في أول مؤتمر صحافي من كابُل: "طالبان" تعلن العفو العام عن الجميع

أعلن الناطق باسم حركة "طالبان"، العفو عن الجميع، مشددا على أن "الحرية والاستقلال حقان مشروعان للشعب الأفغاني"، كما أعلن إنهاء عداء الحركة مع جميع الأفغان، مؤكدا استمرار المحادثات السياسية.

في أول مؤتمر صحافي من كابُل:

المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، في أول مؤتمر صحافي له في كابُل (أ ب)

أعلن الناطق باسم حركة "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، اليوم الثلاثاء، في أول مؤتمر صحافي يعقد من العاصمة الأفغانية، كابُل، بعد سيطرة الحركة عليها، العفو عن الجميع، مشددا على أن "الحرية والاستقلال حقان مشروعان للشعب الأفغاني"، كما أعلن إنهاء عداء الحركة مع جميع الأفغان، مؤكدا استمرار المحادثات السياسية.

وشددت الحركة على أنها تسعى إلى إقامة "نظام إسلامي أفغاني شامل"، وقال الناطق باسم الحركة: :سنصل قريبًا إلى تسوية يتم من خلالها إنشاء حكومة إسلامية في البلاد".

وأضاف مجاهد بن "الإمارة الإسلامية تتعهد لجميع دول العالم بأنها لن تكون مصدر تهديد من أفغانستان لأي دولة"، وأكد أن أفغانستان لن تسمح بإيواء كل من يستهدف دولا أخرى، مشددا على أن "أمن السفارات الأجنبية مهم بالنسبة لنا ونتعهد بأن تكون آمنة تمامًا".

وتعهد الناطق باسم طالبان باحترام حقوق المرأة، في إطار الشريعة الإسلامية؛ ويأتي تأكيده على أن طالبان ستحمي حقوق المرأة بعد أن أدى حكم طالبان السابق إلى تقييد حياة المرأة وحقوقها بشدة.

وقال مجاهد إن طالبان لن تسعى إلى الانتقام، مؤكدا على أن على أن الحركة قد أصدرت عفوا عن الجميع، يشمل من عملوا مع الحكومة السابقة أو تعاونوا مع حكومات أو قوات أجنبية.

مضيفا "نؤكد لكم أن أحدا لن يطرق أبوابهم لسؤالهم عن سبب مساعدتهم (للحكومة السابقة او الأجانب)". وشدد المتحدث على أن "كل الذين هم في المعسكر المعارض تم العفو عنهم من الألف إلى الياء"، مضيفا "نحن لا نريد الثأر".

وقال مجاهد إن طالبان ستشكل حكومة قريبا من دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل حول أعضائها، مكتفيا بالقول إن الحركة "ستقيم روابط مع كل الأطراف".

ولدى سؤاله عن أوجه الاختلاف بين حكومة طالبان التي أطاحها تدخّل عسكري غربي بقيادة الولايات المتحدة قبل عشرين عاما والحركة اليوم، قال "إذا كان السؤال يستند إلى العقيدة والمعتقدات ليس هناك اختلاف... لكن إذا كان يستند إلى الخبرة والنضج والبصيرة، فمن دون أدنى شك هناك أوجه اختلاف كثيرة". وشدد على أن "الخطوات اليوم ستكون مختلفة بشكل إيجابي عن الخطوات الماضية".

وفي هذه الأثناء، وصل نائب زعيم "طالبان"، الملا عبد الغني برادر، اليوم الثلاثاء، إلى قندهار، العاصمة السابقة لحركة "طالبان"، بعد يومين من سيطرة الحركة التي شارك في تأسيسها على البلاد.

وقال المتحدث باسم "طالبان" إن رئيس المكتب السياسي للحركة، برادر، وصل مع وفد رفيع المستوى "بعد ظهر اليوم إلى بلدهم الحبيب" آتين من قطر.

ويُنظر إلى برادر، هو أحد مؤسسي طالبان ونائب زعيمها الحالي، ويحظى باحترام مختلف فصائل طالبان التي تصغي إليه، على أنه قائد محتمل مستقبلي لأفغانستان في ظل حكم الحركة.

وقاد برادر المفاوضات مع الأميركيين التي أدت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، ثم محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية التي لم تأتِ بنتيجة.

الحياة تعود ببطء

وعملت حركة طالبان، الثلاثاء، على إعادة تشغيل المرافق والمؤسسات في كابُل بعد سيطرتها عليها عبر دعوة الموظفين الحكوميين للعودة إلى العمل، على الرغم من حذر السكان وخروج عدد قليل من النساء من منازلهن.

وأصدرت حركة طالبان توجيها لمسلحيها بشأن التعامل مع البعثات الدبلوماسية ووجهت نداء للشعب، وأوضحت كيفية تعاملها مع المعارضين والنساء، وفي الوقت ذاته فتحت قنوات اتصال مع أطراف المشهد السياسي ومع الأميركيين.

في الأثناء، يحاول عشرات الآلاف الفرار من أفغانستان خشية حكم طالبان الإسلامي المتشدد أو خوفًا من الانتقام منهم لتأييدهم الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة مدى العقدين الماضيين.

(أ ب)

والثلاثاء، لا شيء كان يوحي بأن طالبان أعادت فرض هذا النظام المتشدد الذي حكمت به الحركة من 1996 إلى 2001 أو تعتزم القيام بذلك كما كانت تفعل قبل عشرين سنة، لكن يبدو أن لا أحد يريد المجازفة.

وقالت حركة طالبان في بيان "صدر عفو عام عن الجميع (..) لذا يمكنكم معاودة حياتكم الطبيعية بثقة تامة".

ويبدو أن بعض السكان استجابوا لهذه الدعوة وعاد عناصر من شرطة السير في العاصمة الى الشوارع. لكن حركة السير لم تكن كثيفة كالمعتاد.

وقد نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول رفيع في طالبان أن الحركة أمرت مسلحيها بعدم دخول مقار البعثات الدبلوماسية الخالية في كابل أو المسّ بممتلكات هذه البعثات.

وأضاف أن الحركة أمرت كل منتسبيها أن لا يظهروا وكأنهم لا يحترمون ممثلي البلدان الأجنبية في أفغانستان.

قطر تحث على حماية المدنيين

وقبل مغادرة الدوحة، اجتمع برادر على رأس وفد من حركة "طالبان"، بوزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وحثّ الأخير على حماية المدنيين وضمان انتقال سلمي للسلطة بعيد سيطرة الحركة على أفغانستان.

واستضافت الدوحة اجتماعات متقطعة بين الحركة المسلحة والحكومة الأفغانية منذ عدة أشهر من دون إحراز تقدم، خصوصا في ظل استمرار "طالبان" في محاربة القوات الحكومية إلى أن دخلت كابُل، الأحد.

(أ ب)

وخلال الاجتماع بين وزير خارجية قطر ورئيس المكتب السياسي لطالبان، جرى "استعراض آخر التطورات الأمنية والسياسية في أفغانستان، والتأكيد على حماية المدنيين"، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

كما جرى تأكيد "تكثيف الجهود اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية، والعمل على تسوية سياسية شاملة، وانتقال سلمي للسلطة". وكانت قطر قد حثت حركة طالبان، السبت، على وقف إطلاق النار وخفض التصعيد. وكانت هذه أوضح دعوة من قبل قطر لطالبان لوقف الهجمات والقبول بهدنة.

الناتو يتهم السلطات الأفغانية بـ"الفشل" في التصدي لطالبان

وعلى صلة، انتقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، "فشل السلطات الافغانية" في التصدي لطالبان ومنعها من السيطرة على كابل، مدافعا عما قامت به قوات الحلف في البلاد.

وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي عقده اليوم، إن قوات الأطلسي "قاتلت بشجاعة" في أفغانستان لكنها فوجئت "بالانهيار السياسي والعسكري في الأسابيع الاخيرة، وبسرعة لم يتم توقعها".

وشدد على أن "السلطات السياسة الأفغانية فشلت في التصدي لطالبان والتوصل إلى حل سلمي يرغب فيه الأفغان بشدة". كما شدد على أن "إخفاق السلطات الأفغانية هو ما أفضى إلى ما نشهده اليوم".

وأوضح ستولتنبرغ أنه في المرحلة الراهنة، يسعى الحلف إلى "ضمان أمن" طاقمه المدني وموظفيه الأفغان و"يعمل من دون كلل لإبقاء عملياته في مطار كابُل".

وأضاف "نحو 800 مدني يعملون لحساب الأطلسي بقوا (في كابل) لممارسة الوظائف الحيوية في ظروف بالغة التعقيد، ويشمل ذلك الملاحة الجوية وتأمين الوقود والاتصالات".

وسيبقى الممثل المدني للحلف، السفير ستيفانو بونتيكورفو، في المطار، بهدف "تنسيق" عمليات الإجلاء و"تسهيلها".

(أ ب)

وذكر مسؤول في الحلف أن نحو ألف موظف أفغاني مع أفراد عائلاتهم سيتم إجلاؤهم من كابل. وسيتم نقل معظمهم نحو بلد ثالث حيث سيحصلون على تأشيرة لدخول دولة عضو في الحلف.

وأورد ستولتنبرغ أنه بعد مشاهد الفوضى، الإثنين، والتي أدت إلى تعليق الرحلات في كابُل، "استؤنفت العمليات في المطار تدريجا، وفي اجتماع الثلاثاء أعلن (أعضاء الحلف) إرسال طائرات إضافية" لتأمين عمليات الإجلاء.

وقال "على طالبان أن تحترم وتسهل الرحيل الآمن لمن يرغبون في مغادرة المطار، ويجب أن تبقى الطرق والحدود مفتوحة".

وأضاف "يجب أن نجري تقييما صادقا وحكيما لمهمة الأطلسي في أفغانستان. رغم استثمارات وتضحيات كبيرة من جانبنا طوال عقدين، كان الانهيار سريعا ومفاجئا. يمكن أن نستخلص عبرا عديدة".

وتابع "السؤال هو: لماذا تبين أن القوات (الأفغانية) التي دربناها وجهزناها مدى أعوام طويلة عاجزة عن مواجهة طالبان؟ (...) من مسؤوليتي أيضا أن أذكر بأننا لم نعتزم يوما البقاء إلى ما لا نهاية في أفغانستان. قضت الخطة ببناء حكومة وجيش أفغانيين مستعدين لتولي زمام الأمور".

ولاحظ "وجوب الاعتراف بتقدم تم إحرازه" منذ بدء التدخل الغربي، هدف إلى "الحؤول دون أن تصبح البلاد ملاذا للإرهاب الدولي" بعد اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001. وبذلك، "لم تقع طوال عقدين هجمات إرهابية تم تدبيرها من أفغانستان على أراضي دول الحلف".

وتابع ستولتنبرغ "من مسؤولية من يتولون السلطة أن يتأكدوا من عدم تمركز إرهابيين دوليين مجددا" في أفغانستان.

وقال أيضا "بفضل وجودنا العسكري ودعم المجتمع الدولي، كبر جيل جديد من الرجال والنساء في أفغانستان وتلقى تعليمه وشارك في السياسة وأدار شركاته وأفاد من وسائل إعلام دينامية (...) لا يمكن محو كل هذا التقدم بسهولة. سنحمل الحكام الجدد مسؤولية حماية الحقوق الإنسانية الأساسية، بما فيها حقوق النساء".

التعليقات