31/10/2010 - 11:02

تبادل الاسرى- المرحلة الثانية / ابراهيم الامين

تبادل الاسرى- المرحلة الثانية / ابراهيم الامين

المرحلة الثانية من المفاوضات بين إسرائيل و "حزب الله "، حول اطلاق سراح سمير القنطار وعدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين، بدأت من حيث انتهت الجولة الاخيرة. لناحية تثبيت المبادئ العامة التي تقول بأن التبادل يشمل كل من في السجون الاسرائيلية، بغض النظر عن جنسياتهم، مقابل ما يمكن للحزب ان يحصل عليه من معلومات حول الطيار رون أراد. فيما تتولى إسرائيل الكشف عن مصير الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة وعن مفقودين آخرين من بينهم الاسير يحيى سكاف الذي تصر عائلته على وجود إشارات حياة صدرت من جانب معتقلين كانوا في سجون الاحتلال، وحتى من جانب جهات دولية كالصليب الاحمر، برغم أن مسؤولا في هذه المنظمة لم يستطع تأكيد هذه المعلومة، ولا هوية الشخص الذي تقول العائلة إنه حمل إليها رسالة من سكاف أو من آخرين شاهدوه. ويقول المسؤول الذي خدم طويلا في هذا الحقل انه لا يوجد لدى الصليب الاحمر اي وثيقة تثبت كلام الاهالي، ولكن ليس من مهام هذه المنظمة التاكيد على ما تقوله اسرائيل لجهة انها لا تملك معلومات عنه. واعتبر ان الموضوع يجب ان يكون بندا تفاوضيا مستقلا بين الاطراف وأن الاجابة عليه تشبه الاجابة عن مصير أراد.

الأمر الآخر يتعلق بما يسميه الاسرائيليون " أوراق مساومة " لا تزال في حوزة اطراف يتفهمون موقف تل أبيب، وأن هذه الاطراف تعهدت مرارا وأكدت مؤخرا على هذا التعهد، لناحية انه لن يتم الافراج عن " هذه الأوراق " الا في حال وافقت اسرائيل، وذلك ربطا بالمسار التفاوضي. وأن ما يفترض ب " حزب الله " ان يقدمه بات معلوما من جانب الجميع. وأن المانيا واثقة من قدرة الحزب على توفير معلومات اضافة الى انها متأكدة من التزام الحزب بتعهده في هذا المجال.

وحسب مصادر معنية فإن ما يجري التداول به الآن تحت عنوان " مرحلة وسيطة " يقصد به عمليا تجزئة للمرحلة الثانية، وذلك ربطا بأمرين:

الاول وهو كشف مصير رون اراد. لناحية انه حي او ميت. ويفترض ان يكون له مقابل محدد بإطلاق سمير القنطار.
الثاني تحقيق المبادلة في حال توفر العناصر الملموسة الخاصة بأراد، سواء اكان حيا او ميتا.

أما بشأن الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة، فإن معنيين ينفون ان يكون لايران أي حضور في اللجان التي اتفق على تشكيلها، وإن طهران سوف تقدم للجانب الالماني كما ل " حزب الله " ما لديها من معطيات تخص هذا الملف، و " شواهدها " على انه تم نقلهم الى اسرائيل. وهي ستنتظر نتائج هذه المباحثات.

حتى اذا توصلت الى نتيجة حاسمة لناحية ان لا علاقة لاسرائيل بالامر سوف تطلب، أي ايران، من الحكومة اللبنانية العمل على التحقيق الكامل مع كل العناصر اللبنانية التي كان لها علاقة باختطاف هؤلاء. أما في حال كانت لهم آثار في اسرائيل فسوف يدرجون في القسم الثاني من المرحلة الثانية أي ما خص عملية التبادل.

ووفق المصادر المعنية، فإن مهمة وزير الخارجية الايرانية كمال خرازي في بيروت. سوف تتركز على هذا الامر. وهو سوف يكرر، وبرفقته اهالي الدبلوماسيين، الطلب الرسمي الى الدولة اللبنانية التعامل مع الملف بصورة رسمية. علما ان المسؤولين الايرانيين كانوا قد ابلغوا في وقت سابق اركان الدولة بهذا الامر، ونقلوا الى الرئيس اميل لحود قبل نحو ثلاثة اشهر رسالة من الرئيس محمد خاتمي تتعلق بهذا الامر، وفيها ان الوزير خرازي سوف يقوم بزيارة خاصة الى لبنان لهذا الهدف.
في جانب آخر من الموضوع، ثمة تقييم اولي لعملية التبادل يتضمن ملاحظات من النوع الذي يفيد المفاوض اللبناني. مثل ان الكلام الاسرائيلي عن المعتقلين الفلسطينيين او السوريين الذين يعيشون في حدود " دولة اسرائيل " فيه الكثير من التضليل. ويلفت اسرى محررون الى امور عدة من بينها ان اسرائيل عمدت منذ مدة غير قصيرة الى فرز المعتقلين وفق آليات معينة. وهي وضعت ابناء غزة في مكان بعيد عن مكان ابناء الضفة. كذلك وضعت جانبا المعتقلين من ابناء مناطق ال48 والقدس والجولان. وضمت في فترة معينة معتقلين لبنانيين الى هؤلاء. وهي تريد من ذلك عدة أمور بينها عدم حصول تواصل بين المعتقلين، وإقامة صلات سياسية او تنظيمة او حتى أمنية يمكن الاستفادة منها في اعمال المقاومة. اضافة الى ان اسرائيل تحاول تمييز بعض المعتقلين عن غيرهم. وذلك من باب أن هؤلاء يعيشون اصلا في " دولة إسرائيل " وأن الآخرين لهم وضعية مختلفة. والامر الثالث، وهو الاهم، هو محاولة القول ان هؤلاء هم سجناء اسرائيليون. وليسوا من نفس طبيعة الآخرين وانهم لا يخضعون بالتالي لاي تفاوض. وهو ما برز خلال مرحلة المفاوضات الاخيرة. عندما أرادت اسرائيل القول ان ابناء الجولان والقدس الذين يحملون الهوية الاسرائيلية وليس الجنسية الاسرائيلية، هم انفسهم الذين لا يشبهون البتة الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية مثل ابناء الاراضي المحتلة عام 48، وذلك بسبب ان الآخرين لم يوافقوا على الاجراءات التي رافقت قرار الضم للمناطق التي يعيشون فيها في القدس او الجولان في العام 1981. وهو الامر الذي يميزهم وبالتالي لا يمكن اخضاعهم للقوانين نفسها.

ولفت الاسرى المحررون الى ضرورة عدم وقوع " حزب الله " مجددا في الفخ. كما ان الواقع النضالي لابناء ال48 يحتاج الى قوة دفع معنوية كبيرة. وأن التركيز عليهم في اي مفاوضات لاحقة سوف يكون له اثره الانساني الخاص وله بعده السياسي ايضا. لا سيما انه منذ وقت قصير اقر العرب من خارج فلسطين المحتلة بوطنية وشجاعة ابناء الاراضي المحتلة الذين رفضوا المغادرة.

وفي هذا المجال، يلفت هؤلاء الانتباه الى نقطة بالغة الاهمية، وهي انه على " حزب الله " الا يجعل نفسه طرفا في لعبة تريد اسرائيل تعميمها. وذلك وفق قاعدة نزع الجنسية الاسرائيلية عن كل من تثبت مشاركته في اعمال عسكرية او امنية ضد الاسرائيليين. وان اقتراح ان يتخلى المعتقلون من ابناء ال48 عن جنسيتهم الاسرائيلية كشرط لشمولهم في اي صفقة، يجب ان لا يكون مادة تفاوضية. لان اسرائيل الآن ترحب بنزع الجنسية عن كل عرب ال48 وهي تريد ابتزاز هؤلاء بأن تضعهم امام اختبار " الولاء للدولة " وأن ذلك يكون من خلال الدفاع عن الجنسية التي يحملونها بوقوفهم العملي ضد أي فريق له صلة بأعمال المقاومة.

على أي حال، فإن الفريق المكلف المفاوضات في " حزب الله " بات على علم بمعظم هذه التفاصيل، وهو يملك الاجابات على بعض الاسئلة، لكن ثمة امورا تخص العملية التفاوضية، تبقي الكثير من اسرار المرحلة الاولى طي الكتمان. علما ان هناك ملفات عالقة بين الحزب والاسرائيليين، ولها ابعاد قانونية وغير قانونية، ومن ضمنها ما يتصل بعملية التبادل. وسوف تكون محل درس الى جانب النقاش الذي بدأ مع الجانب الالماني. .

التعليقات