أميركا تتهم بن سلمان بالمصادقة على قتل خاشقجي... ولا تعاقبه

كشفت الإدارة الأميركيّة، اليوم، الجمعة، عن تفاصيل تقرير سرّي للاستخبارات يثبت مصادقة وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، على عملية جلب أو قتل الصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.

أميركا تتهم بن سلمان بالمصادقة على قتل خاشقجي... ولا تعاقبه

بن سلمان (أ ب)

كشفت الإدارة الأميركيّة، اليوم، الجمعة، عن تفاصيل تقرير سرّي للاستخبارات يثبت مصادقة وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، على عملية جلب أو قتل الصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018.

ومع ذلك، لم تفرض الولايات المتحدة عقوبات على بن سلمان، إنما على 76 مسؤولا آخر، خشية من تصدّع العلاقة مع "حليف محوري" بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيّين.

وأجمع أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي على أن ثمن فرض عقوبات على بن سلمان على التعاون السعودي في مكافحة الإرهاب وفي مواجهة إيران، سيكون باهظًا للغاية، بحسب "نيويورك تايمز".

وقال تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية المكوّن من أربع صفحات ورفعت عنه السرية، "توصلنا إلى استنتاج مفاده أن ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان أجاز عملية في إسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي".

وأضافت أنّ "ولي العهد اعتبر خاشقجي تهديدًا للمملكة، وأيّد بصورة عامة اللجوء إلى تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته".

وبعد نشر التقرير، أعلنت الولايات المتحدة فرض قيود على منح تأشيرات لـ76 سعوديا متهمين بـ"تهديد منشقين في الخارج"، وخصوصا خاشقجي قبل اغتياله.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، في بيانٍ، إنّ هذه العقوبات تندرج في إطار قاعدة جديدة أطلقت عليها الخارجية الأميركية اسم "حظر خاشقجي"، وترمي لمنع دخول أي شخص يتهم بالتعرض باسم سلطات بلاده لمنشقّين أو صحافيين في الخارج.

ولم تُكشف أسماء السعوديين المستهدفين بسلسة التدابير هذه أو وظائفهم.

وأضاف بلينكن "دفع جمال خاشقجي حياته ثمنا للتعبير عن آرائه"، موضحا أنه "يريد معاقبة الدول التي تهدد وتتعرض لصحافيين أو معارضين مفترضين وراء حدودها فقط لانهم يمارسون حرياتهم الأساسية"، وتابع "قلنا بوضوح إنه يجب وضع حد للتهديدات والهجمات خارج حدود السعودية على ناشطين ومعارضين وصحافيين".

وحذر من أنّ "الولايات المتحدة لن تقبل بذلك بتاتا".

السعودية ترفض نتائج التقرير

من جهتها، رفضت السعودية "رفضا قاطعا" ما ورد في التقرير الاستخباري الأميركي. وأكّدت وزارة الخارجية السعوديّة أنّ "حكومة المملكة ترفض رفضًا قاطعًا ما ورد في التقرير من استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة، ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، كما أن التقرير تضمن جملة من المعلومات والاستنتاجات الأخرى غير الصحيحة".

وبحسب البيان السعودي "إنه لمن المؤسف حقًا، أن يصدر مثل هذا التقرير وما تضمنه من استنتاجات خاطئة وغير مبررة، في وقت أدانت فيه المملكة هذه الجريمة البشعة واتخذت قيادتها الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة المؤسفة مستقبلا".

وقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018، في حادث مروّع صدم العالم وتسبّب بتوتّر العلاقات التاريخية بين الحليفين المقربين الرياض وواشنطن، رغم قرب الرئيس الأميركي حينها، دونالد ترامب، من بن سلمان.

ودخل خاشقجي، الذي كان ينشر مقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ويعيش في الولايات المتحدة منذ العام 2017، إلى قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018، حسب ما تظهر تسجيلات كاميرات. وكانت خطيبته تنتظر خارج القنصلية، ولم يخرج أبدًا.

في اليوم التالي، قالت "واشنطن بوست" إنها فقدت الاتصال به.

وفي مقابلة نشرت في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، قال بن سلمان إنّ خاشقجي "ليس داخل القنصلية"، في اليوم التالي، قال مصدر مقرّب من الحكومة التركية إنّ الشرطة تعتقد أنّ الصحافي السعودي قتل داخل القنصلية "على أيدي فريق أرسل خصيصا إلى إسطنبول وغادر في اليوم ذاته"، لكنّ الرياض اعتبرت هذه المزاعم "لا أساس لها".

وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر، نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي قوله إنّ جثمان خاشقجي "تم تقطيعه على الأرجح ووضع في صناديق وغادر البلاد"، بينما وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ السلطات التركية تعرّفت على مشتبه به في حادث الاختفاء، وهو من الدائرة المقربة من بن سلمان، وعلى ثلاثة مشتبه بهم آخرين من فريقه الأمني.

وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر، اعترفت الرياض أخيرًا بمقتل خاشقجي داخل القنصلية، لكنّها قالت إنّ ذلك حدث بعد اندلاع "شجار".

وفي اليوم التالي، أبلغ وزير الخارجية السعودي السابق، عادل الجبير، قناة "فوكس نيوز" الأميركية أن ولي العهد "لم يكن على علم بحادثة خاشقجي"، واصفا مقتله بـ"الخطأ الجسيم".

وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إنّ جريمة قتل خاشقجي "الوحشية" نفذها فريق من 15 عنصرا جاؤوا إلى تركيا من الرياض.

في 24 تشرين الأول/اكتوبر، تحدث ولي العهد السعودي للمرة الأولى في الموضوع، قائلا إنّ "الجريمة كانت مؤلمة لكل السعوديين ولكل إنسان في العالم".

التعليقات