27/10/2014 - 15:48

"نداء تونس": نشأته وأيدولوجيّته

نداء تونس هو حزب سياسي تونسي أعلن عن تأسيسه الباجي قائد السبسي سنة 2012. يعتبره البعض واجهة جديدة لعودة رموز نظام زين العابدين بن علي إلى المشهد السياسي التونسي من جديد، ويراه آخرون التيار السياسي الذي يمكنه منافسة حركة النهضة والحيلولة

نداء تونس هو حزب سياسي تونسي أعلن عن تأسيسه الباجي قائد السبسي سنة 2012. يعتبره البعض واجهة جديدة لعودة رموز نظام زين العابدين بن علي إلى المشهد السياسي التونسي من جديد، ويراه آخرون التيار السياسي الذي يمكنه منافسة حركة النهضة والحيلولة دون هيمنتها.

وكان واضحا منذ تأسيسه في يونيو 2012، أن حزب نداء تونس هو بمثابة ائتلاف غير معلن بين محسوبين على حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ونقابيين ويساريين من مختلف مشارب اليسار وبعض المستقلين. 

وبحسب خطابه المعلن منذ التأسيس، كان نداء تونس يطرح نفسه بديلا في الحكم عن حركة النهضة وحلفائها في "حكومة الترويكا" التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والمؤتمر من أجل الجمهورية.



وفي ضوء ذلك، استنفر الحزب في الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية في الفترة بين 4 و24 تشرين الأول (أكتوبر) كل قواه من أجل حشد أنصاره معتمدا أحيانا على خطّة "التفزيع" من خصمه وما قد يفعله من "تقييد للحريات" الشخصية للتونسيين في حال وصل للحكم، وهو ما أتى بثماره لدى قطاع من التونسيين رغم تطمينات حركة النهضة المتكررة.



ولم تستطع النهضة على ما يبدو إدارة "الحوار" مع جهاز إعلامي نافذ متين وقادر على التأثير الكبير في غياب سياسة إعلامية واضحة لديها، ولم تتمكن بالتالي من توجيه رسائل مقنعة لهذا القطاع من التونسيين في وجه هذه "الفزاعة".


ولعلّ ما يثبت توجه تكتيك الوحدة غير المعلن لدى ما يطلق ممثلي النظام القديم من "الدستوريين" الذين ترشحوا على قوائم حزبية متعددة، هو ما أكدته بعض المصادر المطلعة لوكالة الأناضول التركية أن أحد زعامات حزب "دستوري" (منتسبي النظام السابق) صوت في مركز انتخابي لم يحصل فيه حزبه الذي يدعمه على أي صوت تقريبا، ما يعني ضمنا أنه قد يكون صوت وأنصاره لنداء تونس.



وبالتالي يبدو أنّ هناك احتمال بأن التكتل الدستوري اليساري المناهض للنهضة قد استقرّ بشكل أو بآخر على "تكثيف التصويت لدى حزب واحد “نداء تونس” بهدف تفادي هزيمة أمام حركة النهضة قد تكون مكلّفة.



ويذهب البعض إلى أن اليساريين في قسم من الدوائر قد صوتوا تصويتا "مفيدا" لفائدة "تغيير موازين القوى" لنداء تونس ما جعل هذا الحزب يحصل على أعلى نسبة من المقاعد في "مجلس نواب الشعب" القادم.

وكثيرا ما ردد متظاهرون يساريون في أنحاء عديدة من البلاد شعارات تتهم حتى رئيس الحركة راشد الغنوشي "بدم شكري بلعيد" المعارض اليساري الذي اغتاله منتسبون لتيار أنصار الشريعة في 2013 مثلما ذهبت إلى ذلك تحقيقات وزارة الداخلية.



وبحسب بعض المتابعين فإن الفشل في إدارة الملفات الإقتصادية والمطالب الاجتماعية الملحة من جانب النهضة في عهد حكومة "الترويكا" يبقى غير مؤثر بنفس درجة فشل إدارة معركة "تشويه الصورة" عبر فضائيات وإذاعات ساهم أعضاء من النهضة في توسيع دائرة تأثيرها عبر حضور غير مدروس في برامج هذه الفضائيات.

أخيرا، نداء تونس بدهائه قد وجد أكثر من حليف يناصره حتى من خارج طيفه السياسي، في الوقت الذي لم يكن هناك متاح حليف قوي مؤثر أمام حركة النهضة في هذه الانتخابات فواجهت منفردة أكثر من قوى سياسية، دون أن تشفع لها قاعدتها الجماهيرية لوحدها.

النشأة

انطلق "نداء تونس" من حركة وتحول إلى حزب، إذ بدأت مقدمات تأسيسه من بيان أصدره الباجي قايد السبسي يوم 26 كانون الثاني (يناير) من العام 2012، حذّر فيه "من عواقب الضبابية والتردد في تحقيق أهداف الثورة".

ودعا القوى الديمقراطيّة إلى "التوحيد وخلق بديل تنظيمي ليحصل التوازن في الحياة السياسية بما يمكّن من التداول على السلطة وقيام حياة ديمقراطيّة حقيقية".

بعد ذلك تمَّ تشكيل لجنة مؤقتة لمتابعة وتفعيل هذه المبادرة، وعُقد يوم 16 حزيران (يونيو) عام 2012 في قصر المؤتمرات بتونس، مؤتمر للتعريف بالحركة من قبل رئيسها السبسي، قال فيه "إن تونس تنادينا فلنلبّ نداء تونس".

ويقود الحزب الباجي قائد السبسي (87 عاما)، وشغل منصب رئيس البرلمان في عهد الرئيس زين العبدين بن علي، وكان وزيرا في حكومة أول رئيس لتونس الحبيب بورقيبة، وقاد الحكومة المؤقتة بعد ثور 14 يناير/كانون الثاني 2011.

وتعهّد حينها بـ"التصدي لهيمنة حركة النهضة الإسلاميّة وإحداث توازن في المشهد السياسي في تونس حيث بداية انطلاق الربيع العربي"، وما لبث الحزب أن حصل على موافقة رسمية يوم 7 تموز (يوليو) 2012.

 الفكر والأيديولوجيا

تقول "حركة نداء تونس" إنها تستند إلى "الفكر الإصلاحي التونسي، والتراث الإنساني العالمي، وقيم الحريّة والعدالة الاجتماعيّة". وتؤكد أنها "مفتوحة على مختلف التيارات الفكرية والسياسية التي تشترك معها في الإيمان بالدولة، والتمسك بالفصل الأول من دستور 1959: تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها".

كما وتعلن “نداء تونس” تمسكها بالعَلَم والنشيد الوطني لتونس، وبـ"المكاسب العصرية للدولة التونسيّة التي حققت منذ خمسين سنة، وفي المقدمة مجلة الأحوال الشخصية".

وتشدد على "المواطنة وتونس للجميع، والاعتراف بالديمقراطية والتداول على السلطة، والعدالة الاجتماعية والتنمية الاجتماعية باعتبارها حقا من الحقوق، مهما كانت الجهات أو الأشخاص أو الفئات، وترفض العنف في الحوار مع المخالفين في الرأي وعدم الإقصاء".

 المسار السياسي

ضم الحزب أعضاء سابقين في حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحل بقرار قضائي.

ويقول معارضوه إنه سيمكّن أتباع وقيادات الحزب المنحل -الذين يطلقون عليه اسم الأزلام- من العودة للساحة السياسية من باب واسع رغم مطالب شعبية لإبعادهم من الحياة السياسية.

وترى حركة النهضة أن "نداء تونس" امتداد لحزب بن علي، واعتبرها رئيس النهضة راشد الغنوشي "أخطر على الثورة التونسية من السلفيين المتشددين"، وبدأت الاحتجاجات عليه منذ لحظة الإعلان عنه بهتافات "لا رجوع، لا رجوع.. لعصابة المخلوع”.

في المقابل قال رئيس حركة "نداء تونس" في تصريح صحفي "أوجه نداء إلى المواطنين وأنبههم وأقول لهم إن حركة النهضة أصبحت أكبر خطر على البلاد، وإن أمنكم لم يعد مضمونا"، لكن دخول الحزب في مسار الحوار الوطني الذي أفرز حكومة مهدي جمعة أذاب الجليد بين الطرفين.

بعد خلافات داخل "نداء تونس" عقد مكتبها التنفيذي برئاسة الباجي قايد السبسي، اجتماعا استثنائيا يوم الأحد 18 أيار (مايو) 2014، وقرر عقد المؤتمر التأسيسي للحركة يوم الأحد 15 حزيران (يونيو) 2014، وأكّد أن الباجي قايد السبسي مرشح الحركة الوحيد للانتخابات الرئاسيّة القادمة.
 

التعليقات