31/10/2010 - 11:02

الشباب القومي المأزوم../ مجد كيال

-

الشباب القومي المأزوم../ مجد كيال
إذا حاولنا لطبيعة إنتمائنا وعاطفتنا السياسية وحماسنا الحزبي و القومي أن نقارن بين عدد المواقع الإلكترونيه والصفحات الشبابية القومية , وبين الصفحات العارية أخلاقيا. سنتعثر بعدم الوجود الشبابي القومي على شبكة الإنترنت . فهل تعكس هذة الصورة المحوسبة صورة الحركة الشبابية القومي على أرض الواقع ؟ .

خلافاً لهذا الوضع , يمكن لمس وجود شبابي إسلامي قوي على الشبكة . وهنا يُفند الإدعاء السائد حول عدم الاكتراث السياسي لدى الشباب العرب . فالشباب العربي ليس في مرحلة ضياع تام ولا بعد تام عن القضايا السياسية . بل هناك توجه قوي نحو التيار الإسلامي ما يدل على وجود أرضية للعمل السياسي مع الشباب العربي .

لطالما عانت الأرض العربية من حكم طاغي أو إستعمار أو إحتلال. بهذة الظروف تبلورت القومية بشكل جدي . كون عدو الأمه هو واحد . والتاريخ مشترك والمصير مشترك . نشوء علاقة عاطفية بين أبناء الأمة كانت مصدر للإنتماء القومي لدى الشعوب العربية. بعدما كان هذا الشعور يقتصر على نخبة مثقفين .التطلعات العربية المشتركة جعلت الهم الإقليمي هم قومي . وحولت الحزن في الشام الى حزن مصري و وعراقي وبالعكس . وبالرغم من ضعف وسائل الإتصال التي اقتصرت على الصحف وفي أفضل الحالات على الراديو . تفاعل أبناء الوطن العربي مع أخوتهم في أجزاء بعيدة من الوطن . المذابح التي قام بها الإستعمار وطدت الشعور القومي العاطفي الذي يؤسس للتيار القومي سياسياً . وكان لها قسطاً مهما في دفع مثقفين وشباب في كل الوطن العربي نحو الفكرة القومية وأخذ دورهم القيادي فيها . أهمهم جمال عبد الناصر .


منذ 11 سبتمر, لم يعد التيار القومي تياراً مركزياً في الصراع . وإذا نظرنا للتيار القومي قبل أحداث 11 سبتمبر نلحظ بوضوح فقدان العلاقة مع التيار الإسلامي وتحولها الى عداوه مع الفكر الذي نشأ الفكر القومي متناغماً ومنسجماً معه .

في العدوان الأمريكي على أفغانستان . ظهرت صورة الهجوم كهجوم ضد الإسلام . ولم تكن الحركة القومية , لا جاهزة ولا متحمسة لأخذ دورها لكون أفغانستان ليست دولة عربية. ولكن أسبقية الهجوم على أفغنستان سببت شلل في إمكانية التعبئة القومية في الحرب على العراق. وبالرغم من قتال شباب من بلدان عربية كثيرة في العراق . إلا أن المد الجماهيري كان ذات طابع إسلامي . وعلى هذا الأساس الإسلامي تستمر المقاومة حتى يومنا هذا . وأضافت المعضلة السودانية و الملف الإيراني والهجوم المهزوم على المقاومة اللبنانية والتي بالرغم من مساعيها العروبية تبقى مقاومة إسلامية . كل هذا ساهم في تجنيب التيار القومي . وتحول المنظور الشبابي للصراع منظور إسلامي دفاعاً عن الدين .


الشباب العربي , أو لنقل من إستطاع التخلص من جحيم الفضائيات الهابطه , لا يسعه نتيجة تحمسه للمشاركة بوجه أمريكا إلا أن يسير مع التيار المنخرط بصلب الصراع . التيار الإسلامي . هذا من الطبيعي , فما بالك عندما يكون هذا التيار هو تيار ديني يشكل قسطاً مهماً من حياة الشاب العربي الإجتماعية .

أصوات كثيرة , تنادي بعودة التيار القومي الى صلته بالإسلام والمصالحة بين التيارين . وهو أمر مهم . إنما تظهر بعض هذة النداءات من باب الإظطرار وليس من باب الإقتناع . والسؤال الذي يجب أن نطرحه . مع أي إسلام نريد علاقتنا ؟! . مع إسلام "قطع الرؤوس" وإسلام الـ"الأقصى قضية فلسطينية وليست عربية" و إسلام "لا تولوا النصارى" . أم مع إسلام التنور , الحداثة , التطور والمقاومة ! سؤال إجابته معروفة ضمناً , إنما هل هذا الخيار مُتاح في كل أجزاء الوطن العربي ؟! . ثم نصطدم بالسؤال الأهم : "أين مكان حلمنا العلماني من هذة المصالحة ؟!"

ومن جانب آخر , نقف أمام عدم توفر منبر شبابي يتيح للشباب العربي الإندماج في التيار القومي . والتيار القومي منعزل عمليا عن الشباب العربي مع أنه الأقرب فكرياً الى تطلعاتهم . لن نقول أن التيار القومي لم يعد خياراً أمام الشباب. إنما هو خيار غير واضح . وخيار غير معروض بوضوح في سوق التوجهات السياسية. حيث لا يواجه الشاب إلا خيار عدم الإكتراث , وإما الخيار الإسلامي .والأخير , خيار يترتب عليه توجهات ضريرة للدين تصب نهراً من التخلف على مجتمعنا . خيارات إجتماعية في الأساس, ويبقى الشباب العربي بين المفهوم الخاطئ للحداثة المستوردة وبين العودة الى التخلف والتزمت وتوابعه .

إستطاع التيار القومي في الداخل ضرب كل الإتهامات للشباب وكل فقدان الأمل بهم بعرض الحائط . وإستطاع بناء تنظيم شبابي قومي بالرغم من صعوبة التعامل في أجواء التيار المتأسرل من جهة والغير مكترث من جهة أخرى والمتشدد دينياً من جهة . إستطاع التيار القومي في الداخل أن يبني حركتى الشبابية منطلقاً من مرحلة ما تحت الصفر . عبر مخاطبة الشباب بلغتهم وهمومهم . وخلق في شبابه روح القافة القومية المتحمسه . ليحملوا هموم وطنهم وأمتهم. وخاصةً أخوتهم الشباب في كل هذا الوطن العربي . وإلا , لما كان هذا المقال . من أجل فتح الحوار حول حركة الشبيبة القومية في وطننا العربي.

حيفا





التعليقات