حتى يبقى العالم "قابلا للعيش": الانبعاثات يجب أن تصل لحدّها الأقصى في ثلاث سنوات

تُصدِر الأُسَر الـ10 % الأغنى في العالم حتى 45 % من الانبعاثات، في حين يجب أن تصل الانبعاثات إلى حدها الأقصى في غضون ثلاث سنوات حتى يبقى العالم "قابلا للعيش"، بحسب تقرير أصدرته هيئة المناخ الأممية.

حتى يبقى العالم

("أ ب")

تُصدِر الأُسَر الـ10 % الأغنى في العالم حتى 45 % من الانبعاثات، في حين يجب أن تصل الانبعاثات إلى حدها الأقصى في غضون ثلاث سنوات حتى يبقى العالم "قابلا للعيش"، بحسب تقرير أصدرته هيئة المناخ الأممية، مساء اليوم الإثنين، قدّمت فيه حلولا للحدّ من الاحترار وآثاره المدمّرة، فيما حذر خبراء البيئة في الأمم المتحدة في التقرير ذاته، من أن أمام البشرية أقلّ من ثلاث سنوات لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، المسؤولة الرئيسية عن التغير المناخي، إذا أرادت المحافظة على "عالم قابل للعيش".

ورأى الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن من المستحيل حصر الاحترار المناخي بـ1,5 درجة مئوية مع الالتزامات العالمية الحالية، مضيفين: "حتى لو سجلت ذروة الانبعاثات" قبل العام 2025 فعلا، واتّخذت "إجراءات فورية"؛ فإن الاحترار قد يصل إلى درجتين مئويتين.

("أ ب")

وأكد رئيس الهيئة، هوسونغ لي، قائلا: "نحن عند منعطف. القرارات التي تتخذ اليوم قد تضمن مستقبلا قابلا للعيش".

وشدّد خبراء المناخ في تقريرهم على أن الأسر الـ10 % الأغنى في العالم تصدر حتى 45 % من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن التغير المناخي في العالم.

ويعيش ثلثا هذه النسبة في دول متطورة. وقالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن الانبعاثات المرتبطة بنمط حياة الطبقات الوسطى والفقيرة في الدول المتطورة أعلى 5 مرات إلى خمسين مرة، من تلك المسجلة في صفوف هاتين الطبقتين في الدول النامية.

وعَدّ الخبراء أن التحرك على صعيد الطلب على الطاقة واستهلاك السلع والخدمات، قد يسمح بخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة الرئيسية عن التغير المناخي، بنسبة تراوح بين 40 و70 % بحلول العام 2050.

("أ ب")

وشدد بريادارشي شوكلا، وهو أحد رؤساء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على أن "اعتماد السياسات العامة وتوفير البنى التحية والتكنولوجيا لجعل التغير في نمط حياتنا وسلوكنا ممكنا، يوفر قدرة كبيرة غير مستغلة" لخفض الانبعاثات.

وأكدت الهيئة أنه يجب تقليل استخدام الوقود الأحفوري بشكل كبير بحلول العام 2050 من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي لاتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

فمن دون احتجاز الكربون (وهي تقنية غير ناضجة)، يجب أن يتم التخلص من استخدام الفحم تماما وتقليل استخدام النفط والغاز بنسبة 60% و70 % تواليا بحلول العام 2050 مقارنة بمستويات العام 2019 و"يجب أن تنتج الكهرباء في أنحاء العالم من مصادر منخفضة أو منعدمة الكربون"، وفق التقرير.

واتّسمت تصريحات الأمين العام للأمم، المتحدة أنطونيو غوتيريش، بوضوح تام، عندما قال يوم انطلاق مناقشات الدول الأعضاء الـ195 في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قبل أسبوعين، إن الاتّكال على النفط والفحم والغاز هو "جنون".

وصرّح غوتيريش: "نمشي معصوبي الأعين نحو كارثة مناخية"، وإذا "ما استمرّ الوضع على هذا المنوال، يمكننا التخلّي عن هدف 1,5 درجة مئوية وقد يكون هدف الدرجتين المئويتين خارج متناولنا"، في إشارة إلى المسار المنصوص عليه في اتفاق باريس المناخي.

وبعد قرن ونصف قرن من التنمية القائمة على الطاقة الأحفورية، زادت حرارة الأرض حوالى 1,1 درجة مئوية في المعدّل بالمقارنة مع الحقبة ما قبل الصناعية، فازدادت موجات الحرّ والجفاف والعواصف والفيضانات الجارفة.

وفي الجزء الأول من التقرير الذي نشر في آب/ أغسطس 2021، تطرّقت هيئة المناخ إلى تسارع الاحترار، متوقّعة تخطّي عتبة 1,5 درجة مئوية إضافية نسبة إلى العصر ما قبل الصناعي بحدود 2030.

أما الجزء الثاني من التقرير الصادر في أواخر شباط/ فبراير، فهو رسم صورة شديدة القتامة عن التداعيات الماضية والحاضرة والمقبلة على السكان والنظم البيئية، مع الإشارة إلى أن تأجيل التدابير اللازمة يقوّض حظوظ بلوغ "مستقبل يمكن العيش فيه".

ويتمحور الجزء الثالث على المسارات الممكنة للجم الاحترار، مع استعراض الاحتمالات بحسب القطاعات الكبيرة (مثل الطاقة والنقل والصناعة والزراعة)، ومع مراعاة المقبولية الاجتماعية ودور التكنولوجيا مثل تقنيات امتصاص الكربون واحتباسه.

%99 من سكان العالم يتنفسون هواء رديء الجودة

وفي سياق ذي صلة، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن جميع سكان العالم تقريبا يتنفسون هواء لا يفي بمعايير المنظمة الخاصة بجودة الهواء، داعية إلى فرض مزيد من الإجراءات لتقليل استخدام الوقود الأحفوري، والذي يولد ملوثات تسبب مشكلات بالتنفس وتؤدي إلى ملايين الوفيات التي يمكن الوقاية منها سنويا.

("أ ب")

وأصدرت المنظمة، بعد نحو ستة أشهر من تشديد إرشاداتها بشأن جودة الهواء، تحديثا لقاعدة بياناتها الخاصة بجودة الهواء اليوم الإثنين، والتي تعتمد على معلومات من عدد متزايد من المدن والبلدات والقرى في جميع أنحاء العالم.

وقالت المنظمة إن 99 بالمائة من سكان العالم يتنفسون هواء أقل جودة، وغالبا ما يكون مليئا بجزيئات قد تخترق عمق الرئتين، وتدخل في الأوردة والشرايين، وتسبب الأمراض.

وأضافت أن منطقتي شرق البحر المتوسط وجنوب شرق آسيا هما الأسوا فيما يتعلق بجودة الهواء، تليهما قارة إفريقيا.

وقالت مديرة قسم البيئة وتغير المناخ والصحة بمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة ماريا نيرا، إنه "بعد النجاة من فيروس كورونا، من غير المقبول استمرار وجود سبعة ملايين حالة وفاة يمكن الوقاية منها، وخسارة عدد لا يحصى من العيش لسنوات بصحة جيدة بسبب تلوث الهواء".

وقاعدة البيانات، التي تتكون تقليديا من نوعين من الجسيمات المعروفة باسم بي إم 10، وبي إم2.5، تضمنت لأول مرة قياسات أرضية لثاني أكسيد النيتروجين.

وصدرت أحدث نسخة من قاعدة البيانات في عام 2018.

وتنشأ جسيمات ثاني أكسيد النيتروجين من حرق الوقود الناتج عن الأنشطة البشرية كعوادم السيارات، وهو أكثر شيوعا في المناطق الحضرية.

وتقول منظمة الصحة إن التعرض لثاني أكسيد النيتروجين قد يؤدي إلى أمراض بالجهاز التنفسي كالربو، وأعراض مثل السعال، وصعوبة في التنفس، وقد يزيد من ارتفاع عدد الحالات التي تحتاج إلى دخول المستشفيات، وغرف الطوارئ.

وعٌثر على جسيمات ثاني أكسيد النيتروجين بتركيزات عالية في منطقة شرق البحر المتوسط.

وتأتي هذه الجسيمات من عدة مصادر، كحركة النقل ومحطات الطاقة، والزراعة وحرق النفايات والصناعة، وكذلك من مصادر طبيعية كغبار الصحراء.

وأظهرت قاعدة البيانات أن العالم النامي هو الأكثر تضررا بشكل خاص؛ حيث سجلت الهند مستويات كبيرة من جسيمات "بي إم 10"، بينما ظهر في الصين مستويات قياسية من جسيمات "بي إم2.5".

وقالت منظمة الصحة كذلك إن "المواد الجسيمية، خاصة (بي إم2.5 ) قادرة على اختراق عمق الرئتين، ودخول مجرى الدم، ما يتسبب في أضرار بالقلب، والأوعية الدموية، والدماغ، والجهاز التنفسي. وهناك أدلة جديدة على أن الجسيمات تؤثر على أعضاء أخرى، وتسبب أمراضا أخرى أيضا".

وفي السياق، قالت أنوميتارويشودري، وهي خبيرة تلوث الهواء في مركز العلوم والبيئة، وهي منظمة بحثية في نيودلهي، إن هذه النتائج تسلط الضوء على الحجم الهائل للتغييرات اللازمة لمكافحة تلوث الهواء.

التعليقات