البنك الدولي يؤكد بلوغ النمو العالمي ذروته ويتوقع انخفاضه

-

البنك الدولي يؤكد بلوغ النمو العالمي ذروته ويتوقع انخفاضه
كشف تقرير جديد للبنك الدولي عن أن معدل النمو الاقتصادي العالمي قد بلغ 3,8 في المئة في عام 2004، حيث سجلت البلدان النامية أسرع معدل نمو لها على الإطلاق منذ أكثر من عشر سنوات.

أسفر النمو السريع الذي شهدته الولايات المتحدة الأميركية والصين والتحسّن في المعدلات في أميركا اللاتينية واليابان والانتعاش الطفيف في معدلات نمو كتلة الاتحاد الأوروبي عن هذا الزخم في معدلات البلدان النامية، وذلك طبقاً لتقرير تمويل التنمية العالمية 2005 الذي يصدره البنك الدولي سنوياً.

وبالرغم من بلوغ زخم معدلات النمو العالمي ذروتها في البلدان النامية، يحذر التقرير هذه البلدان اضطرارها إلى إجراء بعض التعديلات بسبب المخاطر الناشئة عن الاختلالات العالمية المتصاعدة ولا سيما عجز الحساب الجاري في الولايات المتحدة.

يقول مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي، والصادر عنها هذا التقرير، يوري دادوش ان "عام 2004 كان عاماً غير عادي بالنسبة للبلدان النامية، التي لم تر بيئة أفضل من هذه على مدى وقت طويل جداً".

ويضيف: "لكن من غير المحتمل أن يطرأ أي تحسن على الوضع الحالي. فأسعار الفائدة آخذة في الارتفاع، ومن المحتمل أن يشهد معدل نمو الاقتصاد العالمي تباطؤاً طفيفاً عن المستويات العالية جداً التي حققها خلال العام أو العامين الماضيين. وعليه، فإن معدل النمو الاقتصادي لن يكون بنفس القدر في المستقبل".

وتوقع أن يبلغ عجز الحساب الجاري في الولايات المتحدة ستة في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2005، مضيفاً أن عملية إنهاء هذا العجز ستأخذ أشكالاً يصعب تقييمها سلفاً، وسيتطلب ذلك إجراء بعض التعديلات في أسعار الفائدة، كما سيتطلب إجراء بعض التعديلات في أسعار الصرف، مؤكداً، أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى "بيئة مالية مضطربة بدرجة كبيرة لبلدان العالم الثالث".

وطبقا للتقرير، شجعت الأوضاع العالمية المواتية والتحسينات التي أدخلت على السياسات المحلية في البلدان النامية على تحقيق توسّع قياسي بلغ 6,6 في المئة. ونتيجة لذلك، حققت التدفقات المالية إلى البلدان النامية خلال عام 2004 مستويات لم تشهدها منذ بداية الأزمة المالية في أواخر تسعينيات القرن الماضي.

وقد كشف تقرير التمويل الإنمائي العالمي 2005 عن ما يلي:

- ازدياد صافي تدفقات رؤوس الأموال من القطاع الخاص بما في ذلك القروض والاكتتابات في أسهم الشركات إلى البلدان النامية بمقدار 51 مليار دولار أميركي ليصل إلى 301,3 مليار دولار أميركي في عام 2004.

- بلوغ إجمالي صافي الاستثمارِ الأجنبي المباشر من تلك التدفقات 165,5 مليار دولار أميركي بزيادة بلغت 13,7 مليار دولار أميركي في عام 2004.

- تحقيق أرصدة الحسابات الجارية في البلدان النامية فائض إجمالي مقداره 124 مليار دولار أميركي في عام 2004.

- ازدياد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من البلدان النامية إلى ما يقدّر بحوالى 40 مليار دولار أميركي في عام 2004 مقابل 16 مليار دولار أميركي في عام 2002.

من جانبه، أكد النائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية ورئيس الخبراء الاقتصاديين فرانسوا بورغينون أن انتعاش التدفقات المالية بمثابة علامة ترحيب تؤكد مجدداً اهتمام الأسواق بالبلدان النامية، وإن هذا الانتعاش يعتبر إشادة بالتعزيز الكبير في المقومات الاقتصادية التي حققها الكثير من البلدان، إلا انه يحذر أيضاً من المخاطر التي تواجه البلدان النامية.

يضيف بورغينون "ينبغي ألا يغيب عن بالنا أيضاً أن الاختلالات المالية العالمية الحالية تثير مخاطر من شأنها تعريض مكاسب البلدان النامية للخطر، كاضطرابات أسعار الصرف أو ارتفاع أسعار الفائدة. وعلى البلدان النامية أن تستعد للتعامل مع التغيرات التي قد يطرأ بعضها على نحو مفاجئ".

ويقول دادوش انه ينبغي على البلدان النامية تفادي الإفراط في تراكم الديون، حتى لو كانت هذه الديون ديوناً من مصادر محلية.

وجاءت دائما زيادة أعباء الديون في صميم الأزمات المالية على مدار العشر سنوات الأخيرة. ويشير التقرير الى بعض الأخبار السارة حيث أن انخفاض مؤشرات مجمل أعباء المديونية الخارجية ساعد على تحسين قدرة الكثير من البلدان النامية على إدارة الديون والعمل بقوة على معالجة نقاط الضعف التي أسهمت في حدوث الأزمات السابقة.

إلا أن التقرير يشير أيضاً إلى أن أعباء الديون الخارجية قد ارتفعت في أكثر من نصف اقتصادات الأسوق الناشئة، كما ارتفع حجم الاقتراض المحلي بصورة كبيرة أيضاً في الكثير من البلدان.

ويضيف دادوش بأنه ينبغي على المجتمع الدولي بأثره التعاون للعمل على تخفيض هذه الاختلالات العالمية.

على الولايات المتحدة أن تشرع في اتخاذ تدابير أكثر قوة من التدابير التي تتخذها في الوقت الحالي، وذلك من أجل ضبط أوضاع المالية العامة. كذلك يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات أكثر قوة لحفز النمو الاقتصادي. وقد تكون السياسات النقدية الأوروبية بحاجة إلى أن تتسم بقدر أكبر قليلاً من التحفيز عما هي عليه في هذه اللحظة.

كما ينبغي على البلدان الآسيوية على وجه الخصوص من بين البلدان النامية أن تنظر إلى أنظمة أسعار الصرف لديها والزيادة السريعة للغاية في تراكم احتياطاتها من النقد الأجنبي التي نلاحظها الآن، ومن ثم تعيد تقييمهما.

ويتوقع تقرير التمويل الإنمائي العالمي 2005 انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 3,1 في المئة في عام 2005 نتيجة للزيادات في أسعار الفائدة الأميركية، والتضييق المالي، وتأثيرات الارتفاع في سعر الصرف الفعلي الحقيقي لليورو بنسبة 25 في المئة.

يقول دادوش ان التوقعات الخاصة بعام 2006 تشير مرة أخرى إلى توقع حدوث "تباطؤ طفيف إلى حد ما".

التعليقات