31/10/2010 - 11:02

فيلم "العروس السورية": هل أرضى المشاهد في الجولان؟

فيلم

صفق البعض واستاء البعض الآخر في نهاية مشاهدة فيلم "العروس السورية", الذي عُرض في مجدل شمس في رابطة الجامعيين وبحضور المخرج عيران ريكليس وعدد كبير من الممثلين, حيث كانت الانطباعات الاولية عن الفيلم لدى الحضور مختلفة بالرغم من أن العيون إغرورقت بالدمع تارة وبالضحك على كلمات محلية تارة أخرى.

حضر عرض الفيلم عدد كبير من الجولانيين, واكتظت قاعة رابطة الجامعيين والكثيرون شاهدوا الفيلم وقوفاً

وقد حاز الفيلم، الذي أخرجه الإسرائيلي عيران ريكليس، على جوائز عديدة منها: واحدة في مهرجان مونتريال للسينما العالمية، وجائزة في مهرجان "لوكارنو" السويسري. فقد منح الفيلم الجائزة المسكونية وجائزة الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية، وجائزة الفيلم المحبوب بين المشاهدين، حيث رأت اللجنة الخاصة بالجائزة المسكونية ان الفيلم "يبرز الخيار الذي يتعين اتخاذه لعبور الحواجز النفسية وحدود الدولتين التي تفصل العائلات والشعوب".

تم تصوير الفيلم في الجولان ونفذت أغلب مشاهده في مجدل شمس..

شارك في الفيلم الممثلون:
هيام عباس (آمال)، مكرم خوري (حمد)، كلارا خوري (منى)، أشرف برهوم (مروان)، اياد شيتي (حاتم)، ايفيلين قبلان (ايفيلين)، جولي آن روث (جاين)، عدنان طرابشي (أمين)، مارلين بجالي (الأم), روبرت هوينغ (يوسف)، ضرار سليمان (طلال)، وآخرون. كتب سيناريو الفيلم سهى عرّاف


مجريات فيلم العروس السورية
العروس السورية

الممتعضون
المؤيدون
عيران ريكليس
هيام عباس
إنطباعي الخاص

مجريات فيلم العروس السورية

يبدأ الفيلم بتصوير الطبيعة بإسلوب جذاب وحيوي لجماليات الجولان. الشيخ الجبل يحتضن مجدل شمس كطفلة مدللة ويموِّج خضارها النسيم, ولا تكلّ العصافير من تزيين صباح البلدة بالتغريد والزقزقة. وتبدأ القصة بالعروس، الفتاة التي ستتزوج وتعبر الحدود من الجولان إلى سوريا. بدأت تستعد لمراسيم الزواج, وأختها المرافقة قلقة عليها وعلى مستقبلها مع شاب لا تعرف عنه شيئا سوى أنه وسيم ويعمل كممثل في الدراما السورية. وفي الوقت نفسه تتمنى لها ان تحظى بحياة افضل مما قد توفر لها مع زوجها هي. العروس قلقة وخائفة من مصيرها المجهول وهذا الزواج الغريب..ولكن فراق الاهل الى الأبد هو الذي يحز في قلبها ويصعب الامور أكثر وأكثر..

أخاها الأكبر متزوج من فتاة روسية ويسكن في احدى المدن الاسرائيلية وقد حُرم من العودة الى ديار اهله في الجولان لأن الطائفة الدرزية منعت الزواج من الغرباء. ولكن بالرغم من ذلك فقد حضر هو وزوجته وابنه لوداع اخته الصغيرة العروس التي لن يراها بعد هذا اليوم. وعند وصوله ..كانت الجماهير الجولانية تتظاهر في شوارع مجدل شمس وتحيي القائد الجديد لسوريا باستلام عرش الرئاسة بعد ابيه الذي توفي. وكانت الاعلام السورية وصور القائد الجديد تملأ الشوارع والأزقة وأغاني الشباب الوطنية تعلو وتردد بالولاء للقيادة الجديدة. حينها أنزل السائق اليهودي عائلة الاخ الكبير في اول الشارع وأسرع هربا حتى لا يُرجم بالحجارة بالرغم من تواجد الجنود الاسرائيليين في المكان. بعد ان قطع الاخ الأكبر وعائلته قسما من الطريق إذ بالأخ الاصغر الغائب عن الديار كان قد عاد في سيارة جميلة من مطار تل أبيب بعد أن عرقلته وثيقة سفره (بدون جنسية) في تيسير أمور تفتيشه في المطار. فرح بلقائه كثيرا وعاد الاثنان الى الديار.. والأم تجلس في انتظار، احتضنت ابنها الاصغر بقلب رحب وشوق عارم.. ولكن شوقها للابن الأكبر أنساها كيف أغضبها فغمرته بحنانها وشدته الى صدرها وقبلته وقبلت ابنه الصغير. عاد الاب من المظاهرة مع الجماهير الجولانية وكأنه لم يُلقن درسا في السجون الاسرائيلية بعد 25 عاما قد قضاها بتهمة رفض الاحتلال، فوجد ولديه ينتظرانه بشغف كبير، احتضن الاصغر وقبلّه، ونظر الى ابنه الآخر وعائلته الغريبة نظرة حزن وعتب وقهر ولم ينبس ببنت شفة، رافضا عودته.
العروس ما تزال حزينة وخائفة.. وقد أتى الأقرباء لتهنئتها ووداعها وبدأت النساء بتحضير طعام الغداء بمناسبة الزواج، كانت زوجة الأخ الاكبر الروسية من اللواتي تساعدن في تحضير الطعام وكانت بقية النسوة تلوم الزوج على التورط بالزواج منها وكان ليحظى باحلى صبية في البلد، لكن أمه كانت تردد وتقول ان زوجته طبيبة ومديرة لمستشفى كبير في بلدها وكأن هذه المهنة ترفع من مقامها بين الآخرين وتنسيهم انها غريبة عنهم.
بعد الانتهاء من طعام الغذاء تودع اهالي مجدل شمس العروس الحزينة بالورود ورشات الرز والزغاريد.. وتبدأ العروس طريقا جديدة تعبرها الى القنيطرة (البلدة المهجورة التي حولها الاسرائيليون الى منطقة عسكرية وأقيمت عليها الحدود الفاصلة ما بين الدولتين)، لتلتقي بعريسها الوسيم. اعتقد الاب انه لن يستطيع توديع ابنته هناك لان دخول المناطق العسكرية محظور عليه ولكن ابنته الكبيرة قد سافرت لكريات شمونة من دون علمه وطلبت من الضابط الشرطي بالسماح لأبيها بالذهاب الى القنيطرة ووداع ابنته فوافق على ذلك بعد تردد.
وفي الحدود السورية وصل أهل العريس وهم فرحون بزفاف ولدهم، يغنون ويرقصون. وفي الحدود الاسرائلية تنتظر العروس بفارغ الصبر ان تسهل عملية السفر الى سوريا عن طريق الصليب الأحمر. حضرت احدى موظفات الصليب الأحمر كي تكون صلة الوصل بين الجانبين فاستلمت أوراق العروس ووثيقة سفرها واتجهت الى الحدود السورية ولكن المفاجأة كانت في انتظارها.. إن وثيقة السفر خُتمت بطابع ان العروس "خرجت من اسرائيل" ..الامر الذي ادى الى رفض الجانب السوري في قبول هذا الأمر وأصر على ان العروس ستعبر "من سوريا الى سوريا"، لأن الجولان يتبع الى سوريا وليس الى اسرائيل، فعادت الموظفة الى الاسرائيلي المسؤول لتخبره في تصليح الخطأ لكنه لم يقبل واشار الى انها يجب ان تقنعهم بذلك فحاولت مرارا عديدة بين ذهاب واياب واتصال بالمسؤولين الكبار من كلا الجهتين دون رد او جواب. والعريس ينتظر عروسه ولكن دون جدوى..
وقد حظي هذا المشهد من الانتظار وقتا طويلا من الفيلم وذلك لتشديد لحظات المعاناة التي يتحملها أهل العروسين في الانتظار تحت أشعة الشمس الحارقة .. وتحت ضغط الخلافات التي تحاول كل دولة املاء نفوذها على وضع الجولان، فاسرائيل تريد تثبيت سيطرتها على الجولان بختم وثيقة السفر بطابع "خرج من اسرائيل" وسوريا ترفض وبقوة وتعتبر ان العبور هو من سوريا الى سوريا، أما حقيقة كونه تحت الاحتلال فهو لا يغير في الاجراءات شيئاً..فيبقى القرار بعدم السماح الرسمي للعبور.. لكن العروس تبدأ بالعبور لينتهي الفيلم والعروس في منتصف الطريق بين المعبرين..فيبقي المخرج النهاية مفتوحة لمخيلة المشاهد.

في نهاية عرض الفيلم دار النقاش بين الجمهور من جهة والمخرج والممثلين والسيناريست من جهة اخرى وفيما يلي ملخص ما دار من نقاش:

الممتعضون

1- يُظهر الفيلم الجانب السوري بنوع من السلبية او الاستهتار في عدة مشاهد:
أ) عندما "بنشر" عجل الباص الذي يقل العريس وأقاربه القادمين من دمشق الى القنيطرة لأخذ العروس القادمة من الجولان
ب) عملية التعاطي في حل الإشكال النابع من الختم الاسرائيلي على وثيقة سفر العروس العالقة في معبر القنيطرة بمحي ختم "خرج من اسرائيل" بمادة التيب إكس
2- إعطاء الوجه الحسن للإحتلال في عدة لقطات:
أ) عدم تدخل قوات الاحتلال لفض المظاهرات المؤيدة لسوريا الأمر الذي يعطي الانطباع لدى المشاهد بأن اسرائيل تعطي الجولانيين الحق بالتظاهر والتعبير عن رأيهم, وهو أمر غير دقيق.
ب) (حسن الضيافة), عندما قدّم الضابط الاسرائيلي فنجان القهوة لاخت العروس عندما زارت مركز الشرطة في كريات شمونه
ج)(المشهد الانساني), عندما قدّم الجندي الاسرائيلي في معبر القنيطرة, الكرسي للعروس التي تعبت من انتظار فتح المعبر والسماح لها بدخول الاراضي السورية

3- صوّر الفيلم الجيل الذي ترعرع في زمن الاحتلال وكأنه يتهادن مع سلطات الاحتلال وذلك من خلال المشهد الذي تظهر فيه اخت العروس تذهب الى الشرطة "لتترجى" تطلب إذن من الضابط لكي يسمح لأبيها السفر الى معبر القنيطرة لوداع إبنته

4- هنالك امور لا تطابق الحقيقة الجولانية ابتداءً من اللباس مرورا بطريقة تقديم الطعام في الاعراس وانتهاءً باللهجة المحلية

6- الفيلم يُظهر المرأة الجولانية وكأنها ترغب في التحصيل العلمي لكن المجتمع لا يسمح لها, في حين ان الواقع غير ذلك, فالمرأة الجولانية ومنذ منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم بدأت تحصل على نصيبها من التعليم العالي, فهي خريجة كافة الاختصاصات من كليات وجامعات اسرائيلية وجامعة وكليات دمشق وجامعات الاتحاد السوفياتي السابق

7- أظهر الفيلم نظرة غير واقعية للفتاة الجولانية في لقطة وهي تُدخن, وهذا لا ينطبق على الواقع

8- أظهرت أكثر من لقطة لأخ العروس القادم من أيطاليا وكأنه "زير نساء" وأنه يتحرش بموظفات الصليب الاحمر في معبر القنيطرة, في حين أن دخول المنطقة المتواجدة فيها قوات الامم المتحدة وموظفي الصليب الأحمر غير متيسرة لدخول الجولانيين من جهة, وان الشباب الجولاني لا يتحرحش بالصبايا- بطبيعة التقاليد


المؤيدون

1- علينا الا نرى فيلم العروس السورية وكأنه فيلما وثائقيا, ومن الخطأ ان نراه كذلك, ومن هذا المنطلق فان الفيلم يتماشى مع النظرة المكونة لدى الشعوب الاوروبية على المجتمع العربي من جهة وعلى الدولة السورية وأجهزتها من جهةأخرى, كون سوريا من الدول النامية. وهذه هي الصورة في الغرب عن الدول النامية والمجتمعات العربية


2- طرح الفيلم تناقضات اجتماعية موجودة في الجولان
أ) الزواج المختلط: حيث يرفض المجتمع الجولاني بشكل عام الزواج المختلط مع أديان وقوميات أخرى, ويُقاطع اجتماعيا كل الأفراد الذين يتزوجون من دين او قومية مختلفة ولا يسمح المجتمع لهم بالسكن بينهم او التزاوج معهم, ويظهر هذا في مشاهد متعددة بدءً بطلب رجال الدين من أبي العروس عدم السماح لإبنه المتزوج من فتاة روسية من حضور زفاف أخته مروراً بعدم إستقبال الأب لابنه المتزوج من الفتاة الروسية وكذلك كلام النسوة وقت تحضير الطعام

ب) علاقة المجتمع الجولاني مع حاملي الجنسية الاسرائيلية وأبناءهم: أسفر قانون ضم الجولان الى اسرائيل في عام 1981 الى قيام نسبة قليلة من الجولانيين بطلب او قبول الجنسية الاسرائيلية, فيما ناضل الغالبية العظمى من الجولانيين ضد قانون الضم المشؤوم برفض الضم وكان الاضراب المشهورفي 14 شباط 1982 ليبقى الجولانيين منذ ذلك التاريخ لا يحملون اي جنسية فعلية وليُكتب لهم في جواز السفر "الجنسية: غير واضحة". ومنذ ذلك الحين حصل شرخ إجتماعي بين رافضي الجنسية الاسرائيلية وحامليها. هذا الشرخ منع التعامل اجتماعيا مع حاملي الجنسية الاسرائيلية وأبناءهم وخاصة التزاوج معهم, ويظهر هذا في المشهد حين تُعاقب ابنة اخت العروس من ابيها ويقول لها انه لن يوافق على تزويجها منه لانه من حاملي الجنسية الاسرائيلية

عيران ريكليس :

سمعتكم وأتفهمكم, واقول ان إخراج اي فيلم هو عمل مُركّب... وهذا الفيلم هو عننا جميعا, وتخيلوا اننا ذهبنا الى ايرلندا مثلا, لوجدنا ذات الموضوع. وهذا الفيلم يحكي قصة الانسان الموجود في ظروف غير طبيعية... عندما أتيت الى مجدل شمس جئت بالمحبة والاحترام... وهكذا كان شعوري عندما خرجت منها

العالم يريد أن يعرف, أن يسمع, أن يفهم وأن يتضامن... عليكم ان تنظروا الى العبرة البسيطة وهو ان الفيلم لم يأت ليخدم أي مصلحة لأي جهة كانت: لا لمصلحة السوريين ولا لمصلحة الاسرائيليين ولا حتى لمصلحة أهل الجولان, القضية هي ديمقراطية, وحتى بعد كل ما سمعته منكم من نقد فانني ابقى مع ذات الاحساس.
قبل كل شيىء انا اسرائيلي وانا انساني, اذا كنت قد أظهرت الشرطي الاسرائيلي بأنه بصورة سيئة في كل الفيلم فهذا "ستيريوتيب", وردا على الانتقادات بشأن السوريين فأقول انه بالنسبة لي هم بعيدون........ وأنا هنا...
ولعلمكم, فإن الافلام لا تغير العالم وانما يمكنها أن تساعد على الفهم, وكل ما على هذا الفيلم ان يفعل هو ان يعطي الامكانية للمواطن الاسرائيلي أن يعيد النظر في مفاهيمه في هذه القضية........

هيام عباس :
حصل الفيلم على جوائز عديدة في اوروبا لانه استطاع ان يقدم مفاهيم سياسية وأدى مهمة ايصال المعلومة التي اجتهدنا في ان ننجح بإيصالها, معلومة معاناة شعب لا يعيش في ظروف طبيعية (تحت الاحتلال) وحصلنا على الشكر من الجمهور باننا اوضحنا لهم الامور.
نحن اخذنا الفكرة والقصة الحقيقية من هنا من مجدل شمس, ولاننا في السينما لا نستطيع الكلام بالتفصيل عن الشخصية , فإننا أخذنا شخصية من الواقع وعبأناها بالمشاعر, لانه على السينما ان تكون لغة عالمية, ولانها اذا لم تخرج الى هذه اللغة فهي لا تصل الى اي مكان, واذا بقيت في القوقعة المحلية وعالجنا كل صغيرة وكبيرة فانها لا تصل الى اي مكان لانها لا تتكلم لغة عالمية, ومن هذا الفيلم خرج العالم الغربي بانطباع بان في مجتمع مُسيّس يوجد للمرأة مكانة

إنطباعي الخاص

يعكس فيلم "العروس السورية" معاناة شعب تحت الاحتلال, فيقدم التناقضات التي تعيشها "عائلة سلمان" بشكل درامي رائع, هذه التناقضات موجودة في المجتمع الجولاني تحت الاحتلال, وغالبيتها بسببه وما كانت لتكون لو لم تكن الارض والانسان في هذه الظروف الغير طبيعية (احتلال). الفيلم, وبالصورة التي تم اخراجه بها, قادر الى الوصول الى ذهنية المجتمعات الاوروبية والاميركية كونه يحكي قصة من الواقع الانساني, هذه القصة صحيحة وتخدم القضية رغم كافة اراء المنتقدين, وكنت في نهاية العرض من الذين صفقوا للفيلم

التعليقات