31/10/2010 - 11:02

قمة أم "خم"!/ وليد ياسين

قمة أم
مع اقتراب موعد القمة الرباعية، التي يبدو أنه تم التمهيد لها جيداً، خلال الأشهر الماضية، رغم ادعاء اسرائيل والفلسطينيين، بأنهم لم يعلموا بها إلا أمس، يكثر الاسرائيليون والفلسطينيون من طرح تصريحات متضاربة حول جدول أعمال القمة وما سيتم طرحه على طاولة الرئيس المضيف، حسني مبارك، الذي لم يشفع له كل ما قام به من لفتات حسنة ازاء اسرائيل، لدى رئيس لجنة الخارجية والامن الاسرائيلية، الليكودي يوفال شطاينتس، الذي يعتبر بوق التحريض الاسرائيلي الرئيسي على مصر.

وليس من الواضح حتى الآن اي الأمور ستناقش خلال القمة، لكنه يستشف مما تتناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية عن شارون والمقربين منه، ان ما يريده شارون هو عقد قمة صورية، تحقق لاسرائيل مطالب امنية، في مقدمتها وقف الانتفاضة، وتمنحه عدة صور جميلة تظهره وهو يجتمع مع الرئيسين مبارك وعباس والملك عبدالله، لتساعده بالتالي على تغيير صورته الدموية التي عكستها جرائمه ضد الفلسطينيين على مدار السنوات الاربع والنصف الاخيرة، وفي المقابل يلقي شارون للفلسطينيين ببعض الفتات، كرفع حاجز هنا وآخر هناك، وسحب قوات الجيش من عدة مدن، واطلاق عدة مئات من الاسرى، حسب المعايير الاسرائيلية التي اتبعت في كل صفقات الاسرى. ونعرف من نهج اسرائيل في السابق انها لن تقدم على اطلاق سراح اسرى لهم وزنهم وانما ستبحث، كما في كل مرة، عن عدة مئات من المعتقلين لاسباب جنائية او بسبب دخولهم الى اسرائيل بدون تصاريح، او الاسرى الذين قاربت مدد محكومياتهم على الانتهاء. وباستثناء ذلك "يا دار ما دخلك شر"، كل شيء سيبقى على حاله، مروان البرغوثي سيبقى في السجن، حسام خضر سيبقى في السجن، عبد الرحيم ملوح سيبقى في السجن، وقادة الفصائل سيبقوا مطاردين ومستهدفين من قبل طائرات موفاز- يعلون – حالوتس، بزعم انهم "قنابل موقوتة".

مثل هذا الأسلوب اتبعته اسرائيل بعد توقيع اتفاقيات اوسلو، ومثل هذا الاسلوب هو وحده الذي ادى الى انفجار قمة كامب ديفيد، وبالتالي الى انفجار الانتفاضة، لأن الشعب الفلسطيني ادرك بأن اسرائيل ما تريد الا التلهي بالقضية الفلسطينية وركلها من زاوية الى اخرى، ولا تسعى الى الانسحاب الكامل ولا الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقد ساهم اليسار الصهيوني، الذي مثله الى ما قبل شارون، الجنرال ايهود براك، في تدمير اوسلو، وتسميم الأجواء التي قادت الى الانتفاضة، وبالتالي الى وصول شارون الى سدة الحكم، ليواصل حربه الضروس ضد الفلسطينيين والسعي الى استكمال ما بدأه في بيروت في عام 1982.

واهمٌ من يعتقد ان شارون تغير، وان شارون يريد حقا قيام دولة فلسطينية. ويمكن القول ان اليمين الصهيوني، الاستيطاني، لم يفهم حقيقة شارون، وانه لو فهم ما يسعى اليه شارون لكان قد حج اليه وقبله صباح مساء، ولم يتظاهر ضده أو يتهمه بالدكتاتورية وبمطاردة اليهود. فلقد صرح شارون منذ البداية انه لن يوافق على اعادة أكثر من قرابة 42% من أراضي الفلسطينيين، وان القدس ستبقى موحدة وعاصمة ابدية لاسرائيل وحدها، وان الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية ستبقى على عهدها.. وهذا هو بالضبط ما ينفذه شارون الآن..

هذا هو ما تنص عليه خطة الانفصال التي ضللت حتى الفلسطينيين وجعلت بعض المستميتين منهم للظهور على المسرح، يعتبرونها بداية للانسحاب ولأجواء جديدة.
فأي أجواء تلك التي يتحدثوا عنها؟ هل يعتقدون ان السلام سيتحقق بقيام دولة كانتونات مقطعة الأوصال؟ هل سيتحقق السلام ببقاء قادة وابناء الشعب الفلسطيني داخل السجون الاسرائيلية، هل سيتحقق وهناك مستوطن واحد يقيم على اراضي الفلسطينيين ويتهدد كل من يتجرأ على الوصول الى كرمه لقطف زيتونه؟ هل سيتحقق السلام وهناك حاجز واحد يمنع حرية الانتقال بين مدن وقرى فلسطين؟

واهمٌ من يعتقد ذلك، وواهمٌ من يعتقد ان قمة شرم الشيخ ستختلف عن قمة العقبة. ولمن نسي نذكر ان شارون وأبو مازن ذهبا الى العقبة واطلقا تصريحات شتى رسمت صورة رائعة للمنطقة بعد القمة.. لكن القمة لم تكن اكثر من "خم" حاول شارون ومعلمه بوش دفع ابو مازن والعرب اليه وتدجينهم تمهيدا لاستيعاب طريق بوش –شارون. فما هي الا ساعات حتى عاد جيش شارون الى اجتياح المدن، وطائراته الى تمزيق اشلاء الابرياء، وجرافاته الى دك المنازل الفلسطينية..

طالما بقي شارون على سدة الحكم في إسرائيل، لن يتغير شيء.. وان تغير فسيكون دائماً إلى الأسوأ وفي غير مصلحة الفلسطينيين والعرب...

التعليقات