31/10/2010 - 11:02

"حاكيني بطيارة ورقية"- مشروع ليس لنا/د.مجيد القضماني

إذا كانت السياسة الرسمية الإسرائيلية الرامية إلى "أسرلة" السكان العرب الجولانيين ودمجهم بالحياة المدنية الإسرائيلية عبر الوسائل المباشرة (جنسية إسرائيلية، انتخاب مجالس محلية، تجنيد في الشرطة والحرس المدني..الخ) قد فشلت فشلا ذريعا، فإن فكرة "احتوائنا" بطرق التفافية غير مباشرة ما زالت قائمة وتحظى بمكانة هامة عند أصحاب الشأن والقرار في الدوائر الإسرائيلية. المهم هنا، أن هذه الدوائر الإسرائيلية التي باتت تدرك جيدا ان مجتمع الجولانيين لا يؤخذ بالقوة، تحاول تمرير مخططاتها على نار هادئة..!

لكن ما دامت السلطة المحتلة تدرك أن العودة مجددا إلى غناء "موالها القديم" ليس مجديا وأنه سيلقى رفضا جماهيريا، فما هي إذن الأهداف الحقيقية التي تصبو إليها المؤسسة الإسرائيلية عبر محاولاتها - تارة علنية وتارة أخرى بالخفاء – تمرير ما فشلت بتمريره سابقا خاصة وأن مخططاتها لا تملك رصيدا اجتماعيا والسلطة المحتلة على دراية بهذه الحقيقة.

باعتقادنا، أكثرية القادة الإسرائيليين يسلمون بحتمية عودة الجولان لربوع وطنه ما أفقد مخططاتهم اتجاهنا بعدها الاستراتيجي، ولعل السبب الكامن وراء تظاهرهم بعدم المبالاة بما يقوم به "هؤلاء الـ 20 ألف نسمة !" من مواقف ونشاطات ذات مضامين وطنية وقومية يعود إلى رغبتهم بعدم السماح لنا "بكسب نقاط إعلامية إضافية" خاصة وأن الإعلام كان وما زال أحد أهم المحاور الذي تراهن عليه إسرائيل لخدمة مطامعها المعلنة والخفية.

الدولة المحتلة تتعامل معنا منذ سنوات عديدة وفق سياسة "الاستدراج والتوريط" على أمل الوقوع في شباك "مصيدتها الإعلامية".. فهي "غاضبة جدا" من الهزائم السياسية التي تلحق بها على يد " قلة قليلة من السكان العزل" وما سعيها لاستدراج فئات أو أفراد من مجتمعنا لـ "فراش الخطيئة" إلا بهدف الإساءة إلينا إعلاميا، فهي تعرف حق المعرفة ان مخططاتها الإستراتيجية فشلت مع أهالي الجولان الذين باتوا شوكة مزعجة في حلقها غير قادرة على بلعهم وليس بمقدورها تركهم على "فيَالهم"..

انطلاقا من هذا، نحن لا نستبعد أن مراكز القرار الإسرائيلي تبحث في كيفية افتعال "فضائح إعلامية" تطال السمعة الجماعية للجولانيين علما انها "غير موفقة حتى الآن في مساعيها" بفضل حصافة الوطنيين وتنبههم. ولعله في هذا السياق يتوجب التعامل مع "آخر صرعة" كان معدا لها أن "ترى النور" يوم الجمعة القادم عبر طلابنا ومدارسنا لولا تنبه المعنيين في الوقت المناسب.

ما الذي حدث؟ وما هي " آخر صرعة" ؟

دعا، يوم أمس الأربعاء، منظمو "مشروع بيرح"( وهو مشروع تعتمده وزارة التعليم التابعة لسلطة الاحتلال) أهالي الجولان للمشاركة في "ورشة عمل إبداعية" كان مخطط لها ان تنفذ يوم السبت القادم في المدرستين الابتدائيتين أ+ب في مجدل شمس، يتم خلالها تحضير طيارات ورقية يكتب عليها المشاركون "أفكارهم، مخاوفهم، أحلامهم، وأمالهم" على ان يتم إطلاق هذه الطيارات الورقية في مهرجان يقام في ملعب قرية مجدل شمس يوم الجمعة الواقع في 20/5/2005 ويتضمن المهرجان أيضا "معرض رسم وإشغال يدوية وعروض تقدمها فرقة موسيقية محلية بالإضافة إلى فقرات خاصة من إعداد طلاب بيرح"، على حد ما جاء في الإعلان..!

وفور الاطلاع على الإعلان قام عدد من المعنيين، بمتابعة سريعة للموضوع إلى ان تم إبلاغهم من قبل الجهات ذات الصلة في المدرستين انه تقرر إلغاء هذه الفعالية.

ولتبيان الأهداف الخفية من وراء هذه الفعلية، التي لا نستبعد محاولة تمريرها في قرى أخرى، نكتفي حاليا بالإشارة إلى عبارة تم حذفها من الإعلان المنشور "محليا" في حين بقيت موجودة في نص الإعلان الأصلي المنشور في موقع المهرجان على الانترنيت. أما العبارة المحذوفة من نص الإعلان المحلي فهي: "من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي"..!

يقول الإعلان الأصلي ما يلي:

"عشرات ألاف من الطيارات الورقية، مئات المجموعات من الكبار والصغار، منظمات اجتماعية، جمعيات ومؤسسات، من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، يجتمعون في مواقعهم يوم الجمعة 20 أيار 2005 في تمام الساعة الثانية بعد الظهر، ليطلقوا طياراتهم الورقية التي سبق ورسموا عليها خلال الورشات الفنية أفكارهم، مخاوفهم، احلامهم وآمالهم، لتكون رسالة للطرف الأخر"..!

إذن، هذا هو جوهر الفعالية: عشرات ألاف من الطيارات الورقية ومئات المجموعات من الكبار والصغار من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي سيجتمعون لإطلاق طيارتهم الورقية هذه من عدة بلدات ومدن إسرائيلية في وقت واحد وهو يوم الجمعة القادم وطبعا بتغطية إعلامية تلفزيونية! فما علاقتنا نحن في الجولان المحتل بمشروع مُعد وفق ما يقول أصحابه "للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني"!! ثم لماذا – إذا كانت النوايا سليمة! - تم حذف هذه العبارة في البيان المحلي؟!

يحق لنا الاستنتاج، كونه ليس بوارد معاملتنا كجزء من الشعب الفلسطيني، ان منظمي المهرجان أرادوا عبر إشراك طلابنا ومدارسنا في هذه الفعالية بحضور وسائل إعلام إسرائيلية، أرادوا إظهارنا كمواطنين إسرائيليين ولكن دون الإعلان عن ذلك بوضوح..! أي بعبارة أخرى، أرادوا "توريطنا واستدراجنا على نار هادئة" وإلا لماذا اخفوا عبارة "الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني" من النص المحلي؟؟!

أهداف هذا المهرجان تقريبا وضحت:

"الطيارات الورقية إلى السماء" التي كان ينوي المهرجان إطلاقها في ملعب قرية مجدل شمس بمشاركة طلابنا وشبابنا، ليست "رسالة عابرة لحدود الحوار والأمل" وليست بريئة كما يزعمون في إعلانهم وإنما هي رسالة ذات أبعاد سياسية "عابرة للحدود" تستهدف انتماء الجولان الحقيقي وسمعة سكانه العرب السوريين وهو ما يرجح الاعتقاد الذي اشرنا إليه في بداية هذه المقالة بان سياسة الدولة المحتلة قوامها الرغبة بالإساءة إلى سمعتنا العامة، وعليه وجب التبيه لأخذ الحيطة والحذر..

في الوقت الذي نثني فيه على قرار المنظمين المحليين إلغاء هذا المهرجان في المدرستين ا +ب بعد تنبههم إلى الإبعاد الحقيقية لهذه الفعالية، نرجو من معلمينا وطلابنا الأعزاء في باقي قرانا المحتلة الانتباه إلى هذا الأمر واننا لسنا بصدد "تعميق مستوى التواصل" أو تنفيذ فعاليات مشتركة مع جهات إسرائيلية ليتم تسويقها "إعلاميا" وكأننا نتفاعل بايجابية مع هذا المجتمع الاحتلالي الذي لا نريد له إلا الاندثار والرحيل..!

التعليقات