنه "توجد هنا عدة أمور غير مألوفة: أولا، استعداد الدولة – وخاصة الوزير المسؤول عن ذلك وهو وزير الأمن، بيني غانتس – لشرعنة حدث ليس مسموح به وغير قانوني أبدا، وكان في الماضي ينتهي بإخلاء فوري. وكلما مرّت الأيام، لم يصدقوا في البؤرة الاستيطانية أن حظهم جيدا. وليس فقط أن الدولة لم تخليهم، وإنما كما قال أحد المصادرة الضالعة في الاتفاق، كان هناك ’إبداء تفهم في المستوى الحكومي والإدارة المدنية (التابعة لجيش الاحتلال)، بل نية حسنة أيضا’".

مستوطنون في البؤرة الاستيطانية "إفياتار"، أمس (أ.ب.)

ولفتت الصحيفة إلى أن قادة المستوطنين سعوا إلى إقامة البؤرة الاستيطانية، وأن المستوطنة دانييلا فايس قادت الاتصالات مع الحكومة من أجل التوصل إلى التسوية، وأن وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، شكلت حلقة الوصل بين فايس وبين وزارة الأمن ورئيس الحكومة، نفتالي بينيت.

من جانبه، رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "الاتفاق الآخذ بالتبلور بين الحكومة والمستوطنين في البؤرة الاستيطانية غير القانونية إفياتار لا يعكس تسوية، وإنما يبشر بانتصار جارف للأخيرين. وتثبت الأيام الأولى لحكومة بينيت – لبيد مرة أخرى ما كان معروف منذ وقت طويل: قادة المستوطنين هم مجموعة الضغط الأقوى في الدولة. وتبدل الحكومات وإنهاء ولاية بنيامين نتنياهو لا تغير هذا الوضع. وربما العكس: ممثلو المستوطنين، يوسي داغان ودانييلا فايس، يعلمون تماما على أي أزرار ينبغي أن يضغطوا من أجل تشغيل نفتالي بينيت وأييليت شاكيد".

ويتبين مرة أخرى أنه من أجل مصالح المستوطنين، يفقد غانتس تأثيره على وزارته. فقد "قال غانتس لقادة المستوطنين، قبل بضعة أيام فقط، أنه لن تكون هناك أي تسوية وأنه سيتم إخلاء البؤرة الاستيطانية"، حسبما أشار هرئيل. "لكن غانتس اكتشف سريعا جدا، على جلده، أنه لا يتوقع له في هذه الحكومة متعة أكبر قياسا بالشراكة الاضطرارية السابقة مع نتنياهو. وفي الأسبوع الماضي فقط، لجم شركاؤه في الحكومة محاولته تشكيل لجنة تحقيق في قضية الغواصات. والآن هم يفرضون على غانتس استسلاما في قضية البؤرة الاستيطانية".

وأضاف هرئيل أن "الادعاء الذي يسمعه غانتس في كلتا الحالتين، هو أن التوازن الداخلي في الحكومة الجديدة ناعم جدا ويحظر تشكل خطر على استمرار ولايته بخطوات غير مألوفة، ولا تكون مقبولة على جميع أطرافها. وعمليا، القرارات تُتخذ من أجل دعم مصالح بينيت، وفيما في الخلفية دفيئته الأيديولوجية، حركة الاستيطان".

ولفت هرئيل إلى أنه "يفترض أن تكون هذه حكومة تغيير... ولكن في القضايا الجوهرية حتى الآن اليسار هو الذي ينحني أمام اليمين. ولا يُسمع صوت الجناح اليساري في الحكومة – أحزاب العمل وميرتس ولنفترض ييش عتيد أيضا. وفقط عضو الكنيست عن ميرتس، موسي راز، أصدر حتى الآن بيان تنديد بالاتفاق مع المستوطنين".

وتابع هرئيل أنه "ستمرّ سنين حتى يتمكن السكان الفلسطينيون في القرى المجاورة من العودة إلى الأراضي التي أقيمت البؤرة الاستيطانية عليها، إذا كان سيحصل أمر كهذا أصلا. ومن هذه الناحية، فإن المستوطنين حققوا ما يريدون".

ولفت إلى أن "مجلس إقليمي مستوطنات السامرة تعهد بسيطرة إسرائيلية في هذه النقطة التي يعتبرها إستراتيجية، لأن التواجد فيها يقطع التواصل الجغرافي الفلسطيني، وهذه توجه مشابه تُمليه مواقع قسم كبير من المستوطنات والبؤر الاستيطانية.

وخلص هرئيل إلى أن "بينيت سيقول الآن بالتأكيد أن التسوية، التي يفترض ضمان إخلاء المستوطنين بالاتفاق، منعت سفك دماء وحربا أهلية. لكن إذا لم تحدث أزمة في اللحظة الأخيرة حول تطبيق الاتفاق، فإن الرسالة للضباط والجنود في الضفة الغربية ستبقى واضحة: هرمية القوة في الميدان ستبقى على حالها، وفي نهاية الأمر تنفذ السلطات ما يريده المستوطنون".

التعليقات