30/07/2008 - 11:31

محمود جبر 1935 – 2008../ مازن يوسف صباغ

-

محمود جبر 1935 – 2008../  مازن يوسف صباغ
رحل يوم الأحد 27-7-2008 الفنان الكبير محمود جبر عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاماً قضاها في مسيرة فنية حافلة شملت كافة نواح الأداء التمثيلي من مسرح وسينما وإذاعة وتلفزيون.

ولد الفنان الراحل محمود جبر في جبل العرب، مدينة شهبا في محافظة السويداء عام 1935، ونشأ وتعلم في حي الميدان في مدينة دمشق، وهو من عائلة فنية قدمت خمسة فنانين، هم الراحل محمود وأخواه ناجي (أبو عنتر) وهيثم وابنتاه ليلى ومرح، وهو متزوج من الفنانة هيفاء واصف شقيقة الفنانة القديرة منى واصف.

المسرح كان حب الراحل الأول حيث أسس مع زملاء الدراسة في ثانوية الميدان (ثانوية عبد الرحمن الكواكبي حالياً) أوائل الخمسينيات فرقة مسرحية للهواة، وفي العام 1955 قدم أول مسرحية كوميدية بعنوان "ناسي أفندي"، واحترف التمثيل المسرحي عام 1958 حيث قدم مسرحية "أنا والعذاب والزواج".

عمل في المسرح الحر الذي كان يديره الفنان الكبير المرحوم عبد اللطيف فتحي، وعمل خبيراً مسرحياً في وزارة الثقافة في الإقليم الشمالي إبان الوحدة بين سورية ومصر، ثم عمل بالمسرح العسكري حيث شارك في تأسيس هذا المسرح وأدى مسرحية "العطر الأخضر" في حفل افتتاحه، واستمر بالعمل في المسرح العسكري حتى العام 1968 تاريخ تأسيس فرقة "محمود جبر" المسرحية التي استمرت في نشاطها حتى العام 1984 قدم خلالها أعمال مسرحية كثيرة كانت أولها مسرحية "سراديب الضايعين" وآخرها مسرحية "نادي المترفين"، وضمت الفرقة عشرين ممثلاً وممثلة منهم: (المرحوم يوسف شويري – أبو عنتر – هيثم جبر – محمد العقاد – نجوى صدقي – هيفاء واصف – هالة شوكت – أنطوانيت نجيب.. ) والتي كانت جل أعمالها تتضمن موضوعات اجتماعية.. انتقادية.. شعبية.. وقد قدمها بأسلوب كوميدي مبسط جعله مقرباً إلى عقول وقلوب وهموم المواطن العادي، مما جعل نجمه يلمع في أعوام السبعينات والثمانينات من القرن العشرين.

لاقى مسرح محمود جبر تشجيعاً واهتماماً كبيراً من الجمهور ساهم في تعميقها ونشرها استعمال الفنان الراحل (اللهجة الشامية المحكية) للتواصل مع الناس، كما كان للتلفزيون السوري ولإذاعة دمشق دور كبير في انتشاره الشعبي.

ورغم الطابع الكوميدي لمسرحيات محمود جبر إلا أنها امتازت بتنوعها، فقدم الراحل الكوميديا الشعبية (عيشة نص كم– لا عالبال ولا عالخاطر – حط بالخرج) والكوميديا الكلاسيكية (براكساجورا – البرجوازي النبيل) والأعمال الملتزمة (العطر الأخضر – مدير بالوكالة – مدام أمريكا – ليش هيك صار معنا).

أما في المجال التلفزيوني فقد كان الراحل محمود جبر من الرواد الأوائل في الدراما التلفزيونية في سورية، حيث كان من المشاركين في أول الأعمال التي قدمت على شاشة التلفزيون العربي السوري حين تأسيسه عام 1960 وهو عمل "الإجازة السعيدة"، لتتالى بعدها أعماله التلفزيونية وهي: "أسبوعيات محمود جبر - مصلح أفندي - قصة مثل - برنامج ساعي البريد - الموظف - ثمن الحرية - رقصة الحباري"، كما قدم بالإضافة إلى ذلك العديد من الأعمال الإذاعية.

في السينما قدم أعمالاً عديدة منها: (قطط شارع الحمرا - ساعي البريد - قاهر الفضاء - مقلب حب - خياط للسيدات - بنات آخر زمن - صدر الرجال - حسناء وأربع عيون - شباب في الجنة).

ولم يقف التزام الفنان محمود جبر بقضايا الوطن والمواطنين عند حدود العمل الإبداعي بل تجاوزه إلى العمل المباشر سواء من خلال موقعه كنائب لنقيب الفنانين (1984 – 1990)، أو من خلال عضويته في مجلس الشعب (البرلمان السوري) في الدور التشريعي الرابع (1986-1990)، والدور التشريعي الخامس (1990-1994)، حيث فاز عن المستقلين في دائرة مدينة دمشق الانتخابية.

برحيل محمود جبر يسدل الستار على فصل من فصول الحياة المسرحية في سورية، ويودع الآلاف من المشاهدين الذي تابعوه على خشبة المسرح القومي والمسرح العسكري والمسارح الخاصة في دمشق وكافة المحافظات السورية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ويودع الملايين الذين شاهدوا مسرحياته على شاشة القناة الأولى في التلفزيون العربي السوري الذي كان يخصص ساعتين من بعد ظهر الجمعة لعرضها، يودعون فناناً كوميدياً من الطراز الأول.. فناناً ملتزماً من الطراز الأول.. فناناً لطالما أضحكهم وأمتعهم وصور معاناتهم.. ودافع عن قضاياهم سواء على خشبة المسرح أو تحت قبة البرلمان.

لمحمود جبر الذي لطالما كان الناطق الفنان باسم الشعب ورائداً مميزاً للمسرح السوري الرحمة وجنات الخلد، ولزوجته الفنانة القديرة هيفاء واصف وابنتيه الفنانتين المعروفتين ليلى ومرح وأخويه ناجي وهيثم وللجميع العزاء وطول البقاء.

التعليقات