31/10/2010 - 11:02

مطلوب «فينوغراد» عربي../ حسن عبد الحليم

-

مطلوب «فينوغراد» عربي../ حسن عبد الحليم
عقد بوناربت الصغير* مؤتمرا صحفيا ليقول "قلت لكم" ووقف حزب كديما من خلف أولمرت، وملأ منافسو أولمرت أفواههم ماء، بانتظار اللحظة التي يتمكنون فيها من شن هجومهم مجددا. وبات مؤكدا أن حزب العمل لن يغامر بالانسحاب من الحكومة ويجد نفسه أمام حكومة برئاسة نتنياهو. كل ذلك كان متوقعا..

صدر التقرير الذي كان ترقّبه بمثابة دائرة مفتوحة، ومثارا للتكهنات والتأويلات، ليكون المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة فينوغراد للتحقيق في أحداث حرب لبنان، الذي تكررت فيه عشرات المرات جملة "وجدنا مواطن خلل وعيوبا كثيرة وخطيرة في.." - إغلاقا لتلك الدائرة.

ليس غريبا أن ينحصر الاهتمام بتقرير فينوغراد في الدائرة الصغيرة( المصائر الشخصية للمسؤولين عن الفشل) وأن يتركز الاهتمام في التقرير من زاوية هل سيبقى أولمرت أم سيطير، أو من الزاوية الشخصية للسياسيين والعسكريين الذين كان لهم دور في فشل الحرب، لأن التقرير تحول إلى أداة سياسية للمكاسب الحزبية، مما يشير إلى هشاشة هؤلاء القادة بعد غياب الجيل المؤسس.

هل كان بعض العرب في انتظار أن يصدر تقرير إسرائيلي يقر بأن الحرب بمبادرة إسرائيل – كي يصدقوا أنها كانت بمبادرتها؟. وهل كان أحد منهم ينتظر إقرارا إسرائيليا رسميا بفشل الحرب، كي يقتنع بأنها فشلت ولم تحقق أهدافها؟ إذا كان من هم كذلك فليس لأنهم لم يروا الحقيقة بل لأنهم أرادوا أن لا يروها.. وسيستمرون في عدم رؤيتها حتى لو رددوا الإقرار الإسرائيلي..

الإنجاز الوحيد لإسرائيل حقا هو قرار 1701، وجاء بضغط أمريكي رهيب، ونتيجة لانعكاس الصراع اللبناني الداخلي على الموقف الفرنسي، إلى جانب رغبة دولية بوقف القصف الإسرائيلي الذي يستهدف المدنيين، ولو كان القرار وفقا للأداء وميزان القوى على أرض المعركة وإنجازاتها لحصلت إسرائيل على مراقبين لبنانيين على الحدود الشمالية لفلسطين. لجنة فينوغراد تدرك ذلك إلا أنها أرادت أن تضع بعض الرتوش البيضاء على الصورة القاتمة.

ربما ينبغي أن ننظر إلى نتائج الحرب بعيدا عن منظور أولمرت الضيق المحصور ببقائه على سدة الحكم، وننظر إلى الحرب كفشل إسرائيلي مدو في حرب بادرت إليها ووضعت كل ثقلها فيها مدعومة من أقوى دولة في العالم، الولايات المتحدة. فقد كانت هناك فرصة عربية لجني ثمار هذا الفشل، في كافة الملفات المفتوحة، لو منحت المقاومة اللبنانية الدعم السياسي. ولو حصلت المقاومة على هذا الدعم لما صدر قرار 1701 بهذا الشكل الذي قلب المنتصر إلى مهزوم والمهزوم إلى منتصر. إلا أن ذلك لم يحدث ولم تستغل الفرصة للضغط على إسرائيل لصالح القضايا العربية، بل تم توجيه السهام إلى المقاومة اللبنانية ومحاولة إفراغ إنجازها من مضمونه.

هل سيتغير شيء في الواقع العربي بعد فينوغراد؟ هل سيتوجه أحد معتذرا للمقاومة اللبنانية ممن أساءوا لها ، أو على الأقل ليعبر عن احترامه لها دون أن يعتذر. أم أن هناك من سيحاولون إقناع إسرائيل أنها لم تهزم ولم تفشل وأنها مخطئة..

في الواقع العربي المأزوم كل شيء ممكن حتى هذا السيناريو الكئيب.. ولو نشر التقرير السري للجنة فينوغراد، أو على الأصح، الأجزاء السرية من التقرير التي لم تنشر لأنها بحسب اللجنة تمس في علاقات إسرائيل الخارجية وبأمنها، لكنا رأينا الصورة أوضح مما عليه الآن.. ولتوقعنا سيناريوهات أكثر كآبة

فشلت خسرت هزمت أخفقت.. «أكلتها».. إلا أن ذلك لم يترجم سياسيا. فهل ستقام لجنة تحقيق عربية لمعرفة من الذي سعى إلى تحويل الانتصار العسكري إلى إخفاق وخسارة وهزيمة سياسية؟ مطلوب فينوغراد عربي.




* بونابرت الصغير- وزير الأمن السابق عمير بيرتس- والتسمية للدكتور عزمي بشارة


التعليقات