28/07/2015 - 19:04

سيف الإسلام القذّافي... "إصلاحي" تحت سقف القمع

يعتبر سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الشخصيّة الأكثر جدلًا في ليبيا، وأبرز الشخصيات المحكوم عليها بالإعدام، اليوم الثلاثاء، رغم احتواء القائمة على عدد من الشخصيات النافذة في النظام السابق، أمثال عبد الله

سيف الإسلام القذّافي...

القذافي وسط تظاهرة في طرابلس 2011 (أ.ف.ب)

يعتبر سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الشخصيّة الأكثر جدلًا في ليبيا، وأبرز الشخصيات المحكوم عليها بالإعدام، اليوم الثلاثاء، رغم احتواء القائمة على عدد من الشخصيات النافذة في النظام السابق، أمثال عبد الله السنوسي صهر القذافي وقبضته الأمنية الحديدية.
ولكن القذافي الابن الثاني عمرًا من أبناء العقيد الراحل، اكتسب شهرته من خلال سعيه للظهور كـ'إصلاحي' لنظام حكم والده بداية العقد الأول من القرن الجاري، إذ أطلق مشروعا عرف بــ'ليبيا الغد'، رعا من خلاله عددًا من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وإطلاق الحريات وإصلاح السياسة الخارجية.
غير أن الشكل الذي ظهر به الابن، متوعدًا الشعبَ الليبي، ومشيرا بسبابته في حركة تهديد ووعيد، أول أيام ثورة في 17 شباط/فبراير 2011، التي أطاحت بالأب، طرح تساؤلا حول الوجه الحقيقي له، وما إذا كان ولاؤه للشعب أم لوالده.
ولد سيف الإسلام عام 1972، وهو الابن الأول للقذافي، من زوجته الثانية وممرضته الخاصة صفية فركاش، وتلقى تعليمه بمدراس طرابلس، وحصل في ليبيا على بكالوريوس هندسة من جامعة الفاتح عام 1994، والماجستير في الاقتصاد من جامعة 'مادك' النمساوية عام 1996، ودكتوراه الاقتصاد من كلية لندن ببريطانيا عام 1998.
عاد 'سيف الإسلام'، بعد حصوله على الدكتوراه، لليبيا ليطلق مشروعا وُصف وقتها بـ'الإصلاحي'، إثر تزايد أزمات البلاد الاقتصادية والأمنية جراء سياسة والده التي أدت بليبيا إلى حصار، وعزلة دولية غير مسبوقة، وصلت ذروتها لقصف طرابلس من قبل الطيران الأمريكي عام 1986، وفرض حصار اقتصادي دولي خانق عليه طيلة العقد الأخير من القرن المنصرم.
تمكن سيف الإسلام من حلحلة عدد من القضايا العالقة مع دول أوروبية، أبرزها ملف لوكيربي مع بريطانيا، وملف الأسلحة النووية مع أمريكا، وضمن برنامج إطلاق الحريات استطاع تأسيس صحيفتين وقناة فضائية، حصلت على هامش من حرية نقد النظام، ونادت من خلالها أصوات بضرورة وضع دستور للبلاد، مما أحدث ردة فعل عكسية من قبل من وصفتهم الصحافة العالمية وقتها بــ'الحرس القديم'، وهم أركان نظام والده وأبرزهم السنوسي، وقادة 'اللجان الثورية'، ورموز قبيلة 'القذاذفة' التي ينحدر منها، والذين استطاعوا جميعًا استمالة أبناء القذافي الآخرين (6 أبناء بخلاف سيف وبنت)، الذين شعروا بسعي سيف الإسلام لوراثة كرسي والده.
بنهاية العقد الأول من القرن الحالي، اعتبر الكثيرون أن نجل القذافي فشل في مشروعه الإصلاحي، بسبب المعارضة الكبيرة من قبل 'الحرس القديم'، لكن ما أن اندلعت ثورة فبراير بداية 2011، حتى برز سيف الإسلام بوجه آخر، إذ دعا لقمع الثوار بالسلاح، وظهر في أكثر من مناسبة يشهر السلاح ويقف على دبابة، متوعدًا الليبيين في أكثر من خطاب، وواصفا إياهم بـ'العملاء' و'الخونة'.
في يونيو/ حزيران 2011، صدرت مذكرة من محكمة الجنايات الدولية تطالب باعتقال سيف الإسلام، ووالده، والسنوسي ليصبح الابن مطلوبًا للعدالة الدولية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
وبُعَيد مقتل والده اعتقل سيف الإسلام في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أثناء فراره من طرابلس باتجاه الصحراء، على يد مقاتلين من مدينة الزنتان (غربي البلاد)، لتعلن سلطات المجلس الانتقالي الليبي وقتها عن اعتقاله، وبث مشاهد مرئية لـسيف، مبتور الأصابع يقوده شباب من ثوار مدينة الزنتان.
ورغم انتهاء دوره كأبرز أبناء القذافي وأكثرهم جدلا، إلا أن الجدل حوله لا يزال مستمرًا، إذ تعتبره التشكيلات المسلحة لمدينة الزنتان، والموالية للواء خليفة حفتر، مكسبا لها وتصر على إبقائه في محبس سري لديها، رافضة تسليمه لمحاكمته بطرابلس، وهو الموقف الذي عزز من التهم التي أطلقتها قيادات من قوات 'فجر ليبيا'، بأن الزنتان الموالية لحفتر تشارك في 'عمل انقلابي' على الثورة، في محاولة لإعادة النظام السابق يكون سيف الإسلام من قادتها.
وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان هما، الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب، ومقرها مدينة البيضاء، وتحالفها قوات اللواء خليفة حفتر، والثانية هي حكومة الإنقاذ، المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، ومقرها طرابلس، وتحسب عليها قوات 'فجر ليبيا'.
وأصدرت محكمة استئناف طرابلس في ليبيا، في وقت سابق اليوم، حكمًا بالإعدام رميًا بالرصاص، على 8 شخصيات قيادية في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي بينهم سيف الإسلام.
وصدرت الأحكام فيما يعرف إعلاميًا بقضية 'رموز نظام القذاقي'، على كل من سيف الإسلام نجل القذافي، وعبد الله السنوسي، صهر القذافي ورئيس الاستخبارات الليبية السابق، والبغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، وأبوزيد دوردة آخر رئيس لجهاز الأمن الخارجي، ومنصور ضو، رئيس جهاز الحرس الشعبي، وميلاد دامان رئيس جهاز مكافحة الزندقة، وهو جهاز خاص بملاحقة الإسلاميين، ومندر مختار، مسؤول أمني في عهد القذافي، وعبد الحميد عمار أحد القيادات في ما يعرف بـ'اللجان الثورية' في عهد القذافي.
وصدر الحكم حضوريًا على جميع المتهمين، باستثناء سيف الإسلام، المتهم الأول في القضية، والموقوف في سجن بمدينة الزنتان، حيث تعذر حضوره، كما تعذر أيضًا الربط الفني بالدائرة التلفزيونية المغلقة مع المحكمة بطرابلس.
ووجه للمحكوم عليهم تهم تتعلق بالفساد المالي، واستغلال المناصب، وارتكاب جرائم حرب إبان ثورة فبراير/شباط عام 2011، التي أطاحت بحكم القذافي.

التعليقات