واشنطن تعد لعقوبات مصرفية ومالية ضد سوريا

-

واشنطن تعد لعقوبات مصرفية ومالية ضد سوريا

آثرت الولايات المتحدة على خلاف ردة الفعل المتحفظة للعواصم الأوروبية تجاه إعلان الرئيس بشار الأسد عزمه سحب القوات السورية من لبنان على مرحلتين, تبني خط متشدد رفضت فيه عرض دمشق وحذرت من مرحلة مقبلة من التصعيد في علاقتها مع سوريا. ‏

وعلمت مصادر صحفية أن عدداً من الإجراءات التي أعدت قبل أن يلقي الرئيس الأسد خطابه استعداداً لاحتمال رفضه الانسحاب الفوري الكامل قد أعيدت على وجه السرعة إلى الطاولة حيث أرسلت كاقتراحات أمريكية إلى الأوروبيين بهدف استطلاع الآراء حول إمكانية تطبيقها بصورة جماعية. فضلاً عن ذلك فإن واشنطن أعادت إلى الطاولة أيضاً مجموعة إجراءات يمكن أن تقوم بها على انفراد. ‏

وقالت مصادر مطلعة في واشنطن إن هذه الإجراءات تبدأ باقتراح فرض حظر مصرفي على لبنان وسوريا بما في ذلك منع التحويلات من وإلى البلدين مع حصر الحظر المقترح على لبنان في التحويلات المالية ذات الصلة بسوريا فقط, أي مع استثناء الأموال اللبنانية غير ذات العلاقة بسوريا من هذه الإجراءات. ‏

وكان البيت الأبيض قد أصدر بياناً شديد اللهجة في أعقاب إلقاء الرئيس الأسد لخطابه وكرر فيه المطالبة بانسحاب القوات السورية "فوراً وبصورة كاملة من لبنان". وحمل البيان الحكومتين السورية واللبنانية مسؤولية أي تدهور للموقف في لبنان قائلاً: "إن العالم يراقب الموقف في لبنان خاصة في بيروت عن كثب". ‏

وليس من الواضح حتى الآن إذا كان التباين الطفيف بين ردتي الفعل الأوروبية والأمريكية إزاء عرض الرئيس الأسد يعكس موقفاً مدروساً مسبقاً بين الجانبين. إلا أن مصادر واشنطن استبعدت ذلك ومالت إلى التقليل من أهمية أي "خلاف في الشدة" بين الموقفين طالما بقي في الإطار الإعلامي. ‏

وقالت هذه المصادر إن الأمور تتجه إلى إفساح بعض الوقت أمام المبعوث الدولي تيري رود لارسون كي يبدأ مشاورات إقليمية يقول الأمريكيون إنها يجب أن تركز على نقطة واحدة هي الحصول على توقيع دمشق على جدول زمني يضمن خروج قواتها قبل مايو المقبل وبصرف النظر عن الإطار والمسميات التي ستوصل إلى ذلك, أي سواء كان سيسمى تطبيقاً لمبادرة دولية أو تطويراً لاتفاقية الطائف أو تنفيذاً لقرار 1559 أو مبادرة عربية أو دولية جديدة لإخراج الموقف من مأزقه. ‏

في المقابل فإن هناك دوائر أوروبية تخشى من أن يؤدي أي انسحاب سوري غير منظم من لبنان إلى حدوث تدهور من نوع ما في الموقف الداخلي هناك. ويخشى البعض أكثر من أن تظهر خلال الأسابيع أو ربما الأيام المقبلة بوادر لذلك في محاولة لإظهار أن أي انسحاب سوري غير منظم سيكون له عواقب سلبية. بل إن البعض في واشنطن ذهبوا إلى التلميح بأن سوريا قد تقدم نموذجاً لما سيحدث إذا ما سحبت قواتها في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بالتريث في دفعها إلى إتمام هذا الانسحاب بتعجل. ويفسر ذلك الفقرة التي وردت في بيان البيت الأبيض والمتعلقة بتحذير دمشق من أي تدهور أمني مفاجئ في لبنان لاسيما في بيروت. ‏

وطبقاً للرأي السائد في واشنطن عقب إلقاء الرئيس الأسد لخطابه فإن الرئيس بوش يشعر "باستياء شخصي" من الموقف السوري, إلا أن الإدارة الأمريكية ستكتفي باتخاذ إجراءات عقابية ثانوية خلال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة "لملء الفراغ الأمني" خلال فترة المشاورات الدولية والإقليمية المكثفة التي توشك أن تبدأ. ‏

ومن المتوقع أن تلعب الدول العربية والأوروبية دوراً أساسياً في محاولة رأب الصدع والوصول إلى حل يضمن من جهة سحب القوات السورية من لبنان تطبيقاً لاتفاقية الطائف والقرار 1559 ولا يؤدي إلى خلخلة أمنية في لبنان أو إلى مساس بالعلاقات السورية - اللبنانية من الزاوية الاستراتيجية أو بالهوية العربية والوطنية للبنان. ‏



التعليقات