08/01/2010 - 17:47

الأردن ليست فقط عمان/عصام بلاّن

-

الأردن ليست فقط عمان/عصام بلاّن
باشرت هيئة تنشيط السياحة الأردنية قبل عدة أيام من خلال مندوبها في فلسطين الأستاذ خالد الكيلاني بإستضافة عدد من الصحافيين الفلسطينيين في الداخل لأهم المناطق السياحية والأثرية والدينية في الأردن لترويج السياحة الأردنية واستقطاب المزيد من السياح الفلسطينيين، علما بأن أغلبية الفلسطينيين في الداخل (حوالي 145 ألف سائح سنويا) تقتصر زيارتهم للعاصمة عمّان وأسواقها وتترك ورائها ثروة سياحية كبيرة بوجود العديد من الأماكن والمواقع الأثرية السياحية والترفيهية. لذلك قامت الهيئة باستضافتنا للأماكن التالية لترويجها سياحيا وكان انطباعنا كالتالي:
وصلنا إلى الأردن من خلال معبر الشيخ حسين في ساعات الظهيرة وانطلقنا مباشرة إلى مدينة مادبا الواقعة جنوب مدينة عمان والمعروفة بمدينة الفسيفساء, وهي مدينة مسيحية يعود تاريخها لفترة ما قبل الميلاد، وقد حظيت هذه المدينة مؤخرا بأهمية إعلامية كبيرة وذلك بسبب زيارة قداسة البابا بنديكتوس السادي عشر لها قبل حوالي السبعة شهور. أكثر ما يلفت الإنتباه في هذه المدينة هو وجود الخارطة الفسيفسائية البيزنطية في كنيسة القديس جورج التابعة للطائفة الاروثوذكيسة حيث تعتبر كنزا أثريا لا يثمّن.
تركنا مدينة مادبا في ساعات الغروب موجهين أنظارنا نحو لون السماء الخلاب، كان لون السماء كالذهب يتلئلئ راقصا وكأنه يودع الشمس الغائبة منتظرا يوما جديد. وكنا متجهين نحو البحر الميت.

وصلنا في ساعات المساء المتأخرة للبحر الميت ونزلنا في فندق الموفيمبيك، ولاحظنا مباشرة ان هذه المنطقة هي منطقة سياحية من الدرجة الأولى، حيث تكثر فيها الفنادق الفخمة (خمسة نجوم) وتتحقق فيها المشاريع السياحية الكبيرة. هذا وبالإضافة إلى استغلال مياه البحر من قبل الفنادق للعلاجات حيث أنها تحتوي على مواد معدنية وملحية.
في اليوم التالي وعلى مقربة من فندقنا ومشيا على الأقدام، قمنا بزيارة مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات حيث يعتبر لوحة عمرانية خلابة يستمد جماله من طبيعة المنطقة الجميلة لإستضافة اهم الفعاليات والمؤتمرات المحلية والعالمية، يضم 25 قاعة ويستطيع أن يستضيف أكثر من 3000 شخص في وقت واحد ويوفّر جميع الخدمات وأحدث والتقنيات لجميع المناسبات، ولاسيما الأفراح منها.

وبعد ان استمتعنا بجمال البحر الميت وفخامة فنادقه وامتياز الخدمات فيه، انطلقنا إلى البحر الأحمر... وفي طريقنا توقفنا واستمتعنا أمام محمية الموجب الواقعة ما بين البحر الميت والبحر الأحمر وهي محمية طبيعية تمتاز بوجود الينابيع المعدنية والنباتات النادرة والحيوانات البرية، وتحتوي على مواقع اثرية ترجع إلى العصور القديمة، كما وتقدم المحمية للسياح رحلة المغامرات تتضمن السباحة والتسلق ومشاهدة المناظر الطبيعية وغيرها من النشاطات. وعلى طول الطريق ذهلنا بمناظر الجبال الارجوانية الوعرة التي تغير لونها وشكلها مع تغير اوقات النهار.

وصلنا إلى مدينة العقبة وكان الطقس جميل جدا، وكانت الشمس تعكس أشعتها على البحر من جهة وعلى الجبال المزينة بأشجار النخيل من جهة اخرى، لتترك مشهدا طبيعيا خلابا مثيرا للإنطباع.

يقارب عدد سكان العقبة حوالي 120 ألف نسمة، وتتميز المدينة بأنها المنفذ البحري الوحيد للاردن ومنطقة إقتصادية حرة، ووجود مطار دولي يستضيف يوميا طائرات من الخارج.
وعندما قمنا بعمل جولة تفقديّة للمدينة، لاحظنا مباشرة انها مدينة تهدف نحو الإزدهار والعمران وتطمح بان ان تكون مدينة فريدة ومميزة مستقبليا، وخصوصا ان الكثير من المشاريع السياحية والإقتصادية على قيد الإنشاء. كما وتحتوي المدينة على العديد من الفنادق الفخمة التي تقدم جميع الخدمات على أحسن وجه، كما وتتميز بنوعية وجودة المأكولات فيها.
للبحر الأحمر في هذه المدينة إيقاع خاص ومميّز، حيث يستطيع الزائر الإستمتاع بجمال البحر المدهش وممارسة هواياته كالسباحة والغطس وصيد الأسماك والتزلج على الماء وجميع انواع الرياضات البحرية، هذا وبالإضافة إلى الأماكن العديدة المتوفرة على طول الشاطىء التي تحتوي على جميع الخدمات السياحية لقضاء أوقات من الإسترخاء والتأمل والتمتع بالمناظرالمدهشة كسلسلة الجبال المطلة على البحر وكل ما تحمله من جمال.

وقد تمتعنا كثيرا بجولة على الأقدام في وسط المدينة وفي سوقها المميز، واستمعنا إلى الموسيقى العربية المنبعثة من المقاهي المزدحمة بالناس، وخلال مرورنا بالسوق استنشقنا أيضا روائح التوابل والبهارات المميزة والمأكولات المحلية المختلفة. ومن المؤكد ان السائح سيستمتع بأكل الأسماك في مطاعمها المتنوعة وتذوق أكلة الصيادية المشهورة والتقليدية للعقبة. كما وتكثر في السوق التحف المصنوعة من النحاس والقطع الجلدية المصنوعة من الأيدي، بالإضافة إلى الأصداف التي تأخذ أشكالا فنية مختلفة.

والعقبة هي أيضا مدينة ليلية تكثر فيها المطاعم والمقاهي الليلية وخصوصا تلك الموجودة في وسط المدينة المزدحمة بالزبائن المحليين، ويمكن للسائح أن يستمتع بتدخين الأرجيلة المشهورة بأطعمتها المختلفة وشرب المشروبات الساخنة.
وبعد العقبة وجمالها كان لنا موعدا في الصحراء مع وادي رم حيث وصلنا إليه تماما عند لحظة غروب الشمس، فسرقنا بجمال المنطقة الفاتن حيث الجبال الصخرية الشاهقة والمتناثرة هنا وهناك في سهل واسع من رمل، وكأننا في كوكب أخر أو على سطح القمر، وقد قمنا بإستراحة صغيرة في إحدى الخيم التي عادة ما تكون محطة للتخييم وبداية لرحلة في الصحراء تتميّز بالمغامرة واستكشاف الصحراء وكل ما تحمله من دهشة وأسرار. وبما أنها محمية طبيعية لا يسمح فيها بناء الفنادق، لذلك تكثر فيها المخيمات السياحية من جميع أنحاء العالم.

وعند لحظة مغادرتنا هذه المنطقة الخلابة وركوبنا السيارة للإنطلاق بدت علينا جميعا لحظات الأسف لتركنا هذه المكان الجميل وعدم امكانية قضاء الوقت الكافي فيه لإستكشافه بقعة ببقعة، ولكن من جهة أخرى كان السرور يملىء قلوبنا بسبب محطتنا السياحية المقبلة مع إحدى عجائب الدنيا السبعة، وهي البترا.

وصلنا إلى مدينة البترا في الليل ولم نشاهد حتى هذه اللحظة سوى مدينة عادية عربية كباقي المدن، نزلنا في الفندق (الموفيمبيك) وكان مليئا بالسياح من جميع بقاع الارض، وعندما قمت بجولة تفقدية في الليل لم أشاهد استغلال المدينة لأهميتها السياحية (بإستثناء الفنادق)، حيث تنقص فيها المطاعم والمقاهي الليلية وأماكن اخرى من الممكن ان تجذب السائح وتساعد المواطن المحلي اقتصاديا.

وفي الصباح الباكر ذهبنا لزيارة الأماكن الاثرية في البترا لمشاهدة جزء مهم من عجائب هذه الدنيا. فوجئنا جميعا عندما عرفنا ان ثمن تذكرة الدخول هو 21 دينار أردني للسائح الأجنبي (العرب وغير العرب) ودينار اردني واحد فقط للأردنيين، وقد استغربنا جميعا من هذا الأمر وقد اعتبرناه فرقا كبيرا وثمنا باهظا من الممكن أن يضر بالقطاع السياحي.

دخلنا إلى البترا مشيا على الأقدام، علما بأن من الممكن ان يدخل السائح أيضا على ظهر خيل، أو حمار، او على متن عربة تجرها الخيول (الحنطور)، وبدأت رحلتنا الأثرية تجعلنا نتجول في عبق التاريخ ونلامس المواقع الأكثر عراقة وجذبا في الأردن.
تتميز البترا بانها مدينة حفرت في صخر وادي موسى الصخري، ولذلك تعرف أيضا بالمدينة الوردية. ونظرا لموقعها المنيع الذي يسهل الدفاع عنه، اتخذها الأنباط القادمون من شبه الجزيرة العربية عاصمة لدولتهم. وأكثر المواقع اهمية في البترا هي الخزنة، إحدى عجائب الكون، والتي حفرتها الأيدي في الصخر بإرتفاع 140 مترا وعرض 90 مترا. وفي وسط المدينة يستطيع الزائر مشاهدة مئات المعالم التي حفرها او أنشأها الإنسان، فهي منطقة تستحق الإستكشاف والإستفادة من أهميتها التاريخية والأثرية من قبل الجميع، وليس فقط من قبل السياح الأجانب.

تركنا البترا وتوجهنا إلى العاصمة عمان، وعدنا إلى ضوضاء المدينة وأزمة حركة السير القاتلة ولكن خيالنا ما زال نحو الأماكن السياحية التي قمنا بزيارتها وكأننا بالفعل اكتشفنا الثروة الأثرية التي تمتلكها الأردن خارج أسوار العاصمة.
لذلك فإننا ننصح الجميع زيارة هذه الأماكن الخلاّبة واستكشافها شبرا شبرا لانها بالفعل أماكن ومواقع تستحق الزيارة، وخصوصا انها توفر الخدمات المختلفة وبصورة جيدة لجميع الأجيال، وخصوصا للشباب ذوي المغامرات المختلفة ضمن الرياضات البحرية او التسلق او ركوب الجمال او الخيول في الصحراء. وقد أفادت لنا رئيسة قسم الإعلام والإتصال في هيئة تنشيط السياحة في الأردن، السيدة تهامة النابلسي، أن الموسم القادم سيكون مليئ بالمفاجئات وخصوصا للشباب. ترقبوا...





..

التعليقات