31/10/2010 - 11:02

عائدة. ربما اورثتني شيئا من ذاتها!

وجع جولاني يطال يوميا الصغار والكبار يعبر هداريم وعسقلان ونفحة وبئر السبع والرملة، ليعانق خيمة الحرية في بيروت وباقة الغربية وعرابة ليعود إلى دمشق وبيروت والجولان...أما آن لهؤلاء بعض الفرج!

عائدة. ربما اورثتني شيئا من ذاتها!

* أيمن ابوجبل

تنهي عملها اليومي في ساعات المساء، تلقي التحية، وتقف أمام صورة سمير القنطار، وصور رفاقه الجولانيين، تتأمل الصور وتغوص في عالمها الخاص معهم،ربما تحادثهم كما اعتادت خلال الأشهر الماضية.عائدة شابة جولانية، في أواخر العشرينيات من عمرها، تعرف السجن والاعتقال منذ طفولتها، والدها العم أبو عماد كما نناديه، خرج من المعتقل بعد اثني عشر عاما من سجون الديمقراطية الإسرائيلية، قبل اعتقاله أطلق على اسم عائدة على ابنته تيمنا إلى عائدة سعد أول فدائية فلسطينية، تطوعت في صفوف المقاومة الفلسطينية في سنوات السبعينيات في أول عملية تفجير ضد القوات الإسرائيلية في شارع عمر المختار في قطاع غزة.كان ذلك قبل
اعتقال والدها باشهر معدودة.جلست على إحدى الكراسي في خيمة الاعتصام ، اقتربت منها وسألتني قبل آن اجلس جانبها . هل من جديد؟ هل ابتدأت المفاوضات بينهم وبين إدارة السجن، اجبتها بالنفي ، لاجديد، لم تستطع الجلوس صامته، سمير هل تحدث سمير إليك؟ لم أتفوه بأي كلمة، عرفت جوابي، وعادت إلى صمتها.

عائدة صديقة سمير منذ سنة تقريبا حدثته كثيرا من خلال رسائلها ، وحدثها سمير طويلا، كان يحكي لها عن عالية وبيروت وبسام وسميرة ولميس، عن نفحة، وعن ضابط الأمن، وأبوالحكم عن هايل ووئام وصدقي وأنور ياسين وسهى بشارة، وعن رفاق الجولان. كانت معه هناك ، وكان معها هنا في جولانه. كما اعتاد آن يقول لها، " أنا إنسان محظوظ فأهلي موزعون بين فلسطين ولبنان والجولان والمعتقلات الإسرائيلية". جلست في انتظار انفعالاتها المقبلة، فهي على الدوام تحتج على كل شئ، على استمرار اسر المعتقلين ، على أمراضهم وأوجاعهم،وكانني المسؤول عن هذه الجريمة.

اخترق كلامها كل الصمت الذي خيم على أجواء الخيمة، حين قالت : هل تعلم أنني وجدت عائدة سعد، وهي حية ترزق تعيش في الإمارات. سأحاول الحصول على رقمها لاتحدث إليها، أنا بحاجة إلى ذلك ألان، لا ادري لعلها تخفف عن وجعي.ربما اورثتني شيئا من ذاتها دون آن تدري، لم اعد احتمل التفكير في أوجاعهم الشديدة داخل السجن. ربما أجد أجوبة لديها، عن همومي.عظيم جدا ، واخيرا وجدت عائدة سعد، قلت لها ذلك وابتعدت عنها، عل ذلك يجنبني مواقف اصعب.

كل مساء ومنذ آن أقيمت الخيمة في مجدل شمس تأتى كعادتها تتحدث إليهم بطريقتها الخاصة، وتجلس قرب سماح وبشار ونوال وامل وأميرة، ولكل اسم منهن حكاية مع خيمة الاعتصام.هن لسن بأقرباء، ولسنا بأصدقاء، لكنهن حكايا جولانية تتكرر كل ليلة في التضامن مع أشخاص لم يقابلوهن يوما ، لم يعرفوهن إلا من خلال الصور والقضبان،هذا الوجع الجولاني، يمتد يوميا الى الصغار والكبار، ليعبر المسافات والحدود والأسلاك، يعبر هداريم وعسقلان ونفحة وبئر السبع والرملة، ليعانق خيمة الحرية في بيروت وباقة الغربية وعرابة ليعود إلى دمشق وبيروت والجولان حاملا، حلما طفوليا، أما آن لهؤلاء بعض الفرج .

هذا الصباح أبلغتني إنها وكافة زملائها الممرضين والأطباء سيزورون خيمة الاعتصام، للتضامن، جاءت وكانت دموعها تستيق خطواتها إلى مكانها المعتاد، تحادثت معهم وبكت بصمت وجلست في الخيمة حين غادر الزملاء، وأجهشت بالبكاء.

علمت من والدها آن عائدة لم تتناول الطعام أو الشراب منذ يومين.

زار خيمة الاعتصام في الجولان السوري المحتل وفدا من اتحاد المرأة التقدمي في فلسطين،للتضامن مع إضراب الأسرى والمعتقلين العرب في سجون الاحتلال، فمتى تكون زيارات التهنئة في حفل استقبال الأسرى المعتقلين.

ما زالت عائدة في الخيمة تنتظر معلومات عن اصدقائها......

التعليقات