وفاة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي... في السجن

منظمة العفو الدولية تدعو للتحقيق في وفاته * السلطات المصرية ترفض دفنه في مسقط رأسه * هيومن رايتس ووتش: وفاة مرسي أمر فظيع، ولكنها كانت متوقعة نظرًا لفشل الحكومة المصرية في السماح له بالعناية الطبية الكافية

وفاة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي... في السجن

(أ ب)

أعلن التلفزيون المصري، مساء اليوم الإثنين، وفاة الرئيس المصري المنتخب والمعزول محمد مرسي أثناء جلسة محاكمته. واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة المصرية بعدم توفير العناية الطبية له، بينما دعت منظمة العفو الدولية إلى التحقيق في ظروف وفاته.

وجاء أنه في أعقاب رفع الجلسة أصيب بنوبة إغماء توفي على إثرها، وتم نقل الجثمان إلى المستشفى، وجار اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وطلب الرئيس الذي عزله العسكر عام 2013، الكلمة من القاضي، وألقى آخر كلماته خلال الجلسة، قبل أن يصاب بالنوبة.

ونقل موقع "العربي الجديد" أن مرسي كان قد قال خلال محاكمته إنه يتعرض للموت المتعمد، وإنه أصيب بالإغماء أكثر من مرة.

ونقل عن مصدرين قضائي وأمني قولهما إن "مرسي تحدث أمام المحكمة لمدة 20 دقيقة، وانفعل ثم أغشي عليه ونقل إلى المستشفى حيث توفي".

وأكد النجل الأكبر للرئيس المصري الأسبق، أحمد مرسي، وفاة والده، الإثنين.

وقال مصدر مقرب من عائلة مرسي إن السلطات المصرية رفضت طلب الأسرة دفنه في مقابر العائلة في مسقط رأسه في قرية العدوية في محافظة الشرقية شمالي البلاد.

وجاء في نبأ لاحق أن مفاوضات تجري مع السلطات المصرية حول مكان الدفن في القاهرة أو في مسقط رأسه.

وكانت الجلسة تنظر في اتهام أول رئيس للبلاد منتخب ديمقراطيا (2012-2013) و23 آخرين، بـ"التخابر" في القضية المعروفة بـ"التخابر مع حركة حماس" حيت توجه لهم تهم ينفونها بـ"ارتكاب جرائم التخابر وإفشاء أسرار الأمن القومي".

السلطات المصرية تبحث ملابسات الوفاة

أعلنت النيابة العامة في مصر أن السلطات تبحث ملابسات الوفاة الدرامية داخل قاعة المحكمة.

وقال النائب العام، نبيل صادق، في بيان إن وفاة مرسي جاءت بعدما تحدث أمام المحكمة لمدة خمس دقائق اليوم الإثنين، قبل أن يرفع القاضي الجلسة.

وأمر النائب العام "بانتقال فريق من أعضاء النيابة العامة بنيابة أمن الدولة العليا ونيابة جنوب القاهرة الكلية لإجراء المناظرة لجثة المتوفي، والتحفظ على كاميرات المراقبة الموجودة بقاعة المحكمة وقفص المتهمين، وسماع أقول المتواجدين معه في ذلك الوقت".

كما أمرت النيابة العامة "بالتحفظ على الملف الطبي الخاص بعلاج المتوفي، وندب لجنة عليا من الطب الشرعي برئاسة كبير الأطباء الشرعيين ومدير إدارة الطب الشرعي؛ لإعداد تقرير طب شرعي بأسباب الوفاة تمهيدا للتصريح بالدفن".

هيومن رايتس ووتش: أمر فظيع كان متوقعا بسبب عدم السماح له بالعناية الطبية الكافية

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تغريدة على "تويتر"، إن وفاة محمد مرسي أمر فظيع، ولكنها كانت متوقعة نظرًا لفشل الحكومة المصرية في السماح له بالعناية الطبية الكافية.

وكان قد احتُجز مرسي، في تموز/ يوليو 2013، عقب الإطاحة به من الحكم بعد عام من توليه المنصب، في حين صدرت بحقه أحكام نهائية بالسجن في 3 قضايا بمجموع أحكام وصلت إلى 48 عاما.

وبخلاف حكم نهائي بإدراجه على "قوائم الإرهاب" لمدة 3 سنوات، أعاد القضاء محاكمته في قضيتين ألغت محكمة النقض، أعلى محكمة للطعون بالبلاد، أحكامهما.

الأمم المتحدة تعزي عائلة ومحبي مرسي

أعربت الأمم المتحدة عن خالص تعازيها لعائلة ومحبي الرئيس المصري الأسبق.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية بنيويورك.

وردا على أسئلة الصحفيين بشأن إعلان التلفزيون الرسمي المصري خبر الوفاة، قال دوغريك: "نقدم خالص تعازينا لعائلة مرسي ولمحبيه".

الإهمال الطبي كوسيلة "اغتيال"

كشف نجل مرسي، عبد الله، أن والده يعيش في عزلة تامة داخل سجن طرة، وبدون أي رعاية صحية، وينام على الأرض، وتمنع عنه الزيارة منذ أكثر من عامين، بشكل مخالف للوائح السجون والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر في مجال حقوق الإنسان.

وكانت "أسوشيتد برس" عن نقلت عن عبد الله مرسي قوله، في تصريحات سابقة، إن "والده يضرب أروع الأمثلة على الصمود في مواجهة انتقام نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي منه، ومن أسرته"، مشيرا إلى أن "والده لا يعلم بمجريات الأمور في البلاد منذ اعتقاله، لأنه محاصر في السجن الانفرادي، ومعزول عن بقية السجناء، ولا يُسمح له بقراءة الصحف، أو إدخال قلم وورقة ليكتب أفكاره".

وكان قد حذر تقرير صادر عن لجنة حقوقية مستقلة مكونة من نواب بريطانيين ومحامين، في آذار/ مارس 2018، من أن الرئيس المصري المعزول يواجه خطر الموت في السجن، إذا لم يتلق على الفور عناية طبية عاجلة، نتيجة عدم تلقيه الرعاية الطبية الكافية لمرض السكري الذي يُعاني منه، لا سيما مع تعنت إدارة السجن في توفير العلاج الطبي الأساسي له، ومحاصرته في أوضاع بائسة جدا داخل السجن الانفرادي.

ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى التنديد بظروف سجن مرسي، وإلى الضغط على الحكومة المصرية لكي "تسمح لعائلته بزيارته" و"تلقي العلاج الطبي"، مشيرا إلى أن ظروف اعتقال الرئيس المصري السابق في سجن انفرادي "يمكن أن تنطوي على تعذيب، أو معاملة قاسية، وغير إنسانية، أو مذلة".

وكانت مصادر سياسية وحقوقية مصرية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن قطاع مصلحة السجون في مصر ينتهج سياسة واضحة إزاء ملف "الإهمال الطبي" المتعمد إزاء السجناء السياسيين، وعلى وجه أخص قيادات جماعة "الإخوان" المعارضة للسيسي، بهدف تصفيتها داخل مقار الاحتجاز، عوضا عن إثارة الرأي العام في الخارج باستصدار أحكام قضائية بإعدامها، على غرار ما حدث مع المئات من أعضاء الجماعة خلال العامين الماضيين.

وأفادت المصادر بأن "قطاع السجون لديه تعليمات من وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق (كان يقود جهاز الأمن الوطني قبل شغله منصبه)، بعدم الاستجابة نهائيا لمطالب أي من قيادات جماعة الإخوان"، الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، بالعلاج داخل مستشفى السجن أو على نفقتهم الخاصة في مستشفيات خارجه، علاوة على منع إدخال الأدوية لهم من خلال ذويهم.

وأكدت المصادر أن الانتهاكات التي تتعرض لها قيادات "الإخوان" داخل السجون متكررة ومستمرة، وتستند إلى تعليمات "رئاسية" بدرجة أعلى، وتهدف إلى وفاة أكبر عدد من هؤلاء القادة داخل السجون، وعلى رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي، وبذلك يتجنب النظام الحاكم مهاجمته من الخارج في حال تنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء.

ولم يشفع للمرشد العام السابق لجماعة "الإخوان"، محمد مهدي عاكف، وضعه الصحي الصعب، أو المناشدات للإفراج عنه التي أطلقتها منظمات حقوقية، إذ توفي في 22 سبتمبر/ أيلول 2017، عن عمر ناهز 89 عاما، ودفن في صمت من دون مشيعين، بعد معاناته من الإصابة بانسداد في القنوات المرارية (الصفراوية)، ومرض السرطان، في وقت رفضت المحكمة مرارا طلب الإفراج الصحي عنه.

وفي آب/ أغسطس 2017، توفي كذلك عضو مكتب الإرشاد في جماعة "الإخوان"، عبد العظيم الشرقاوي، إثر تدهور حالته الصحية داخل سجن بني سويف، ما دفع "جبهة قيادات الإخوان" لإصدار بيان آنذاك يؤكد أنه "اغتيل داخل السجن بواسطة الإهمال الطبي"، كونه رحل بعد رحلة قاسية من منع العلاج والدواء عنه، ومعاناته من الموت البطيء لفترة طويلة داخل سجن انفرادي شديد الحراسة.

منظمة العفو الدولية تدعو للتحقيق في وفاة مرسي

دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية للتحقيق في وفاة الرئيس المصري السابق الذي رحل عن 67 عاما.

وقالت المنظمة في تغريدة باللغة العربية على حسابها بموقع تويتر ”ندعو السلطات المصرية لإجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاته وحيثيات احتجازه - بما في ذلك حسبه الانفرادي وعزله عن العالم الخارجي“.

كما دعت المنظمة إلى تحقيق بشأن الرعاية الطبية التي كان يتلقاها مرسي و“محاسبة المسؤولين عن سوء معاملته“.

التعليقات