31/10/2010 - 11:02

هل تبقى الحالة الشعبية في موقف الاحتجاج اللفظي ضد الذين يتلاعبون بحق العودة!?

"القضية لم تعد مجرد وجهات نظر يجري تبادلها في الساحة الفلسطينية بل إن ثمة جهات فلسطينية تصر على سياسة العبث بالحقوق الوطنية، ومن ضمنها حقوق اللاجئين"

هل تبقى الحالة الشعبية في موقف الاحتجاج اللفظي ضد الذين يتلاعبون بحق العودة!?

هل تبقى الحالة الشعبية في موقف الاحتجاج اللفظي ضد الذين يتلاعبون بحق العودة، أم أنها ستخطو خطوات فعلية في الضغط على المؤسسة الفلسطينية لتستبعد من صفوفها في التشريعي، والتنفيذية، والحكومة، وجامعة القدس، ولجنة المتابعة، من وقعّ على وثيقة جنيف، وتفرض العزل السياسي عليه؟

انفتحت على مصراعيها حملة دولية تدعو لتوطين اللاجئين الفلسطينيين خارج ديارهم وأملاكهم التي طردوا منها في العام 1948، ومنحهم جنسية البلد المضيف، أو جنسية بلد ثالث، مقابل التخلي عن حقهم في العودة وعن جنسيتهم الفلسطينية وهويتهم الوطنية التي صانوها منذ أكثر من نصف قرن بالدم والدمع والآلام.

- الاتحاد الأوروبي تبنى مشروعاً بهذا الاتجاه ودعا الدول المضيفة إلى تطبيقه

- نواب في الكونغرس الأميركي دعوا إلى إعادة صياغة التفويض المعطى لوكالة الغوث، كي يتلاءم مع مشاريع التوطين.

- أما الجانب الكندي، الذي ترأس لجنة اللاجئين في المسار المتعدد للمفاوضات، فلم يتوقف لحظة واحدة عن الدعوة إلى إسقاط حق العودة.

ولا يحتاج المرء ليكون عبقرياً حتى يدرك أن هذه الحملة الدولية ضد حق العودة، والداعية إلى التوطين كحل بديل ما كان لها أن تندفع مثل هذه الاندفاعة الهوجاء، وأن تستخف بمشاعر اللاجئين وحقوقهم ومصالحهم الوطنية العليا، لو لم يتوفر لها المناخ المحلي المشجع.

فالجانب الفلسطيني المفاوض لم يكف عن اللعب على حبال حق العودة ومصالح اللاجئين، ومازال يمارس سياسة الخطاب المزدوج والتحركات الغامضة والسرية، يبعث من خلالها بـرسائل وإشارات وخطابات، كلها تؤكد استعداده للتنازل عن حق العودة.

- فالدكتور سري نسيبة، وشريكه في مشروع إسقاط حق العودة عامي إيالون، يطيران معاً إلى نيويورك ليلتقيا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ويسلماه نسخة عن مشروعهما للتسوية، بما في ذلك التخلي عن حق اللاجئين في العودة. وللأسف يلقى هذا المشروع ترحيب كوفي عنان، رغم أنه، في بنوده، يتجاوز قرارات الأمم المتحدة، وينتهك الحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني، غير القابلة للتصرف.

- وفي جنيف يتم الكشف عن اتفاق حمل اسم المدينة السويسرية، وولد بـرعاية من حكومة البلد نفسه، وحمل أختامها باعتباره وثيقة سويسرية رسمية، تطوعت وزيرة خارجية الاتحاد السويسري للترويج لها في أوروبا وأميركا. وبات معروفاً أن الجانب الفلسطيني الذي يقف وراء هذا الاتفاق، والذي أهم ما فيه أنه تخلى ـ مرة أخرى ـ عن حق العودة ـ هو نفسه الجانب الفلسطيني المفاوض. فياسر عبد ربه، وزير مقيم في كل الحكومات الفلسطينية، منذ ولادة السلطة حتى الآن.

- وهشام عبد الرازق وزير شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية. والدكتور نبيل قيس وزير التخطيط في الحكومة السابقة. وقدورة فارس عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني. ومحمد الحوراني عضو في المجلس التشريعي.

- وجمال زقوت عضو في المكتب السياسي لحزب فدا، وعضو في الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات اللاجئين. وعبد القادر الحسيني، ابن الراحل فيصل الحسيني. وسمير الرنتيسي المسمى «المنسق العام لتحالف السلام حول وثيقة جنيف» وزهير مناصرة رئيس بلدية جنين السابق، وتمام رائد التعمري مستشار رئيس الحكومة السابق محمود عباس (أبو مازن). كل هؤلاء، وغيرهم، ساهموا في مباحثات جنيف، والتوقيع على وثيقة التخلي عن حق العودة. ولنا أن نتأمل هذه الأسماء اسماً اسماً، ليتبين لنا أن أحداً منهم لا يستطيع أن يحمل حقيبته ويسافر إلى جنيف، ويوقع ما وقع عليه، دون أن يصله الضوء الأخضر من الجهات النافذة في السلطة الفلسطينية. ولم يعد سراً القول أن رئاسة السلطة الفلسطينية تقف مباشرة خلف هذا التحرك وتدعمه وتنظر إليه بعين الرضا.

إذن، لو أردنا أن نرسم الصورة على حقيقتها لتبين لنا أن ثمة عملاً منظماً، ومدعوماً من العواصم الدولية سياسياً، ومعنوياً، ومالياً، للترويج لحلول تسقط من بنودها حق اللاجئين في العودة، وتحول تهجيرهم وشتاتهم إلى حالة دائمة، بذريعة منحهم جنسية البلد المضيف. كما يتبين لنا أن السلطة الفلسطينية طرف فاعل في هذا العمل. وأنها تعطي اللاجئين من اللسان حلاوة خطابات وبيانات تتحدث عن التمسك بحق اللاجئين في العودة (دون القول إلى أين؟) لكنها بالمقابل تعطي للأطراف الأخرى ما يكفي من الوثائق والاتفاقات والتواقيع، للتخلي عن هذا الحق. وبالتالي يمكن القول أن القضية لم تعد مجرد وجهات نظر يجري تبادلها في الساحة الفلسطينية بل إن ثمة جهات فلسطينية تصر على احتكار القرار والاستفراد به، تمارس سياسة العبث بالحقوق الوطنية، ومن ضمنها حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

ولنا أن نلاحظ في السياق، أن الذين يمارسون سياسة العبث هذه مازالوا هم، في عيون العواصم الدولية، من يمثلون الحالة الفلسطينية ويتحدثون باسمها، متجاوزين مواقف ملايين الفلسطينيين الذين أدانوا مثل هذه السياسات والتحركات ورفضوها. من هنا يحق لنا أن نسأل:

- هل يصمت المجلس التشريعي عن تحركات بعض أعضائه، بما يخالف سياساته ومواقفه، وتمسكه بحق العودة؟ وهل تمر مسألة توقيع عدد من أعضائه على إسقاط حق العودة مرور الكرام، أم أنه سيتخذ من هؤلاء موقفاً حاسماً، أقله إسقاط عضويتهم في المجلس التشريعي؟

- هل تصمت اللجنة التنفيذية عن مشاركة عدد من الوزراء في صفقة جنيف، وترضى بإعادتهم إلى الحكومة الجديدة؟ أم أنها ستدعو، في موقف حازم، إلى استبعادهم من التشكيلات الحكومية القادمة، لأنهم بمواقفهم في جنيف، خرقوا الثوابت الفلسطينية وخانوا حقوق اللاجئين؟

- هل تصمت اللجنة التنفيذية عن مشاركة بعض أعضائها في مباحثات جنيف؟ أم أنها ستحول أول اجتماع لها إلى جلسة محاكمة لأعضائها الذين شاركوا في الصفقة المرفوضة، وتأخذ مطلب الشارع الفلسطيني بالاعتبار، فتسقط عنهم عضويتهم في أعلى هيئة في م.ت.ف.؟

- هل تقبل لجنة المتابعة العليا، في قطاع غزة، أن يشارك بعض أعضائها في مباحثات جنيف، ويلعب الدور المزدوج فيوقع في غزة على بيانات القوى الوطنية والإسلامية، حيث التمسك بحق العودة موقف ثابت لا غبار عليه، ويوقع في جنيف ما يرضي الجانب الإسرائيلي من تنازلات؟. هل تخطو لجنة المتابعة خطوة جريئة، فترفض في صفوفها من شارك في مباحثات جنيف ومن وقع على وثائقها؟

- هل تبقى الحالة الشعبية الفلسطينية، في موقف الاحتجاج اللفظي على مثل هذه التحركات؟ أم أنها ستصعد في تحركاتها، كأن تضغط على المؤسسة الفلسطينية، في المجلس التشريعي، واللجنة التنفيذية والحكومة الفلسطينية لاستبعاد كل من وقع على وثائق جنيف. وتستبعد في الوقت نفسه الدكتور نسبية عن كل منصب رسمي بما في ذلك منصبه في جامعة القدس؟ وتتمسك الحالة الشعبية بهذه المواقف والمطالب، وترفض التعامل مع هذه الحالات وتفرض عليها عزلاً سياسياً، فإما أن تتراجع عن مواقفها التنازلية، وإما أن تخرج من الحياة السياسية بالشكل الديمقراطي، وبما يليق بتضحيات الشعب الفلسطيني.

إن الحملة ضد حق العودة في تصاعد، وآن الأوان للبحث في كيفية تصعيد تحركات الحالة الشعبية، بكل مكوناتها لصون هذا الحق، باعتباره واحداً من الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف.

التعليقات