الولايات المتحدة ترفض مطلب روسيا بعدم ضم أوكرانيا للناتو

أكدت وزارة الخارجية الروسية، مساء اليوم، الأربعاء، أن السفير الأميركي لدى موسكو، جون ساليفان، سلم موسكو رد الولايات المتحدة الخطي على لائحة المطالب الأمنية التي تقدّمت بها لحل الأزمة الأوكرانية وفي مقدّمتها انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أوروبا الشرقية.

الولايات المتحدة ترفض مطلب روسيا بعدم ضم أوكرانيا للناتو

مدرعات روسية تتحرك على طول طريق سريع في شبه جزيرة القرم (أ ب)

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، مساء اليوم، الأربعاء، أن السفير الأميركي لدى موسكو، جون ساليفان، سلّمها رد الولايات المتحدة الخطي على لائحة المطالب الأمنية التي تقدّمت بها روسيا لحل الأزمة الأوكرانية وفي مقدّمتها انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أوروبا الشرقية.

ورفضت الولايات المتحدة، في ردها، مطلب روسيا بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقالت إنها تعتقد أن موسكو مستعدة لغزو أوكرانيا لكنها عرضت عليها مسارا جديدا للخروج من الأزمة.

جاء ذلك في أعقاب تهديد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده ستتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة، في حال لم يقدم الغرب ردًا بناء على مبادرات موسكو حول الضمانات الأمنية.

كما يأتي ذلك في أعقاب تأكيد مساعدة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، أن واشنطن تعتقد أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مستعدّ لاستخدام القوة ضدّ أوكرانيا بحلول منتصف شباط/ فبراير المقبل.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، في بيان، إنّ السفير ساليفان "سلّم الردّ الخطّي للإدارة الأميركية على مشروع معاهدة ثنائية حول الضمانات الأمنية والذي سبق للطرف الروسي أن قدّمها".

السفير الأميركي لدى موسكو، سوليفان، يدخل مبنى وزارة الخارجية الروسية (أ ب)

وذكرت بيان الخارجية الروسية أن غروشكو، استقبل ساليفان "بطلب من الأخير"، وأضاف أن "كبير مسؤولي البعثة الدبلوماسية الأميركية، سلم خلال اللقاء، الرد الخطي من قبل إدارة الولايات المتحدة على مشروع الاتفاق الثنائي، الذي تقدم به سابقا الطرف الروسي بشأن الضمانات الأمنية".

وأفادت وكالة "تاس" بأن ساليفان وصل إلى مقر الوزارة في الساعة 07:30 من مساء الأربعاء، وقضى هناك نحو نصف ساعة ومن ثم غادرها دون الرد على أسئلة الصحافيين. ويأتي ذلك بعد أن ذكرت قناة "سي إن إن" الأميركية أن الولايات المتحدة تنوي تسليم روسيا، الرد الأميركي على مقترحاتها الأمنية، الأربعاء.

وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تقدمت روسيا بمشروعي اتفاقين مع الولايات المتحدة والناتو حول ملف الضمانات الأمنية التي يطالب بها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لخفض التصعيد الروسي - الغربي حول الشأن الأوكراني.

وتشمل هذه الضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو، بحسب وزارة الدفاع الروسية، ثلاثة مطالب أساسية:

  • "ضمانات لعدم توسع حلف الناتو شرقا على حساب أوكرانيا وأي دول أخرى"؛
  • "التزامات بعدم نشر الصواريخ الأميركية الجديدة متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا، لأن نصب مثل هذه الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى تدهور جذري للأوضاع الأمنية في القارة"؛
  • "الحد من الأنشطة العسكرية في أوروبا واستبعاد زيادة ما يسمى بمجموعات قوات المرابطة الأمامية".

بلينكن: واشنطن عرضت على موسكو "مسارًا دبلوماسيًا جادًا" لحلّ الأزمة الأوكرانية

من جانبه، أكّد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء اليوم، أنّ واشنطن حدّدت "مسارًا دبلوماسيًا جادًا" لحلّ النزاع بشأن أوكرانيا في رسالتها للحكومة الروسية.

وقال بعدما تمّ تسليم الرسالة إلى موسكو "نوضح بأنّ هناك مبادئ جوهرية نحن ملتزمون بالمحافظة عليها والدفاع عنها، تشمل سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها وحقّ الدول في اختيار الترتيبات الأمنية والتحالفات الخاصة بها".

وأفاد بلينكن أنّ الرسالة أوضحت لموسكو أنّه بإمكان كييف اختيار حلفائها، متجاهلًا مطلبًا روسيًا بالحصول على تعهّد بألا تنضم أوكرانيا أبدًا إلى حلف شمال الأطلسي.

كما أكّد الوزير الأميركي أنّه سيتحدّث مع نظيره الروسي، لافروف، في الأيام المقبلة للحصول على ردّ موسكو على الموقف الأميركي.

وقال: "تناولنا إمكانية (اتخاذ) تدابير شفافية متبادلة في ما يتعلق بوضع القوة وأوكرانيا، إضافة إلى تدابير لزيادة الثقة في ما يتعلق بالتدريبات والمناورات العسكرية في أوروبا".

والرسالة التي أُعدّت بالتنسيق مع كييف وحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا تفتح الباب أيضًا أمام تعزيز محادثات مراقبة الأسلحة مع روسيا في ما يتعلق بمسألة الصواريخ الإستراتيجية والأسلحة النووية المتمركزة في أوروبا.

وفيما أكد بلينكن إرسال بلاده "مساعدات عسكرية إلى كييف هذا الأسبوع، من ضمنها 283 طنا من الذخيرة، وقد نشحن المزيد في الأيام المقبلة"، قال: "عرضنا على روسيا إمكانية عقد اتفاقية إضافية لـ‘نيو ستارت‘ لخفض الأسلحة الإستراتيجية في أوروبا، بما في ذلك الصواريخ النووية".

الحلف الأطلسي يسلّم موسكو "مقترحات" خطية

كما أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الأربعاء، أنّه سلّم روسيا "مقترحات" خطية، بعدما وجّهت موسكو سلسلة من المطالب المتعلّقة بخفض النفوذ الأميركي في شرق أوروبا.

وقال مسؤول في الحلف إنّ "الناتو نقل مقترحاته لروسيا بعد ظهر اليوم، بالتوازي مع الولايات المتحدة".

وكان دبلوماسيون قد أفادوا بأنه يجري تسليم الوثيقة للسفير الروسي في بلجيكا، حيث مقرّ الحلف.

من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، إن "نحن أمام لحظة حاسمة وندعو روسيا إلى إنهاء مظاهر التوتر والتصعيد فورا"، وأضاف "سنتخذ كافة التدابير التي تضمن أمن حلفائنا"، ودعا إلى إنشاء خط مفتوح مع روسيا للتحاور بشأن الأمن الأوروبي.

وأضاف ستولتنبرغ: "لدينا خطط لنشر قواتنا في وقت قصير إذا استدعى الأمر ذلك؛ نأمل أن تأخذ روسيا بعين الاعتبار ما أوردناه من أفكار في ردنا المكتوب على مقترحاتها بشأن الضمانات الأمنية".

وأوضح أن "الرد المكتوب على المقترحات الروسية تناول مطالب الحد من التسلح والتصدي للتهديدات السيبرانية"، وأضاف أن "الحلف يمد يده مجددا إلى روسيا لكنه مستعد للأسوأ في الوقت ذاته"، مشيرا إلى أن "روسيا تنشر قوات في بيلاروسيا تحت غطاء المناورات العسكرية".

واشنطن ترجّح أن تتحرّك موسكو عسكريًا ضد أوكرانيا بحلول منتصف شباط

من جانبها، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي، شيرمان، في وقت سابق، الأربعاء، أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّ الرئيس الروسي، بوتين، مستعدّ لاستخدام القوة ضدّ أوكرانيا بحلول منتصف شباط/ فبراير المقبل، رغم الضغوط الرامية لمنع ذلك.

وقالت شيرمان خلال منتدى: "لا فكرة لدي بشأن إن كان اتّخذ القرار النهائي، لكننا بالتأكيد نرى أن كل مؤشر يدلّ على أنّه سيستخدم القوة العسكرية في وقت ما، ربّما (بين) الآن ومنتصف شباط/ فبراير".

وأضافت الدبلوماسية التي التقت نظيرها الروسي في وقت سابق من الشهر الجاري في فيينا، لتحذير موسكو من غزو جارتها، أنّ خطط بوتين قد تتأثر بأولمبياد بكين، الذي ستقاطعه الولايات المتحدة وعدد من حلفائها بسبب سجلّ الصين في حقوق الإنسان.

وقالت شيرمان في تصريحاتها لمنتدى "يالطا للإستراتيجية الأوروبية" "نعرف جميعنا أنّ أولمبياد بكين ينطلق في الرابع من شباط/ فبراير، حفل الافتتاح، ومن المقرّر أن يحضر الرئيس بوتين".

وأضافت "أعتقد على الأرجح أنّ الرئيس (الصيني) شي جينبينغ لن يكون في غاية السعادة إذا اختار بوتين هذه اللحظة لغزو أوكرانيا، ولذا قد يؤثر ذلك على توقيته وطريقة تفكيره".

وقالت شيرمان إن الولايات المتحدة "تضغط من أجل الدبلوماسية" لكنّها في الوقت ذاته "تستعدّ للأسوأ".

وأكدت أنّه "حتى لو جندي روسي واحد توغّل في أوكرانيا فهذا يُعدّ أمرًا خطيرًا للغاية"، في رسالة تشدّد عليها واشنطن منذ مدة بعدما أحدث الرئيس، جو بايدن، مفاجأة عبر حديثه عن ردّ أوروبي أقلّ شدّة على توغّل "محدود".

وأوضحت شيرمان أنّ الولايات المتحدة "تستعدّ لمختلف السيناريوهات"، من "اجتياح كامل" إلى "هجمات هجينة أو تخريب أو إكراه".

وقالت إن أي غزو سيحمل "تداعيات هائلة بالنسبة لأوكرانيا وأوروبا، لكنه سيبعث برسالة أيضًا إلى العالم بأسره مفادها أنه بإمكان حكام استبداديين آخرين التحرّك مع احتفاظهم بحصانة من هذا النوع وتجاوز المبادئ الدولية التي لطالما تم التمسك بها والتي تشمل السيادة وسلامة الأراضي وقدرة الدولة على اختيار تحالفاتها".

وحشدت روسيا أواخر العام الماضي عشرات آلاف الجنود قرب الحدود مع أوكرانيا، حيث أسفر تمرّد تدعمه موسكو عن مقتل أكثر من 13 ألف شخص منذ العام 2014. وبينما تنفي روسيا أنّها تخطط لغزو جارتها، طالبت الولايات المتحدة بتنازلات من بينها ضمان عدم انضمام أوكرانيا قط إلى حلف شمال الأطلسي.

التعليقات