31/10/2010 - 11:02

اسرائيل المرتبكة../ عوض عبد الفتاح

اسرائيل المرتبكة../ عوض عبد الفتاح
هل تعرف اسرائيل الآن، وبعد توقف عدوانها الوحشي الفاشل على لبنان، ماذا تريد أن تفعل وكيف ستكون وجهتها؟ أي في ما يخص مشاريعها العسكرية ومشاريعها السياسية؟
المأزق الذي استولده إخفاقها في لبنان، بعد المهانة التي الحقتها المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، بواحدة من أعتى الات الحرب في العالم وبالغطرسة الاسرائيلية، جليّ وصارخ، وتفاعلاته الجسيمة لا تزال في بداياتها. الإرتباك شديد وحالة الإحباط تنعكس على تصريحات وسلوك أقطاب الإئتلاف الحاكم، الذين تنتظرهم مساءلات وحسابات عسيرة بسبب الإخفاق وبخصوص التورط بقضايا جنائية.

ولذلك يبدو الإئتلاف الحاكم مفتقراً الى خيارات حقيقية في كافة المجالات بعد هذه «الصفعة» التي تلقاها الجيش الإسرائيلي على حدّ تعبير المحلل العسكري لصحيفة هآرتس زئيف شيف.

فلا هو انتصر ولا هو قادر الآن، نتيجة الإختلاف داخله، على استئناف برنامجه السياسي (الأحادي) الذي يبدو ان انه أصبح في خبر كان.

لقد وقعت حكومة أولمرت بالوهم الذي وقعت فيه عصابة البيت الأبيض في غزوها للعراق وضربها لمرتكز عربي استراتيجي، بأن هذا الغزو سيحطم حافزية الصمود والمقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلي، ويخيف من تبقى من قوى الممانعة العربية؛ سوريا وحزب الله بالتحديد ويردعها عن مقاومة المشروع الإمبراطوري الأمريكي في المنطقة العربية تكون اسرائيل فيه ركناً أساسياً.

وتوهم أولمرت أن العدوان الشامل على لبنان، بدل التعامل بعقلانية مع موضوع اسر الجنديين الإسرائيليين، بمقدوره هزم حزب الله واستئصاله وتأليب المجتمع اللبناني ضده، وبروز قطب لبناني يكون ودياً مع إسرائيل على غرار 17 ايار 1983.. وتجلى هذا الوهم القاتل عندما تسرع بإطلاق التصريح الذي أثار حفيظة قادة المستوطنين في الضفة الغربية بأن هزيمة المقاومة اللبنانية ستسهل تمرير خطته بخصوص الإنسحاب أحادي الجانب من نصف الضفة الغربية مع الإحتفاظ بما تبقى.

ولكن يظهر الآن أن هذه المغامرة الحربية التي نفذت بمنتهى الوحشية والبربرية وبدوافع بعضها شخصية قد تمخضت عن نتائج مخالفة تماماً لتمنيات أولمرت وبيرتس المريضة. فهي أولاً لم تؤد الى رفع مكانتيهما في نظر المجتمع الإسرائيلي، والدليل الهبوط الحاد في شعبيتهما.

ثانياً، ظهور معارضة قوية داخل حزب كديما للسياسة الأحادية وبالتالي لم يعد لدى هذه الحكومة برنامج سياسي.

ثالثاً، الإخفاق الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة وصعود نجم المقاومة اللبنانية وبالتالي إجتياح التأييد والتعاطف والتماثل مع حزب الله عموم الوطن العربي والإسلامي بما فيه فلسطين مما يُنذر بحدوث تغييرات حقيقية في المفاهيم وكيفية بناء الأحزاب السياسية الفاعلة.

رابعاً، ازدياد الشعور بالثقة والقوة لدى سوريا كما تجلى في خطاب بشار الأسد، والإشارة الى البدء بمراجعة طريق المواجهة مع الإحتلال الإسرائيلي في الجولان إذا أصرّت اسرائيل على رفض إعادته بالطرق السلمية.

ولقد اعتقد ايضاً من كانوا يميلون قبل الحرب الى التفاوض مع سوريا حول الجولان، وكذلك مع سلطة أبو مازن، مثل رئيس حزب العمل ووزير الأمن عمير بيرتس وزعيم حزب ياحد يوسي بيلين الذي أيّد الحرب، أنه سيكون أسهل على حكومة أولمرت قبول ذلك بعد تحقيق هزيمة حزب الله وتجريد سوريا من ورقة ضغط أساسية.

ومع ذلك يعودون الآن الى مواقفهم وكأن اسرائيل حققت أهدافها الرئيسية، ولم يعد هناك مبرر لرفض التفاوض مع سوريا والرئيس محمود عباس.

ولكن المعضلة هو أن طرح هؤلاء (حزب العمل) لا يختلف كثيراً عن طرح حزب كاديما بخصوص حل القضية الفلسطينية، وثانياً هو أن المجتمع الإسرائيلي يزداد يمينية وتطرفاً ، خاصة بعد حملات تعبئة وشحن ضد «العدو» العربي الذي «يريد تدمير دولة اسرائيل».

وإذا كانت اسرائيل خرجت من هذه الحرب الجديدة مثخنة بالجراح ومصدومة، وتتنازعها الصراعات بين من يريد أن يحضّر للحرب القادمة لينتقم وإستعادة هيبة الجيش وما يسمى قدرة الردع تحت شعار «حرب الوجود الكاذبة، وبين من يريد أن يفحص إمكانية تحقيق نفس الأهداف بطرق سلمية وهم (قلة حتى الآن)، فإن الطرف العربي، وفي مقدمته الفلسطيني؛ هو أمام تحدٍ حقيقي: كيف يقرأ هذه النتائج وكيف يصوغ خياراته وأدواته وبعيد ترتيب بيته الداخلي وكيف يستطيع أن يؤثر على مسار الصراع لصالح حقه المهدور.

التعليقات