في مؤتمر» التوثيق الإلكتروني للتراث العربي» الذي استضافته دمشق أخيراً، وضع أكثر من 50 باحثاً وخبيراً تصوراتهم حول أفضل الطرق للحفاظ على الهوية والتراث العربيين الكترونياً.
وأشرف على تنظيم المؤتمر «الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008» ومركز «تريم» للعمارة والتراث في دمشق و«مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي» في مصر. وسعى المؤتمر الى تشجيع أعمال التوثيق الإلكتروني للموروث التاريخي العربي ومناقشة المشاكل التي تواجه المتخصصين، إضافة إلى استعراض مجموعة من التجارب محلياً وعربياً في هذا المجال.
وحضّ المؤتمر الدول العربية والمنظمات المعنية بالتراث العربي، على مواكبة التطور السريع الذي تشهده ميادين توثيق الآثار والتراث، إضافة إلى الاستفادة من التقدم الكبير في تكنولوجيا المعلومات وبرمجياتها. ولفت المحاضرون الى حقيقة مأسوية مفادها أن المحتوى العربي على الشبكة الدولية لا يتعدى 0.5 في الألف من المحتوى العالمي. وكذلك لا يشكّل التراث العربي والإسلامي المسجل سوى 16.5 في المئة من التراث العالمي.
وشدّد الخبراء الذين شاركوا في المؤتمر الذي ساهمت فيه «أليسكو» و «ايسسكو» و»منظمة المدن العربية»، على ضرورة إطلاق مشروعات لبناء نظم معلومات متكاملة بهدف التعريف بالإسهامات العربية في تشكيل الحضارة في شكل تفاعلي. ونبهّوا إلى أهمية حفظ التراث العربي في ظل العولمة التي تنسخ الهوية وتشوه الملامح القومية والمحلية للشعوب.
وأوضحت مساعدة وزير الاتصالات المصري هبة بركات أنه «لا بد من الاستفادة من الميزة المتمثّلة في وحدة اللغة في العالم العربي في صناعة محتوى معلومات عربي قوي قادر على المنافسة العالمية... ومن الممكن دعم هذا المحتوى عبر تقديمه في صورة ملفات إلكترونية تشمل المحتوى الثقافي والمعرفي والعلمي والفني». وأشارت رئيسة مركز «تريم للعمارة والتراث» ريم عبد الغني إلى أن هدف المؤتمر هو»الخروج برؤية شاملة تكفل الحفاظ على تراثنا العربي للتأسيس لتراث رقمي الكتروني موثق يجعل تكنولوجيا المعلومات أداة إيجابية فاعلة لخدمة التراث». ونبّهت إلى أن «الهوية» بدأت معالمها تبهت أو تتغيّر تحت وطأة الضغوط المختلفة، باسم «العولمة» و «الحداثة» و «المعاصرة» و «التكنولوجيا» وغيرها.
وبدا واضحاً أن الخبراء العرب يتجهون نحو إيصال التراث العربي إلى جمهوره، وضمنه المغتربون العرب، عبر تفعيله ونشره على الشبكة العنكبوتية. ويؤدي الأمر أيضاً إلى توسيع الاهتمام بالتراث، وعدم قصر الاهتمام به على الباحثين والمهتمين.
وعرض مدير «مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي» في مصر فتحي صالح تجربة بلاده في التوثيق الإلكتروني. وقال لـ «الحياة»: «قسمنا التراث إلى حضاري وطبيعي. ثم قسمنا التراث الحضاري إلى مادي مثل مقتنيات المتاحف والمواقع الأثرية والمعمارية، ومعنوي مثل التراثين الموسيقي والشفهي».
وأضاف: «أنشأنا داخل المركز قاعة للزائرين للاطلاع على النتائج الإلكترونية لهذا العمل سواء على شكل آلات حاسبة عليها المشاريع المختلفة التي نعمل فيها، أو صالات عرض فيها نظام عرض مبتكر». ولفت إلى أن نظام العرض عبارة عن تسع شاشات بانورامية على شكل نصف دائرة يعرض عليها التراث الفرعوني أو القبطي أو الإسلامي أو التراث الحديث في شكل تفاعلي. وقال: «أصبح لدينا الآن ست قاعات في مواقع مختلفة في مصر، إضافة إلى نظام متنقل يعرض الحضارة المصرية بطريقة مبتكرة».
ولفت صالح إلى «أن التراث مهدد بالانقراض عالمياً وهناك تسابق زمني بين المعرفة والحصول عليها، ووضعها في الوسائل الحديثة للتقليل من الخطر».
ويطمح الخبراء إلى أرشفة ما تحتويه المدن من شوارع ومواقع أثرية وأماكن بارزة، بهدف توفير سياحة افتراضية بكلفة مادية بسيطة. ومن الممكن إنجاز تلك السياحة من المنازل أو من خلال صالات عرض كبيرة.
وتحدث الزبير موحلي من «جمعية صيانة تونس العتيقة» عن تجربة الجمعية في توظيف التوثيق الإلكتروني لتطوير آليات تسيير وإدارة المدن العتيقة. وقال: «بعد 40 سنة من جمع المعلومات عن المدينة العتيقة، كان لابد من استغلالها وتوثيقها الكترونياً واستعمال منظومة المعلومات الجغرافية («جي أي أس» GIS)». ولفت إلى أن «هذه المنظومة تساعد على الجمع بين الرسوم والخرائط من جهة، والنصوص الخاصة المستخرجة من المراجع الثقة».
"الحياة"
31/10/2010 - 11:02
دعوات لتوثيق التراث في مؤتمر "التوثيق الألكتروني للتراث العربي" في دمشق..
-

التعليقات