السودان: حمدوك والبرهان يوقعان على الاتفاق السياسي

وقع رئيس الوزراء السوداني المعزول بعد الانقلاب، عبد الله حمدوك، وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح برهان، على الاتفاق السياسي في القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، بعد ظهر اليوم الأحد؛ والذي يتضمن عودة حمدوك

السودان: حمدوك والبرهان يوقعان على الاتفاق السياسي

من المظاهرات في السودان، اليوم (الأناضول)

وقع رئيس الوزراء السوداني المعزول بعد الانقلاب، عبد الله حمدوك، وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح برهان، على الاتفاق السياسي في القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، بعد ظهر اليوم الأحد؛ والذي يتضمن عودة حمدوك رئيسا لمجلس الوزراء خلال الفترة الانتقالية. وقال حمدوك إن التوقيع على الاتفاق يفتح الباب لمعالجة قضايا الانتقال السياسي، وأنه سيساعد على فك الاختناق الداخلي والخارجي والمحافظة على مكتسبات العامين الماضيين.

ويشمل الاتفاق إعادة حمدوك إلى منصبه كرئيس للوزراء والإفراج عن جميع المعتقلين، وتعهد الطرفان بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي، ويؤكدان أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية لذلك، وضمان انتقال السلطة في موعدها إلى حكومة مدنية منتخبة، والتحقيق في الأحداث التي جرت في المظاهرات من إصابات ووفيات وتقديم الجناة للمحاكمة. كما سيشرف مجلس السيادة على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي، وأكد الاتفاق على ضرورة تعديل الوثيقة الدستورية بما يحقق مشاركة سياسية لكل المكونات.

وقال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن "الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه يفتح الباب لمعالجة قضايا الانتقال السياسي".

وأضاف في كلمة له بمراسم التوقيع في العاصمة الخرطوم، والتي بثها التلفزيون الرسمي، أن "الاتفاق يساعد على فك الاختناق داخليا وخارجيا واستعادة مسار الانتقال لتحقيق الديمقراطية".

وتابع "نريد أن نؤسس لشراكة حقيقية مع كل القوى الوطنية والاتفاق الذي أبرمناه يحصن التحول المدني وتوسيع قاعدة الانتقال ويحافظ على مكتسبات العامين الماضيين منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير عام 2019".

وأكمل "توقيعي على هذا الاتفاق مبني على أساس حقن دماء السودانيين والتركيز على البناء والتعمير، وسنعيد بلادنا إلى الإطار الصحيح".

وشدد حمدوك على أنه "لا بد من توافق على طريقة حكم السودان ولا بد من التسليم بأن الشعب السوداني هو الحكم".

وقال قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن "كل الأطراف تنازلت للوصول إلى الاتفاق السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيظل محل ثقة".

وأوضح أن "كل الأطراف تنازلت للوصول لهذا الاتفاق من أجل إكمال الفترة الانتقالية بتوافق تام".

وأضاف "نعاهد الشعب السوداني على الوصول لانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".

وتابع "سنكون متوافقين ومتحدين مهما حصل بيننا من خلافات وحمدوك سيظل محل ثقة".

وأشار إلى أن "موقفنا اليوم للدفاع عن ثورة ديسمبر وهذا الاتفاق هو التأسيس الحقيقي للمرحلة الانتقالية، ونريد أن نؤسس لشراكة حقيقية مع كل القوى الوطنية ولا نريد إقصاء أحد أو أي جهة في السودان".

ولفت إلى أن "الانسداد حتم علينا ضرورة التوقف في مسيرة الانتقال وإعادة النظر في ما تم وسيتم في المستقبل".

لكن قوى إعلان الحرية والتغيير، وهي الكتلة المدنية الرئيسية التي قادت الاحتجاجات المناهضة للبشير ووقعت اتفاق تقاسم السلطة في العام 2019 مع الجيش، رفضت اتفاق اليوم. وقالت في بيان "نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقا بأنه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعية للانقلاب". كما طالبت المجموعة بمحاكمة قادة الانقلاب بتهمة تقويض شرعية العملية الانتقالية بقمع المتظاهرين وقتلهم.

وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين خرجوا دعما للحكم المدني على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين عبد الله حمدوك والفريق عبد الفتاح البرهان.

وأفيد أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين كانوا يهتفون "يسقط يسقط حكم العسكر"، قرب القصر الجمهوري وسط الخرطوم.

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدن أخرى، اليوم الأحد، مظاهرات، احتجاجا على الانقلاب العسكري، وللمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، ورفضا لإجراءات قائد الجيش، البرهان. وتظاهر المئات بميدان "جاكسون" وسط الخرطوم، استجابة لمظاهرات دعت لها "لجان المقاومة" (مكونة من نشطاء) وأطلقت عليها "مليونية 21 نوفمبر"، وفق شهود عيان ومراسل الأناضول.

وردد المتظاهرون الذين يحملون الأعلام الوطنية، شعارات "الشعب يريد إسقاط البرهان"، و"الشعب أقوى، والردة مستحيلة"، "الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات"، وفق مراسل الأناضول. وأفاد شهود عيان للأناضول، بأن المئات تظاهروا أيضا في مدن "عطبرة" (شمال)، و"ربك" (جنوب).

ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها، "القصاص العادل للشهداء"، و"يسقط حكم العسكر"، و"الردة مستحيلة"، و"لا تفاوض، و"لا شراكة"، و"لا مساومة".

أحزاب سودانية ترفض الاتفاق السياسي

وفي سياق متصل، أعلنت أحزاب سودانية اليوم رفضها لأي اتفاق سياسي بين "المكون العسكري" في مجلس السيادة الانتقالي، ورئيس الوزراء المعزول، عبد الله حمدوك.

وذكر حزب الأمة القومي (أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم) في بيان "تم تداول معلومات عن اتفاق سياسي بين المكون العسكري ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك". وأضاف أنه "إزاء هذا الوضع، فإن الحزب يؤكد على موقفه المعلن برفض أي اتفاق سياسي لا يخاطب جذور الأزمة التي أنتجها الانقلاب العسكري وتداعياتها من قتل للثوار الذي يستوجب المحاسبة".

وشدد الحزب في بيانه على أنه "لن يكون طرفا في أي اتفاق لا يلبي تطلعات الثوار والشعب السوداني قاطبة"، معربا عن "ثقته في المقاومة الباسلة والمنتصرة".

بدوره، قال حزب المؤتمر السوداني (ضمن الائتلاف الحاكم)، في بيان، عقب إشارته للأنباء الواردة عن الاتفاق "نعلن عدم مشاركتنا في أي مفاوضات مباشرة أو عبر تمثيل من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، ونؤكد على موقفنا الثابت المعلن سابقا".

وتابع "ستظل كوادر حزبنا تعمل على الأرض في العاصمة والأقاليم مع جماهير شعبنا الصامد الأبي وقواه الحية لمقاومة السلطة الانقلابية الغاشمة بكل الطرق السلمية المتاحة والمعروفة حتى تمام سقوطه المحتوم".

من جهتها، قالت هيئة محامي دارفور إن "أي مبادرة أو مساومة لتسوية بين أطراف الأمس لتأتي بحمدوك أو غيره وتتجاوز مطالب الشارع لن تأتي بنتائج سوى المزيد من التمسك بالمطالب والحقوق".

وأوضحت في بيان أن "الحل يبدأ بالتأسيس لنظام حكم مدني انتقالي وليس الاتفاق على رئيس ومجلس وزراء مدني".

وأضافت "قبول عبد الله حمدوك بأي تسوية مهما كانت، تقنن تجاوزات العسكر والجرائم المرتكبة، كما يعد ذلك بمثابة تجاوز لمطالب الشارع والثوار".

وكان حمدوك تحت الإقامة الجبرية منذ 31 تشرين ثاني/ أكتوبر الماضي، عقب 6 أيام من احتجازه على خلفية قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 من ذات الشهر والتي حل فيها مجلسي الوزراء والسيادة.

وفي وقت سابق الأحد، نقلت وسائل إعلام محلية، أن المكون العسكري في مجلس السيادة، توصل إلى اتفاق مع حمدوك، يتضمن عودته لرئاسة الوزراء مرة أخرى، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.

وتضمن الاتفاق حسب المصادر، تشكيل حمدوك لحكومة بالمشاورة مع القوى السياسية، عدا حزب المؤتمر الوطني.

ومنذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يعاني السودان أزمة حادة، حيث أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها انقلابا عسكريا.

ومقابل اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءات 25 أكتوبر لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهما قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".

التعليقات