انتخاب عبد اللطيف رشيد رئيسًا للعراق وتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة

بعد جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد بأصوات 162 نائبًا، مقابل 99 صوتًا لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، فيما اعتبرت 8 أوراق لاغية، كما أكد المسؤول الإعلامي لصحافيين متواجدين في مبنى البرلمان لتغطية أحداث الانتخابات.

انتخاب عبد اللطيف رشيد رئيسًا للعراق وتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة

عبد اللطيف رشيد (Getty Images)

انتخب النواب العراقيون، مساء اليوم، الخميس، عبد اللطيف رشيد (78 عامًا) رئيسًا للجمهورية في العراق، كما أعلن مسؤول في الدائرة الإعلامية في البرلمان، في ختام فرز الأصوات، في خطوة من شأنها إخراج البلاد من أزمة سياسية حادة، انعكست بتعرض المنطقة الخضراء لقصف صاروخي أدى إلى جرح عشرة أشخاص، قبيل انعقاد جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس.

وبعيد الإعلان عن فوز رشيد في الانتخابات، سلّم الأخير، مرشح "الإطار التنسيقي"، محمد شياع السوداني، كتاب تكليفه الرسمي لرئاسة الحكومة المقبلة، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عراقية عن مصادر رسمية، وأفاد مشرعون عراقيون، تحدثوا لوكالة "رويترز".

وأعرب السوداني من البرلمان عن أمله بتشكيل حكومة "بأقرب وقت"، في حديث لصحافيين الخميس، فيما هنّأ رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مصطفى الكاظمي، السوداني "بتكليفه تشكيل الحكومة العراقية الجديدة"، داعيًا "كل القوى السياسية إلى التعاون والتكامل" و"متمنيًا له التوفيق في مهمّة تشكيل الحكومة من أجل تحقيق تطلعات شعبنا الكريم".

وبعد جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد بأصوات 162 نائبًا، مقابل 99 صوتًا لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، فيما اعتبرت 8 أوراق لاغية، كما أكد المسؤول الإعلامي لصحافيين متواجدين في مبنى البرلمان لتغطية أحداث الانتخابات.

ويعدّ رشيد، الوزير السابق والمهندس الهيدروليكي، مرشح تسوية في بلد منقسم، خرج اسمه إلى الواجهة من جديد في اللحظة الأخيرة، وفي وقت تريد فيه القوى الموالية لإيران والتي تملك الأغلبية في البرلمان تسريع العملية السياسية وتشكيل حكومة.

وعلى الرئيس الجديد أن يكلّف الآن رئيسًا للحكومة، ينتمي إلى الطائفة الشيعية، كما يقتضي الدستور في العراق، وفقا لنظام المحاصصة الطائفية الذي خلّفه الغزو الأميركي، على أن تختاره الكتلة الأكبر عددًا في البرلمان، لتنطلق بعدها مفاوضات تشكيل حكومة.

ومنذ الانتخابات التشريعية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لم تتمكن الأطراف السياسية النافذة من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس جديد للحكومة، رغم مفاوضات عديدة في ما بينها.

وفي صلب الأزمة الخلاف بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، و"الإطار التنسيقي" الذي يضمّ كتلاً عدّة من بينها "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وكتلة "الفتح" الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.

وفي انعكاس لحالة التوتر، تعرضت المنطقة الخضراء، التي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، فضلاً عن أحياء مجاورة، لقصف بتسعة صواريخ كاتيوشا، قبيل جلسة البرلمان التي انطلقت ظهر اليوم، الخميس.

البرلمان العراقي بنتخب رئيسا للجمهورية، اليوم (Getty Images)

وأصيب عشرة أشخاص بجروح في هذه الضربات التي لم تتبنها أي جهة، وفق مصدر أمني، من بينهم ستة من عناصر الأمن، و4 مدنيين أصيبوا بصاروخ سقط بحيّ مجاور للمنطقة الخضراء.

ونددت السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوفكسي، بالقصف، داعيةً العراقيين إلى "إيجاد حلول لخلافاتهم السياسية ولتحقيق مطالبهم من خلال الوسائل السلمية فقط"، مضيفةً أن "مثل هذه الهجمات تقوض الديمقراطية وتحاصر العراق في دائرة دائمة من العنف".

وبعد ثلاث محاولات فاشلة، نجح البرلمان العراقي أخيرًا بانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب شرفي إلى حد كبير مخصص إلى الأقلية الكردية.

وبعد جولة تصويت ثانية، انتخب رشيد الوزير السابق للموارد المائية، والذي ينتمي للحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الرئيسيين الممثلين للأقلية الكردية، بأصوات 162 نائبًا، مقابل 99 صوتًا لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح.

وكان منصب الرئاسة موضع خلاف في الأشهر الأخيرة، وتتولى المنصب عادةً شخصية من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يدير الحزب الديمقراطي الكردستاني، في المقابل حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.

لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يسعى كذلك إلى منصب رئاسة الجمهورية ويرفض اسم برهم صالح، الرئيس الحالي، الذي كان مرشحًا أيضًا. ووافق الحزب الديمقراطي الكردستاني في نهاية المطاف على التصويت لعبد اللطيف رشيد، كما قال المسؤول في الحزب بنكين ريكاني.

ومنذ إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 إثر الغزو الأميركي، تهيمن الأحزاب الشيعية على الحياة السياسية في بلد متعدد الطوائف والأعراق.

وكان الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، حمزة حداد، قد أكد أن "محمد شياع السوداني هو الشخصية الأوفر حظًا" لهذا المنصب، وهو وزير ومحافظ سابق عمره 52 عامًا، اختاره الإطار التنسيقي.

ويملك الإطار التنسيقي حاليًا الكتلة الأكبر في البرلمان، مع 138 نائبًا وفق المسؤول في الإطار أحمد الأسدي، بعد الانسحاب المفاجئ لنواب التيار الصدري وعددهم 73 نائبًا من البرلمان.

ولا يزال موقف الزعيم الديني، مقتدى الصدر، بشأن التطورات غير معروف.

وكان الصدر قد أثبت في الأسابيع الأخيرة، قدرته على زعزعة المشهد السياسي عبر تعبئة عشرات الآلاف من مناصريه للنزول إلى الشارع. ويطالب الصدر الذي اعتاد على إطلاق المفاجآت السياسية، بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وكان ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر.

وبلغ التوتر ذروته في 29 آب/ أغسطس الماضي، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قد دعت، الإثنين الماضي، الأطراف السياسية، إلى الانخراط في "حوار بدون شروط مسبقة" من أجل إيجاد مخرج لـ"أزمة طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار".

التعليقات