31/10/2010 - 11:02

ألحساب في الآخر/ وليد أيوب

-

ألحساب في الآخر/ وليد أيوب
هنالك علاقة مباشرة بين المجزرة والإنتخابات الإسرائيلية. بل إن هنالك رابطا قويا ما بين حجم المجزرة وما بين عدد الأصوات في صناديق الإقتراع. وهنالك ارتباط شديد بين مدى نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة وما بين عدد أعضاء الكنيست من حزب رئيس حكومة إسرائيل إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته، تسيبي ليفني، وكذلك عدد أعضاء الكنيست من حزب وزير الـ "أمن"، إيهود براك، حزب العمل. وتقاس هذه المعادلات، أيضا، لكن بصورة عكسية، فيما بين حجم الدمار وهول المجزرة في غزة وما بين حجم الأذى وعدد الإصابات في الجانب الإسرائيلي، حيث سيتقرّر نجاح الحزبين المذكورين أو فشلهما، وفق هذه المقاييس.

تبدو البداية واعدة لبراك وليفني، إذ أنهما حقّقا نجاحا باهرا في إنزال أكبر عدد من الإصابات في صفوف ما يدّعونهم "إرهابيي" حماس، وفي تحقيق دمار عمّ وطمّ على حروب إسرائيل السالفة، إذ تمكن "نسور" الإف 16 "الأشاوس"، وفي ظرف دقاثق ثلاث وأربعين من الثواني قتل نحو 230 "إرهابيا" وإصابة 900 منهم 120 في حال الخطر. كما حققت المائة طن من القذائف دمارا شاملا في نحو خمسين مقرّا حماسيا.

لكنّ الحماسيين، يبدو، قد صحوا من الضربة الموجعة. فقد أطلوا على ناسهم دونما ارتباك كأن الضربة أثارت فيهم غضبا وتحديا ولم تهزّهم، وأعلنوا أنهم لن يستسلموا بل إن "اشلاءهم" ستصمد وستنتصر.

لقد كانت الخدعة متكاملة بلعتها حماس ليس هنيئا ولا مريئا، وقد نجحت لأنها قدمت للمنظمة الأصولية على طبق عربي. فقد عمل الإسرائيليون، وهذا يحسب لهم، عمل النمس حينما روّجوا إلى أن اجتماعا للطاقم الوزاري المصغر سيعقد يوم الأحد. وكانت تسيبي ليفني قد توجهت إلى القاهرة التي طمأنت بدورها، بحسب الرواية، الغزيين بأنّ إسرائيل لن تقوم بأية عملية ضد القطاع. وهكذا فقد أكلت حماس الطعم وأخذت على حين غرّة.

وكان مناحيم بيغن، والشيء بالشيء يذكر، قد توجّه إلى القاهرة، أيضا، والتقى الرئيس المصري، محمد أنور السادات، قبل أن تتوجّه الطائرات الإسرائيلية لتدمير المفاعل النووي العراقي، في غفلة من العراقيين واطمئنان إلى أنّه لا يمكن أن يقوم رئيس حكومة إسرائيل بزيارة كبرى الدول العربية لغرض توطيد العملية السلمية، بينما تقوم طائراته، حتى قبل أن يحطّ الركاب في تل أبيب، بمهاجمة قطر عربي آخر.
لسنا خبراء في العسكرة، ولكنّنا ندرك أن الحساب يأتي في النهاية عندما يصمت الرصاص. ونراهن على أن الحق هو الغالب في النهاية. وفي النهاية، أيضا، نراهن على أن الشارع الإسرائيلي الذي ابتهج لمرأى الدماء الفلسطينية، المجزرة الرهيبة، المذبحة الإبادة للشيخ والطفل والمسلّح والأعزل، وللحي والجامد، سيطاله بعض بكاء وبعض ألم وبعض خسارة، وعندها سيكون الإمتحان الذي سيرجّح أحد شقيّ المعادلة الذي نرشّحه فلسطينيا لسببين: أولهما أن الفلسطيني هو صاحب الحق، وثانيهما أنه قد بات في حال ليس لديه ما يخسره، وقد بات ظهره إلى الحائط فلا مجال له سوى أن يتقدّم، في حين أن لدى الإسرائيلي الكثير ليخسره: أصواتا في صناديق الإقتراع.

التعليقات