الأردن: استقالةُ الملقي بعد احتجاجات على السياسات الاقتصادية

قدم رئيس الحكومة في الأردن، هاني الملقي، اليوم الإثنين، استقالته للملك عبدالله الثاني، وذلك وسط تصاعد الاحتجاجات في البلاد ضد سياسات الحكومة الاقتصادية وإصرارها على عدم التراجع عن قانون الضريبة، الذي أقرته مؤخرا بما اشتمل عليه من زيادات للضريبة على

الأردن: استقالةُ الملقي بعد احتجاجات على السياسات الاقتصادية

(أ ب)

قدم رئيس الحكومة في الأردن، هاني الملقي، اليوم الإثنين، استقالته للملك عبدالله الثاني، وسط تصاعد الاحتجاجات في البلاد ضد سياسات الحكومة الاقتصادية وإصرارها على عدم التراجع عن قانون الضريبة، الذي أقرته مؤخرا بما اشتمل عليه من زيادات للضريبة على المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية.

وتناقلت وسائلُ إعلام عديدة، أنباء تُفيد بتكليفِ وزير التربية والتعليم عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، بطلبٍ من الملك عبدالله الثاني.

وترأس الرزاز سابقا مجلس إدارة "البنك الأهلي الأردني"، كما كان رئيس الفريق الفني الأردني لإعداد الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، ومديرا عاما للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

كما شغل موقع رئيس مجلس الأمناء في صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية ورئيس منتدى الاستراتيجيات الأردني. وقاد الرزاز الفريق الوطني المسؤول عن إعداد إستراتيجية التوظيف الوطنية 2011-2012.

وعمل أيضا أستاذا مساعدا في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا في برنامج التنمية الدولية وبرنامج التخطيط الإقليمي.

وتولى الملقي رئاسة الحكومة في 29 أيار 2016، ويُعد الرئيس الأقل شعبية بين رؤساء الوزراء في عهد الملك عبد الله الثاني، حسب ما تظهر استطلاعات الرأي.

"إصابة أفراد من رجال الأمن" وفق الأقوال الرسمية

وقال مدير الأمن العام، في الأردن، فاضل الحمود، اليوم الإثنين، إن 42 فردا من قوات الأمن أُصيبوا خلال الاحتجاجات التي شهدها الأردن في الأيام الماضية، مؤكدا أن أغلب الإصابات كانت بسبب العيارات النارية، وفق ما نُشِر في صحيفة "الغد الأردني".

وأضاف الحمود، خلال مؤتمر صحفي، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 60 شخصا اعتدوا على الممتلكات العامة والخاصة خلال الاحتجاجات، بينهم 8 أشخاص من جنسيات عربية.

وذكر الحمود أنه تم استخدام أسلحة نارية ضد قوات الأمن والدرك، بالإضافة إلى إطلاق الألعاب النارية على القوات، كما تم ضبط أسلحة بيضاء مع بعض الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات على الدوار الرابع.

الاحتجاجات في ذروتها

هل الأمور تحت السيطرة فعلا؟

من جهته، قال مدير قوات الدرك نايف الحواتمة، إن كل الأمور تحت السيطرة، ولا يمكن للأردنيين أن يسيئوا لبلدهم.

وأضاف الحواتمة أن هناك فئات غير مسؤولة خرجت عن إطار التعبير السلمي ولجأت إلى العنف واعتدت على الممتلكات وقامت بعمليات تخريب واستهداف قوات الدرك والأمن.

وأكد حواتمة أن الأجهزة الأمنية منضبطة وتحترم المواطن وتحافظ عليه لكن تتدرج في القوة للمحافظة على الأمن والاستقرار، مشددا على أن قوات الأمن لن تتوانى في الحفاظ على الممتلكات وأمن واستقرار الأردن.

مؤشرات دلّلت على التغيير المُرتقَب

وعلى مدار الأيام الخمسة الماضية، تواصلت الاحتجاجات في مختلف مناطق الأردن ضد سياسات الحكومة الاقتصادية وإصرارها على عدم التراجع عن قانون الضريبة، الذي أقرته مؤخرا بما اشتمل عليه من زيادات للضريبة على المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية.

وتشهد العاصمة عمان حشودا كبيرة من المواطنين قرب رئاسة الوزراء عند منطقة الدوار الرابع وسط حضور أمني كثيف لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر الحكومة، فيما يهتف المتظاهرون لإسقاط الحكومة التي تنتهج حسب قولهم نهج الجباية. كما أبدى المتظاهرون في كل المناطق إصرارا على رحيل حكومة هاني الملقي التي كما يهتفون أدخلت البلاد في نفق مظلم وساهمت في تعميق المشكلة الاقتصادية وزيادة الضرائب والأسعار.

وتزايدت يوم أمس المؤشرات والتسريبات عن تغيير مرتقب على حكومة الملقي، وسط احتجاجات نقابية واقتصادية وشعبية واسعة، وإصرار النقابات المهنية وهيئات اقتصادية ومؤسسات مجتمع مدني على تنظيم إضراب ثان يوم الأربعاء المقبل.
وتواصلت المسيرات والوقفات الاحتجاجية مساء أمس في عمان وعدد واسع من المحافظات، رافعة شعار رحيل الحكومة ووقف النهج الاقتصادي الرسمي، الذي يقول المحتجون إنه يرتكز على "الجباية" من المواطنين.

ويوم أمس، تم تداول أكثر من اسم لشخصية سياسية مرشحة لتشكيل الحكومة الجديدة، وسط غياب أي معلومات رسمية حول ذلك، لكن المصادر لم تستبعد ان يتم تشكيل الحكومة الجديدة بعد التئام الدورة الاستثنائية المرتقبة لمجلس الأمة المرجح أن يتم تسريع انعقادها خلال أيام، لمحاولة الخروج من أزمة "الضريبة المعدل".

توصيات مجلس الأعيان

في السياق، أعلن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة أمس أن المجلس "سيقوم باستئذان الملك عبدالله الثاني، لعقد دورة استثنائية مبكرا، يكون على جدول أعمالها تعديلات قانون ضريبة الدخل".
كما تمخض اجتماع لـ"الأعيان" أمس برئاسة رئيس المجلس فيصل الفايز عن مقترحين، يتضمنان أولا، التوصية بسحب الحكومة للمشروع، أو استئذان الملك بإصدار إرادة ملكية بعقد دورة استثنائية خلال يومين، وأن يعقد مجلس النواب اجتماعا سريعا (الثلاثاء) وينظر في المشروع ، وإن قرر رد مشروع القانون يذهب للأعيان فيقوم المجلس برده في جلسة تعقب جلسة النواب، ومن ثم يعود المشروع للحكومة، التي "عليها فتح حوار عبر تشكيل لجنة وطنية لإجراء حوار وطني حول النهج الاقتصادي الاجتماعي، وإعادة صياغة قانون ضريبة يلبي متطلبات الحكومة".

الاحتجاجات في ذروتها
ولليوم الخامس على التوالي، تواصلت الفعاليات الاحتجاجية الشعبية في عمان والعديد من المحافظات، رفضا للسياسة الاقتصادية الحكومية، وللمطالبة برحيل الحكومة وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، فيما تركزت الأنظار مساء أمس أيضا على آلاف المحتجين ممن سعوا جاهدين للوصول إلى منطقة الدوار الرابع، حيث دار رئاسة الوزراء.

ولم تُسجَّل أعمال عنف تذكر في عمان وأغلب المحافظات يوم أمس، فيما شهد محيط الاحتجاجات والمسيرات تواجدا أمنيا كثيفا، حفاظا على الأمن العام وعدم إغلاق الطرق.

وبدأ الآلاف من المحتجين أمس، ممن استمرت احتجاجاتهم منذ ما بعد صلاة العشاء وحتى ساعات الفجر الأولى، أكثر إصرارا على شعارات الحركة الاحتجاجية التي فجر شعلتها إصرار الحكومة على الدفع بمشروع قانون ضريبة الدخل إلى مجلس الأمة رغم الرفض الواسع من النقابات المهنية والأحزاب والفاعليات الاقتصادية والشعبية، وتصدرت شعارات رحيل الحكومة ومجلس النواب وتغيير النهج الاقتصادي الرسمي أغلب الاحتجاجات، وتواصلت مطالب تشكيل "حكومة إنقاذ وطني"، و "وقف نهج الجباية" في السياسة الاقتصادية والمالية للدولة.

ففي العاصمة عمان، شهدت مناطق محيطة بمنطقة الدوار الرابع محاولات عديدة ومتكررة ليل أمس لوصول آلاف المحتجين من أكثر من اتجاه إلى منطقة الدوار، حيث مقر الحكومة، للاعتصام هناك، فيما بدا أن الاستراتيجية التي اتبعتها قوات الدرك والشرطة منذ اليوم الأول للاحتجاجات حازمة في منع المحتجين من الوصول إلى الدوار، والسماح بالتجمعات الاحتجاجية في نقاط محددة بعيدا عن الدوار.

في مكان التجمع الأبرز بمحيط الدوار الرابع، التأم تجمع كبير للمحتجين بمنطقة الشميساني، سعى مرارا للوصل إلى الدوار الرابع، ما تسبب ببعض الاحتكاكات المحدودة مع قوات الدرك، التي تمكنت من الحؤول دون وصولهم الى الدوار ومنعت اغلاق الطرق الرئيسية.

بينما ارتفعت الأعلام الوطنية مناطق الاحتجاج وبعض المسيرات التي انطلقت باتجاه الدوار الرابع، وردد المشاركون الهتافات المنددة بالسياسة الحكومية والمطالبة برحيل الحكومة ووقف التردي المعيشي الذي يؤثر على "أغلب الشعب".

كذلك، شهدت العديد من المحافظات مساء أمس فعاليات احتجاجية واسعة انطلقت عقب صلاة التراويح، رفضا لمشروع القانون المعدل لضريبة الدخل، والسياسات الحكومية الاقتصادية، تخلل بعضها أعمال شغب.

وهتف محتجون بأكثر من وقفة واعتصام في المحافظات لرحيل الحكومة، ولتشكيل حكومة انقاذ وطني، وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل وإلغاء نظام الخدمة المدنية.

وشهدت محافظة إربد اعتصامات، طالب فيها المحتجون بـ"محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة بدلا من اللجوء لجيوب المواطنين لسد عجز الموازنة" ودعوا لتشكيل حكومة إنقاذ وطني "تديرها شخصيات نزيهة على مستوى الوطن لإعداد قانون انتخاب جديد".

وفي الزرقاء نظمت فاعليات شعبية في لواء الهاشمية وقفة احتجاجية نددت بالسياسات الحكومية الاقتصادية، مؤكدة على أهمية الحفاظ على الوطن وممتلكاته ووحدة صف الشعب الأردني.

ووسط محافظة عجلون نفذ المئات اعتصاما احتجاجيا، انتقدوا فيه إصرار الحكومة على رفض سحب قانون الضريبة، و"عجزها عن النهوض بالواقع الخدمي والمعاشي والتنموي للمواطنين"، مؤكدين أن وقفاتهم ستتواصل حتى رحيل الحكومة.

وفي جرش انطلقت بعد صلاة التراويح مسيرة شارك فيها المئات من دوار القيروان إلى ساحة بلدية جرش الكبرى، وهتف المشاركون برحيل الحكومة وإلغاء قانون ضريبة الدخل، والتوقف عن رفع الأسعار وسط حضور أمني كثيف، دون حدوث احتكاك أو فوضى.

وفي المفرق استمرت الاعتصامات رفضا لقانون ضريبة الدخل ورفع الأسعار، وهتف المعتصمون بإلغاء قانون الضريبة ورحيل مجلس النواب والحكومة.

وخلال الفعاليات التي قام بها التجمع الرسمي لأبناء البادية الشمالية، أكد المحتجون على وقوف الشارع الأردني بكافة مكوناته في صف الوطن والمواطن، معبرين عن رفضهم لسياسات ونهج الحكومة في "إفقار المواطنين".

وفي مادبا ندد المشاركون بوقفة احتجاجية أقيمت بميدان الحرية وسط ذيبان وشارك فيها المئات بسياسات الحكومة، والتي اتهموها بـ"تجويع الشعب"، وكان آخرها رفع الأسعار وقانون ضريبة الدخل.

وفي البلقاء، أغلق محتجون طريق السلط الأغوار - مثلث الصبيحي بالإطارات المشتعلة وسط تواجد الدرك.

وفي الكرك شارك مئات المحتجين باعتصامين في الكرك وبلدة المزار الجنوبي، امام دار المحافظة ودوار أضرحة المزار. وندد المحتجون بمواقف النواب، مطالبين باستقالة الحكومة ومحاسبة الفاسدين.

وفي معان واصلت فاعليات شعبية وشبابية امس بعد صلاة التراويح الاحتجاج، ونظمت مسيرة من أمام ميدان المرحوم سليمان عرار "دوار العقبة " باتجاه جسر الدفاع المدني الخط الصحراوي. وندد المشاركون بالنهج الحكومي برفع الأسعار وزيادة فرض الضرائب والاعتماد على جيب المواطن.

وفي العقبة تواصلت الاحتجاجات أيضا عقب صلاة التراويح، ونُظمت وقفة احتجاجية بدوار الشريف الحسين بن علي، منددة بسياسات الحكومة الاقتصادية، مطالبين برحيلها ورحيل مجلس النواب.

نوّاب يُطالبون برحيل الملقي

وقّع 57 نائبا على رسالة نيابية للملك عبدالله ، تطالب برحيل حكومة هاني الملقي، على وقع الاحتجاجات ضد سياسات الحكومة الاقتصادية.

وقال النواب الموقعون على المذكرة التي تبنتها كتلة الإصلاح النيابية، إن الثقة في هذه الحكومة أصبحت معدومة، حيث لم تعد تحظى بالثقة

واعتبروا أن ما يشهده الشارع نتيجة "سياسات التأزيم المتلاحقة، وتحويل حياة المواطن إلى حالة من الضنك والمعاناة، الأمر الذي يجعل رحيل هذه الحكومة ضرورة سياسية واقتصادية وأمنية".

تضامن نقابات مع الحراك العام

وقد جدد مجلس النقابات المهنية أمس تأكيده على مواصلة الإجراءات الاحتجاجية التي بدأها يوم الأربعاء الماضي، وذلك بتنفيذ إضراب ثان يوم الأربعاء المقبل، إذ وجهت النقابات أمس أعضاءها للمشاركة في الإضراب ضمن برامج معدة لذلك.

وبسبب الأوضاع السائدة في البلاد فقد ألغت نقابة الصحافيين الأردنيين احتفالها السنوي الذي كان مقررا  الثلاثاء المقبل، برعاية رئيس الوزراء هاني الملقي مندوبا عن الملك، وذلك بعد تداعي الصحافيين لإعلان مقاطعتهم الاحتفال الذي يعلن فيه عن الفائزين بجائزة الحسين للإبداع الصحافي.

كما أعلن رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونة عن إلغاء دعوات إفطار كان يفترض إقامتها الأسبوع الحالي لأعضاء المجلسين وشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة في البلاد، كما ألغيت العديد من الفعاليات التي كانت مقررة سابقا للظروف ذاتها.

التعليقات